بِسْمِ اللهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ ..
ولَك اللّهم الحَمْدُ ؛
واليَومُ ترقرقتْ من أعينِنا عَبراتٌ مَا وَجدَتْ مِنهَا بُدّا ..
وبَاغتَنا جَيشٌ من الهمِّ والحزنِ ..
تحركَ اليومَ خفيُّ الأنينِ .. وانبعثَ مستورُ الأشجانِ ..
مَاذا عسَانا أن نقولَ ؟!
فالفصَاحةُ قعيدةٌ عَلى كرسيِّ العيِّ !
رُحمَاكَ ربنا ولطفكَ ..
ويَا سُبحَانَ اللهِ ..!!
أفي مِثل مَرِّ النسِيم ، وغفوةِ الناعِسِ ، وخفقةِ القلبِ المُرهَفِ ؛ يَموتُ شيخنا ووالدنا الكريم !
فمَا كُنا نحسِبُ أنا سَنرثِي عَالِمًا إمامًا مَلكَ قلوبنا أدَبا.. وأضاءهَا لطفا.. وسَمَا بهَا خُلقا !
؛
.
شيخنا الذي ازدانتِ الحروفُ لتصفَّ اسمَهُ !
فهو / عبدُ اللهِ بنُ عَبدِ الرحمنِ بنِ عبدِ اللهِ بن ِإبراهيمَ بن ِفهدٍ بن ِحَمدٍ بنِ جبرين ..
- رَحمَهُ اللهُ وتغمَّدَهُ بواسِع رَحمَاتِهِ -
أفي مِثلِ وَمضَةِ البَرق الخاطِفِ .. ورَعشةِ العَين الحَالِمَةِ .. ومَرِّ الخيَال المُسعَدِ .. يَرحَلُ مَن مَلأ القلوبَ مَحبة و حنانا و شفقة !
هَلْ حَقا مَاتتْ تِلكَ النفسُ الصَّافيةِ صَفاءَ الدَّمعَةِ الكريمَةِ .. السَّامِيَةِ سُموَّ السَّحَابِ .. النيرَةِ نورَ القمَرِ ..
ورَحَلتْ مَعهُ الأيامُ المُفعَمَةِ بالجَمَال التي قضَاهَا بينَ أكنافِ العِلم وأروقتِهِ والدَّعوةِ إلى اللهِ وصِرَاطِهِ ..
مِن حين أن أشرقَ نورَهُ عَلى الدُّنيَا وذلك عَامَ 1352هـ في إحدى قرى القويعية ونشأ في بَلدةِ الرَّين ..
ثمّ بدأَ رحلَتَهُ فِي العِلمِ ،
ابتدأَ بالتّعلُّمِ فِي عَامِ 1359هـ .. وحيث لمْ يكن هُناكَ مَدارسٌ مُستمرةٌ ..
تأخرَ في إكمَال الدِّرَاسَةِ ، ولكنهُ أتقنَ القرآنَ وسنهُ اثنا عشر عاما !
وتعلمَ الكتابة وقواعِدَ الإمَلاءِ البُدَائية ..
ثم ابتدأ في الحِفظِ وأكمَلهُ في عَام 1367هـ وكان قد قرأ قبلَ ذلِكَ في مَبَادِئَ العلوم ، ففي النحو عَلى أبيهِ قرَأ أولَ الآجرومية وكذا متنَ الرَّحبيةِ في الفرَائض وفي الحديثِ الأربعين النووية حفظا .. وعُمدَة الأحكام بحِفظِ بَعضِهَا ..
وبَعدَ أن أكمَلَ حِفظ َالقرآنِ ابتدأ في القراءةِ عَلى شيخِهِ الثاني بَعدَ أبيهِ وهو الشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري المعروف بأبي حَبيب ؛ وكانَ جلُّ القراءةِ عَليهِ في كتبِ الحديثِ ابتداءً بصحِيح مُسلم ثم بصحيح البُخاري ثم مختصر سنن أبى داود وبعض سنن الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي ..
وقرأ كُلَاً مِنْ /
سبلَ السَّلام شرحَ بلوغ المَرام كله | شرحَ ابنَ رجبٍ على الأربعين المسمّى جامعَ العُلومِ والحِكَمِ فِي شَرْحِ خَمْسِينَ حديثاً مِن جَوامعِ الكَلِمِ | بعضَ نيلَ الأوطارِ على منتَقَى الأخبارِ | تفسيرَ ابنَ جريرٍ وهُو ملِيءٌ بالأحاديثِ المسندةِ والآثارِ الموصولةِ وكذا تفسيرَ ابن كثيرٍ | كتابَ التوحيدِ الذي هو حَق اللهِ عَلى العَبيدِ ، وأتقنَ حِفظَ أحاديثهِ وآثارهِ وأدلتهِ وقرأ بعضَ شروحِهِ | الفقه الحنبلي متنَ الزادِ حِفظا وقرأ مُعظمَ شروحِهِ | وكتب أخرى في الأدبِ والتأريخ والتراجم ..
