بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأن نبينا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم عبده ورسوله
يعتقد الكثير من الناس أن هذا المصطلح خاص بسلوك ونفسية الرافضة هدانا الله وإياهم في نسبهم إياها لآل البيت النبوي عليهم الصلاة والسلام وهم منها براء كما سنرى، إلا أن هؤلاء نظروا من منظار ضيق للغاية،فهذه العقدة كما سنرى رافقت الخلق منذ خلق أبينا آدم عليه الصلاة والسلام وستظل إلا أن يرث الله الأرض ومن عليها وما عليها، وسنتعرض لتاريخها من البداية إلا يومنا هذا من الحديث عن تفاصيل أعراضها وتشخيصها
أول ما نشأت هذه العقدة عند إبليس قبحه الله،أمره رب العزة جل شأنه بالسجود لآدم عليه الصلاة والسلام فأبى واستكبر،فنلاحظ أولاً بأن إبليس عارض النقل بعقله الفاسد،فالنقل هو أمر الله بالسجود،واغتر بكثرة عبادته ومكانته يومها ،وظن بأنه خير من آدم ومن الملائكة عليهم الصلاة والسلام بأنهم سمعوا وأطاعوا الأمر الإلهي وأن عقله وكثرة عبادته مبرر لرفضه وخروجه على أمر الله تبارك وتعالى،فكانت النتيجة لعنة الله عليه وإقصائه إلى يوم الدين،فتحرك في داخله الحسد والحقد والأنانية على آدم عليه الصلاة والسلام وذريته فأراد أن يستدرجهم بكل الوسائل إلى صفه إلى يوم الدين ونشر الفتن والفساد في الأرض والإباحية والكفر والإلحاد والعياذ بالله،وترافق كل هذا مع شعور داخل نفس إبليس بالمظلومية والشعور بالاضطهاد وهضم حقه
المخلوقات المكلفة التي هي الإنس والجن على ثلاثة أقسام:الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً،المغضوب عليهم وهم اليهود كما في التفاسير، والسر وراء ذلك أنهم ضالون مضِلُّون، والضالون وهم كما في التفاسير النصارى، والسر وراء ذلك هو أنهم انقادوا لأكاذيب اليهود وتضليلهم ولم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق،وحتى من كان في أمة محمد صلى الله عليه وسلم،فمن عرف الحق وكتمه وأظهر الباطل وضلل الخلق فهو متشبه باليهود،ومن آمن على عمى بكل شيء وأطفأ سراج عقله وقلبه عن الحق واتبع كل ناعق ينعق فهو متشبه بالنصارى
ثم انتقلت إلى قابيل ابن آدم عليه الصلاة والسلام،فلقد شعر بأن أباه هضم حقه في أخته التوأم وأنه أحق من أخيه هابيل في أخته وخرج على أمر أبيه آدم عليه الصلاة والسلام،فكانت النتيجة أنه سفك دم أخاه وتزوج من أخته بشكل غير شرعي وهرب معها
وممن عانى من المظلومية والشعور بالاضطهاد أخوة يوسف عليه الصلاة والسلام،فلقد ظنوا بأن أباهم يعقوب عليه الصلاة والسلام ٍقد ظلمهم وهضم حقهم بتفضيل ولده يوسف عليه الصلاة والسلام عليهم،فكانت النتيجة كما نعرفها من سورة يوسف في القرآن الكريم
وممن عانى من المظلومية هم بني إسرائيل،فلقد خرجوا على أوامر الله ونقضوا عهوده عروة عروة وكابروا واستكبروا وعاندوا وكفروا وأشركوا ووصل بهم الأمر إلى طلب رؤية الله جهرة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،وساهم تشردهم في التيه وغير التيه على مر العصور على يد نبوخذ نصر وغيره في تكريسها وفي عصرنا الحالي ساهمت عقدة الهيليوكوست في تعزيزها،والهيليوكوست هي الأفران النارية التي كان النازيون يستخدمونها لحرق اليهود،ونلفت النظر إلى أن المؤرخين لازالوا إلى يومنا هذا في حيرة فيما إذا كانت الهيليوكوست حقيقة أم كذبة مختلقة منهم لكسب الدعم العالمي لهم،وانتقلت بعدهم إلى سبينوزا الفيلسوف اليهودي،فلقد تم تهجيره مع قومه على يد محاكم التفتيش في إسبانيا بعد فراغهم من الموحدين أبناء الأندلس عند سقوط الدولة الإسلامية، ونراها في فلسفته وفلسفة كارل ماركس مؤسس الشيوعية الذي احتذى حذو سلفه سبينوزا،وزاد في الطين بلة كما هو معروف فقر كارل ماركس وفشله الدراسي وموت ابنتيه منتحرتين ،ونجد الشيوعيين تحت مبدأ"الأرض للفلاح والمعمل للعامل"يأخذون مالاً ليس من حقهم، ويسفكون دماءاً محرمة عند الله،بل ويتعدى ذلك باتهام الأغنياء على وجه العموم دون الاستثناء بأن هذا الأموال ليست من حقهم على الإطلاق وأنها من حق الشعب والعامة
