الحمد لله ذي القدرة والجلال والنعم السابغة والافضال الذي من علينا بمعرفته وهدانا الى الاقرار بربوبيته وجعلنا من امة خاتم النبيين السامي بفضله على سائر العالمين الطاهر الاعراق الشريف الاخلاق الذي قال الله الكريم مخاطبا له في الذكر الحكيم وانك لعلى خلق عظيم صلى الله عليه و سلم وازلف منزلته لديه وعلى اخوانه واقربيه وصحابته الاخيار وتابعيه وسلم عليه وعليهم اجمعين دائما ابدا الى يوم الدين:
أما بعد:
قال العلامة الشهاب أحمد المنينى الدمشقي الحنفي في القول السديد :
إن علم الحديث لم رفيع القدر عظيم الفخر شريف الذكر لا يعتني به إلا كل حبر ولا يحرمه إلا كل غمر ولا تفني محاسنه على ممر الدهر لم يزل في القديم والحديث يسمو عزة وجلالة وكم عز به من كشف الله له عن مخبآت أسراره وجلاله إذ به يعرف المراد من كلام رب العالمين ويظهر المقصود من حبله المتصل المتين ومنه يدري شمائل من سما ذاتاً ووصفاً واسماً ويوقف على أسرار بلاغة من شرف الخلائق عرباً وعجماً وتمتد من بركاته للمعتني به موائد الإكرام من رب البرية فيدرك في الزمن القليل من المولى الجليل المقامات العلية والرتب السنية من كرع من حياضه أو رتع في رياضه فليهنه الأنس يجني جنانه السنة المحمدية والتمتع بمقصورات خيام الحقيقة الأحمدية وناهيك بعلم من المصطفى بدايته وإليه مستنده وغايته وحسب الراوي للحديث شرفاً وفضلاً وجلالة ونبلاً أن يكون أول سلسلة آخرها الرسول وإلى حضرته الشريفة بها الإنتهاء والوصول وطالما كان السلف الصالح يقاسون في تحمله شدائد الأسفار ليأخذوه عن أهله بالمشافهة ولا يقنعون بالنقل من الأسفار فربما ارتكبوا غارب الاغتراب بالارتحال إلى البلدان الشاسعة لأخذ حديث عن إمام انحصرت رواتيه فيه أو لبيان وضع حديث تتبعوا سنده حتى انتهى إلى من يختلق الكذب ويفتريه وتأسي بهم من بعدهم من نقلة الأحاديث النبوية وحفظة السنة المصطفوية فضبطوا الأسانيد وقيدوا منها كل شريد وسبروا الرواة بين تجريح وتعديل وسلكوا في تحرير المتن أقوم سبيل ولا غرض لهم إلا الوقوف على الصحيح من أقوال المصطفى وأفعاله ونفي الشبهة بتحقيق السند واتصاله فهذه هي المنقبة التي تتسابق إليها الهمم العوالي والمأثرة التي يصرف في تحصيلها الأيام والليالي.
من هؤلاء الرجال الأفذاذ أبو زرعة الرازي الذي بلغت شهرته الآفاق و كان من حفظه أنه سئل عن رجل حلف بالطلاق أن أبا زرعة يحفظ مائتي ألف حديث هل حنث ؟ قال لا ثم قال أبو زرعة أحفظ مائتي ألف حديث كما يحفظ الإنسان ( قل هو الله أحد ) وفي المذاكرة ثلاثمائة ألف حديث .
و ما أبكاني هو ما قرأت عن خبر وفاته فإليكم القصة :
روى الحافظ شمس الدين الذهبي في سير أعلام النبلاء خبر وفاة الحافظ الجهبذ أبي زرعة الرازي فقال :
قال أبو جعفر محمد بن علي، وراق أبي زرعة:
حضرنا أبا زرعة بماشهران، وهو في السوق (1) وعنده أبو حاتم، وابن وارة، والمنذر بن شاذان، وغيرهم، فذكروا حديث التلقين: " لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله " واستحيوا من أبي زرعة أن يلقنوه، فقالوا: تعالوا نذكر الحديث.
فقال ابن وارة: حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبدالحميد بن جعفر، عن صالح، وجعل يقول: ابن أبي، ولم يجاوزه.
وقال أبو حاتم: حدثنا بندار، حدثنا أبو عاصم، عن عبدالحميد بن جعفر [ عن صالح ]، ولم يجاوز، والباقون سكتوا، فقال أبو زرعة وهو في السوق: حدثنا بندار، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبدالحميد، عن صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة، عن معاذ ابن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخل الجنة " .
وتوفي، رحمه الله .
رواها أبو عبد الله الحاكم، وغيره عن أبي بكر محمد بن عبد الله الوراق الرازي، عن أبي جعفر بهذا.
قال أبو الحسين بن المنادي، وأبو سعيد بن يونس: توفي أبو زرعة الرازي، في آخر يوم من سنة أربع وستين ومئتين، ومولده كان في سنة مئتين.
ـــــــــــــــــــــــــــ00ـــــــــــــــــــــــــــ
المقدمة من كلام الخطيب البغدادي نقلا من كتابه الجامع لأخلاق الراوي و آداب السامع.
(1) السوق بمعنى النزع و الاحتضار.في لسان العرب :النزع كأَنّ روحه تُساق لتخرج من بدَنه
كتبه أبو أنس الصارم الصقيل عفا الله عنه و غفر له و لوالديه .
avt uglhx hgp]de : ohjlm Hfd .vum hgpskn >
المفضلات