واستمرَّ إلى أولِ عَام أربع وسبعينَ حَيث انتقل مع شيخهِ أبي حبيب إلى الرياض .
وانتظمَ طالبا في مَعهدِ إمَامِ الدعوةِ العلميِّ ..
فدرسَ فيه القسمَ الثانويَّ في أربعِ سنواتٍ وحصلَ على الشّهادةِ الثّانويةِ عام 1377هـ وكَان ترتيبُه الثانيَ بين الطّلابِ النَّاجحين البَالغِ عددُهم أربعةَ عشرَ طالباً !
ثم انتظمَ فِي القسمِ العالِيْ فِي المعْهدِ المَذكُورِ ومدّتُه أربعُ سنواتٍ ومُنِحَ الشّهادةَ الجَامِعيّةَ عام 1381هـ وكان تَرتِيبُه الأَوّلَ بينَ الطُّلابِ النَّاجِحين البَالغِ عددُهم أحدَ عشرَ طالباً وعُدّلَتْ هَذِه الشّهادةُ بكلّيةِ الشّريعَةِ .
وَفِي عام 1388هـ انتظَمَ فِي مَعْهدِ القَضاءِ العَالِيْ ودَرسَ فِيهِ ثَلاثَ سنواتٍ ومُنِحَ شَهادةَ الماجستيرِ عام 1390هـ بتقديرِ جيّدْ جِداً ..
وبعدَ عَشرِ سنواتٍ سجّلَ فِي كُليةِ الشّريعةِ بالرياضِ للدكتوراه وحصلَ على الشهَادةِ فِي عامِ 1407هـ بتقديرِ ممتازٍ مع مرتبةِ الشّرفِ ..
وأثناءَ هذِه المدةِ وقَبْلَها كان يقرأُ على أكَابِرِ العلماءِ .. ويَحْضُرُ حلقاتِهم ويُناقِشُهُمْ ويَسألُ ويستفيدُ من زملائِه ومِن مشائخِهم في المذاكَرةِ والمَجالسِ العَاديةِ والبحوثِ العلميةِ والرحلاتِ والاجتماعاتِ المعتادةِ التّي لا تخلُو منْ فائدةٍ أوْ بحثٍ في دليلٍ وتصحيحِ قولٍ ونحوِه ..
[ من هنا .. حلقة صفحات من حياتي مع الشيخ رحمه الله ]
؛
.
يالله ..
سَقى اللهُ تِلكَ الأيامِ التي تحَلَّتْ بمكوثِه بيننا ..
أوْ رحلَ عنِ العينِ .. وتوارَى حيثُ يسكنُ وحدَه فِي قعْرِ لحدٍ بَلْقَعٍ .. لا أنِيسَ ولا صَاحبَ .. ولا والدَ ولا ولدٍ ..
اللّهُم لا رادَّ لقَضَائِك الذّي حمَّ ووَقَعَ .. ولا مُعَقِّبَ لحُكْمِك !
لا نَدْرِيْ هَلْ نَقولُ قدْ فقَدنَا وَالِدَنا ..!
أم شَيْخَنا ..!
أم مُرَبِّيَنا ..!
أمْ تِلْك الابْـتِسَامَة التي تُؤْنِسُ القلْبَ وَتُنْعِشُ الجَسدَ ،
لقدْ رَحلَ عَنّا بِذَاتِهِ وقَلَمِهِ .. ولَكنْ بَقِيَ أَثرُه يُرَفْرِفُ خَفّاقاً على سَوادِ الدّنْيَا ومَلءِ البسيطةِ ..
لتُضِيءَ لِمنْ رَامَ مَعالِم الطّريقِ نَحْوَ السّمُوِّ فِي الكلمةِ .. والسّماحةِ فِي الطّبعِ .. والغَزَارةِ فِي العِلْمِ .. والعُلُوّ فِي الهِمةِ ..
لَكَمْ كُنّا نَوَدُّ طُولاً مِنْ بَقَاءِ أَيّامِكَ .. وحِرْزاً مِنْ أُنْسِ أَوْقاتِكَ ..
ولَكنّ القَدَرَ أَسْبَقُ مِنَ الأَمَانِي ..