ولا بد لنا من لفتة مهمة في شخصية أهل المظلومية،فإنهم وإن استلموا مواقع قيادية في المجتمعات فهم دائماً وبشكل مستمر،أنانيون،حسودون،يحسنون الظن بأنفسهم ويسيئون الظن بغيرهم إلى أبعد الحدود،يعتمدون على مبدأ إما أنا وإما أنت،يفسدون بقصد الإصلاح،أنانيون إلى درجة قد تصل بهم كما سنرى إلى ارتكاب الأفعال المشينة وإلصاقها بالطرف الآخر البريء
وممن عانى من المظلومية أيضاً النصارى،فعقيدتهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم _ وحاشاه _ ملك سلطه الله على رقاب الملوك والنساء وأن أتباعه كذلك سفاحون شهوانيون يريدون السيطرة على العالم باسم الفتوحات ونشر التوحيد،والنصارى واليهود أيضاً خالفوا المنقول بمعقول ساداتهم وكبرائهم،وهذا لا يتوقف على رفضهم القرآن الكريم،بل خالفوا حتى كتبهم المقدسة التي يدعون بأنها كلمة الله،والشيوعيون أيضاً خرجوا على الكتب السماوية باسم التجديد وبث الإبداع وإحياء الفكر والعقل والمنطق،وسفكوا الدماء المعصومة واستباحوا الأعراض والأموال بغير الحق واستكبروا وعلوا في الأرض علواً كبيراً،ونضيف أيضاً عاملاً مهماً في نفسية أهل المظلومية وهو المادة والشهوات،فدافع قابيل كان شهوته وماديته كما هو معروف بالبديهة، ودافع الشيوعيين هو المادة التي هي صلب عقيدتهم ومتعلقها كما هو معروف أيضاً، ودافع اليهود كذلك الأمر،ويكفي لنعرف أثر المادة على نفسية اليهود بأن نقرأ ترجمة كلمة يهودية إلى الإنكليزية"Jewish"ولنقرأ ترجمة كلمة مجوهرات إلى الإنكليزية أيضاً"Jewelry"فشهوة الملك والاستعلاء والنساء وحب الدنيا وغيرها من الدوافع ،بالإضافة إلى مبدأ"الغاية تبرر الوسيلة"أودى بكل هؤلاء إلى أحضان إبليس فضلوا وأضلوا وأفسدوا في الأرض بقصد الإصلاح ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
نأتي الآن إلى الخوارج والتكفيريين،لننظر إلى أول خارجي بعد بعثة محمد صلى الله عليه وآله وسلم،تأملوا هذا الحديث من صحيح البخاري:" قال أبا سعيد الخدري رضي الله عنه بينا النبي صلى الله عليه وسلم يقسم ذات يوم قسما ، فقال ذو الخويصرة ، رجل من بني تميم : يا رسول الله اعدل ، قال : ( ويلك ، من يعدل إذا لم أعدل ) . فقال عمر : ائذن لي فلأضرب عنقه ، قال : ( لا ، إن له أصحابا ، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يمرقون من الدين كمروق السهم من الرمية)لاحظوا الدافع المادي عند ذي الخويصرة،ثم لاحظوا شعوره بالمظلومية،ثم لاحظوا رد عمر رضي الله عنه عليه لتعلموا خطر هؤلاء القوم،ولاحظوا أيضاً بأنه ومن يأتي بعده كثيروا العبادة والصلاة والصيام والزهد في الدنيا،يحسنون الظن بأنفسهم لدرجة أنهم نصبوا أنفسهم حكاماً على دماء الناس وأموالهم وأعراضهم،يسيئون الظن بغيرهم لدرجة أنهم أباحوا لأنفسهم تفجيرهم وقتلهم رجالاً ونساءاً ،شباباً وشيوخاً وأطفالاً،وكل هذا "في سبيل الله وإعلاء كلمة التوحيد،ولقد سمعت على قناة الأثر الفضائية أحد العلماء حفظه الله يعلق على حديث تحريم الأكل والشرب في أواني الذهب بقوله :"ولعل الحكمة في هذا التحريم والله أعلم،هو الحرص على ألا تنكسر قلوب الفقراء،ولقد نشأ رؤوس التكفير في العالم في أحياء يسكنها أغنياء مسرفون،وأنا أعرفهم بأسمائهم وأماكن سكنهم".
