بسم الله الرحمن الرحيم
إن المتدبر في القرآن الكريم لا يمكن أن يقول إن فيه ترادف ألفاظ .. فليس هناك شيء في القرآن الكريم اسمه توارد ألفاظ ولكن هناك دقة بالغة في التعبير .. واختيار اللفظ
فالنظر إلى المعنى الذي قد لا يفطن إليه كثير من الناس ..
مثلا فإن وأد البنات كان موجودا في الجاهلية .. ثم جاء الإسلام ليمنع هذا .. فقال الله سبحانه وتعالى : { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }{الأنعام:151} .. نلاحظ أن الكلام هنا عن الفقر وقتل الأولاد ..
نأتي بعد ذلك إلى الآية الثانية .. : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً }{الإسراء:31} والآية الأولى : { ٍنَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ .. َ }
والآية الثانية : { نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم ..ً } نتساءل ماهو الخلاف .. ؟؟؟؟
الآية الأولى تقول { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍَ } .. أي أن الفقر موجود فعلا .. الإملاق وهو الفقر موجود فعلا .. ثم يقول الله سبحانه وتعالى { ٍنَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ َ } .. ما دام الفقر موجودا فعلا .. يكون الإنسان مشغولا برزقه أولا .. يبحث عن طعامه هو أولا ثم بعد ذلك يبحث عن طعام من سيأتي به من أولاد .. همّ الإنسان هنا هو البحث عن طعامه وطعام زوجته ..
ومن هنا يقول الله سبحانه وتعالى : { ٍنَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ َ } .. أي أنه يطمئنه أولا على رزقه الذي هو شغله الشاغل .. ثم بعد يطمئنه على رزق أولاده فيقول له : أنت فقير ومشغول برزقك .. وتخشى أن تأتيك الأولاد .. لأنك لا تملك ما تطعمهم به .. إنني أرزقك وأرزقهم ..
انك لك رزقك وهم لهم أرزاقهم لن يأخذوا من رزقك شيئا
ولكن الآية الثانية تخاطب نوعا آخر من الناس .. الآية الثانية تقول : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم}
هنا الإنسان ليس مشغولا برزقه لا يخشى الفقر ... عنده ما يكفيه .. ولكن يخاف أن رزق بطفل أن يصاب بالفقر .. أن يأخذ هذا الطفل جزءا من الرزق .. ويصبح الرزق لا يكفيه .. ويكفي طفله .. ومن هنا فإن هذا الإنسان يخاف إنجاب الأطفال .. لماذا ؟ لأنه يخشى أن يأخذوا من رزقه شيئا .. فيصبح فقيرا ..
فيقول الله سبحانه وتعالى : { نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} .. الآية الأولى كان الشغل الشاغل الإنسان هو رزقه .. فخاطبه الله سبحنه وتعالى أولا بقوله نحن نرزقكم .. ليطمئنه أولا على رزقه ..
الآية الثانية رجل ميسر في الرزق لكنه يخشى الفقر من الأولاد .. فالله طمأنه على أن الأولاد لن يأخذوا من رزقه شيئا بقوله سبحانه وتعالى : { نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} وقال : { نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} ..
ولم يقل نحن نرزقكم جميعا ؟ لأن الله سبحانه وتعالى يريد أن نعرف إنه لكل إنسان في هذه الدنيا رزقا مستقلا عن الآخر .. وهذا الرزق الذي قسمه الله سبحانه وتعالى لا يستطيع إنسان آخر أن يأخذ منه شيئا ..
ومن هنا فالمولود لا يأخذ من رزق أبيه شيئا .. والوالد لا يأخذ من رزق ابنه شيئا .. ولأعلم أنني حينما أرزق بمولد أن الله سبحانه وتعالى لا يقسم رزقي بيني وبينه .. أو عندما أقتل المولود لن استأثر أنا برزق أكبر .. أبدا
هذه بعض تأملات للشيخ الشعراوي رحمه الله بشيء من التصرف
وهكذا القرآن لا تنتهي عجائبه ................
ig td hgrvNk jvh]t Hgth/ ?? ( kpk kv.ril ,Ydh;l ) , ( kpk kv.r;l ,Ydhil >>
المفضلات