والمَوتُ أَسْرعُ خَطْواً إِلَى النّاسِ مِن العَافِيةِ .. يَدُبّ فِيهِمْ دَبِيْبَ القَطَا .. فَيَضْرِبُ بِسَوْطِهِ .. ويَتْرُك الصّغِيْرَ وآلَهٌ . .والكَبِيرَ مَشْدُوهاً ..
وَيُثْبِتُ لِلجَمِيعِ أَنّ القَدَرَ سِرُّ اللهِ فِي أَرْضِهِ .. وَسَهْمٌ نَافذٌ فَغَيرُ مردودٍ ..
لا نَدْرِي وَاللهِ بِمَ نُسَلّي أَنْفُسَنَا .. وَقَدْ فَقَدْنَا مِن الدّنْيَا نَعِيمَها .. وَمِن الحَياةِ عَافِيَتَها .. وَمِن السّعادةِ قِمّتَها .. وَصِرْنا مِن الحُزْنِ كَطَيْرٍ قُصّتْ مِنهُ أجْنحَتهُ .. وتَرَكَه سِربَه يُقَاسِي شِدّة الرّيحِ .. وقُوّةَ العاصِفةِ بمفردِه ..
فَلا الآلةُ تساعِدُ وَلا البَدنُ يَقْوَى على الصُّمودِ ..
؛
.
.
.
لقدْ اُسْلِمَتْ تِلك الرُّوحُ الطَّيبةُ إِلى بارِئِها ظُهْرَ يومِ الِإْثَنينِ ، 20 مِن شَهْرِ رَجَبَ مِن العامِ الهِجريّ 1430 ..
نَعَمْ .. نَعَمْ .. ماتَ وَالدُنا وبَهْجَةُ أنْظارِنا ..
وَإنّنَا نَقْرَأُ فِي نَعْيِه نَعْياً لأَنْفُسِنا .. فإِنّ كُلَّ ما هُو آتٍ آتٍ لا مَحَالَةٍ .. فَهَلْ أَعْدَدْنا العُدّة لِذلِك الأَجلِ المَضرُوبِ .. والَمصيرِ المُرْتقَبِ .. واليَوْمِ المَشهُودِ ؟؟
إنّ النفسَ لتَصْبُو إِلى الغِوايةِ .. وتَحِنّ إِلى العَبثِ .. وفِيها هِمّةٌ تُناطِحُ السّحابَ .. إنْ أردْنا إِعْمَالَها ..
وما هذِهِ الحَوادثُ وتِلكَ النّوائبُ إِلا زَواجِرَ و عِظاتٍ ..
فَمنْ لَم يَتّعِظْ فِي مَمَرِّ الحَيَاةِ وَمَكْرُورِ أَيّامِها .. فَلْيَتّعِظْ بِذكْرِ المَوْتِ و رَحِيْلِ الأَمْواتِ .. فَهِي وَاعظٌ عَظِيمٌ لِمنْ أَلْقَ السّمْعَ وهُو شَهِيدٌ ..
وقَدْ كانتْ حياتُكَ لي عِظاتٌ ********** فأنتَ اليومَ أوعظُ منكَ حيّاً
اللّهم ارحَمْ عَبْدَكَ الشّيْخ عبدالله بن جِبْرِين .. وأَفْسِحْ له فِي قبرِه .. وتَجاوَزْ عن سيئاتِه .. وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِه فِي الغَابِرِين .. ونَوِّرْ ضَرِيْحَهُ .. وأَسْكِنْه الفِرْدَوسَ الأعْلَى ..
اللّهم أَبْدِلْه داراً خيْراً مِنْ دَارِهِ .. وَأهْلاً خَيْراً مِن أَهْلِه ..
اللّهم لا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ ولا تَفْتِنّا بَعْدَه ..
المرءُ رهنُ مصائبٍ لا تنقضِي ********** حتّى يُوارى في ثرى رمسهِ
فمُعجّلٌ يلقى الرّدى في أهلهِ ********* ومؤجلٌ يلقى الرّدى في نفسهِ
؛
قال الشيخ رحمه الله
أعوذ بالله أن أكون في أعين الناس كبيرا وعند الله صغيراً
فلاشات عن الشيخ
http://dc04.arabsh.com/i/00300/wjc3ag2mhzu7.swf
http://dc04.arabsh.com/i/00300/4mtcwlxsbn9a.swf
http://dc02.arabsh.com/i/00300/h1arnej8dr2w.swf
منقول عن أستاذى الحبيب
أبو أنس الأنصاري
Hf;Ad ugn adoAdK ,udkAd w,jEiQh>>dh rJJgfE idiSK H;evk~Q ]EuQJh;Jh
المفضلات