1. وممن عانى من المظلومية أيضاً المجوس ومن كان في جذورهم ومن تبعهم من المعتزلة والرافضة،فقبل المجوس كانت هنالك وثنيات متعددة نذكر منها المزدكية،وهنا أود أن ألفت النظر إلى أن ماركس ليس أول من نادى بالشيوعية ،فلقد سبقه إليها مزدك المجوسي ، يقول في كتابه "الملل والنحل" في حديثه عن عقيدة المزدكية:"كان مزدك ينهى الناس عن المخالفة والمباغضة والقتال ولما كان أكثر ذلك إنما يقع بسبب النساء والأموال أحل النساء وأباح الأموال وجعل الناس شركة فيهما كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ
وحكي عنه أنه أمر بقتل الأنفس ليخلصها من الشر ومزاج الظلمة
ومذهبه في الأصول والأركان أنها ثلاثة : الماء والأرض والنار
ولما اختلطت حدث عنها مدبر الخير ومدبر الشر فما كان من صفوها فهو مدبر الخير وما كان من كدرها فهو مدبر الشر
وروي عنه أن معبوده قاعد على كرسيه في العالم الأعلى على هيئة قعود خسرو في العالم الأسفل وبين يديه أربع قوى :
قوة التمييز والفهم والحفظ والسرور
كما بين يدي خسرو أربعة أشخاص :
موبذ موبذان والهربذ الأكبر والأصبهيد والرامشكر"
ولنتأمل كلام الشهرستاني بدقة،فالمزدكيون نظروا إلى مشاكل العالم فأفردوها في المادة المتمثلة بالنساء والمال،فأتوا إلى المال فجعلوه مشاعاً وهضموا حقوق العباد،وأتوا إلى النساء فجعلوهن أيضاً مشاعاًَ ونشروا الإباحية كما فعل الشيوعيون أيضاً، وأما أمره بقتل الأنفس لتخليصها من الشرور فهذا أيضاً من الإجرام المتوارث عن سلفهم قابيل،وكل هذا من حسن الظن بالنفس وسوء الظن بالغير، والاستكبار في الأرض بغير الحق، والإفساد بقصد الإصلاح،نضيف إلى ذلك قولهم بأن بين يدي مدبر العالم حسب عقيدتهم أربعة قوى:قوة التمييز والفهم والحفظ والسرور،فهذا كله من أثر الفلسفات عليهم،وأما بالنسبة للمعتزلة فأصولهم الفارسية أمر معروف تاريخياً لمن لديه اطلاع،ولقد وافقوا إبليس في تقديم العقل على المنقول،وقولهم بأن القرآن مخلوق وحده يكفي،لأن الخالق لا يخطئ والمخلوق يخطئ ويصيب،وكل مخلوق يموت والله حي لا يموت،ثم يناقضون قولهم بإقرارهم بأن القرآن كلام الله،وممن عانى من المظلومية أيضاً ورثة المعتزلة الذين يتسمون في عصرنا بالعقلانيين، والحديث عن هؤلاء يطول كثيراً لكننا سنكتفي بتبيان جذورهم المشبوهة فقط،فزعيمهم هو المدعو جمال الدين الرافضي الإيراني الذي ادعى تقية أنه أفغانيٍ،وتلميذه محمد عبده،وتلميذي محمد عبده :الأول هو محمد رشيد رضا، والثاني قاسم أمين صاحب دعوى تحرير المرأة الشهيرة
شاهدوا وثيقة انتخاب جمال الدين المتأفغن رئيساً لمحفل كوكب الشرق الماسوني في القاهرة،ونذكر بأن كوكب الشرق هو لقب المغنية التي كانت تسمي نفسها أم كلثوم(تأملوا إلى أين وصلوا بخداع الناس بأهل البيت النبوي الأطهار)
وشاهدوا هذه الوثيقة وهي من مراسلاته للماسونيين توضح ثناءه على الآراء الفلسفية الإلحادية الهدامة
شاهدوا أيضاً هذه الوثيقة لصحيفة الأهرام لمظاهر احتفال المحفل الماسوني الذي يرأسه جمال الدين المتأفغن وقتها
يتبعur]m hgl/g,ldm
المفضلات