نعود للسؤال الأصلي :-لماذا هذه المعجزات للمسيح؟
لماذا إحياء الموتى ونفخ الروح في الجمادات وشفاء الأعمى والولادة غير الطبيعية والوفاة غير الطبيعية؟
نقول لقد عَتَوا بنو إسرائل وعَصَوا ربهم إلى أن تجمدت وتحجرت قلوبهم
فأصبحوا لا يؤمنون إلا بالمادة وطغيان الجسد على الروح
أصبحوا لا يعترفون إلا بما هو ظاهر أمامهم ولا يؤمنون بما هو غائب عنهم
حتى إنهم فضلوا عبادة العِجل الماثل أمام أعينهم على عبادة الله العلي لأنهم لا يرونه أمامهم
ووصلت بهم الجرأة والوقاحة إلى أن طلبوا رؤية الله جهرة فأخذتهم الصاعقة
لذلك:-----
أرسل الله نبيه عيسى عليه السلام بالبينات والمعجزات الخارقة للعادة والطبيعة حتى تلمس هذه الخوارق قلوبهم وتحرك مشاعرهم تجاه إله لا يُرى بالعين المجردة
إله يحكم ويُقَدر ويُقسِم الأرزاق من دون أن يراه بشر
فأراد الله بالمسيح عليه السلام أن يخرق العادة ويلغي الأسباب المادية التي تعلقت بأذهان يهود بني إسرائيل
فأصبح كل ما يحيط بالمسيح منذ ولادته لا يخضع لقوانين الطبيعة ومسببات الأسباب
فكانت ولادته بدون سبب مماثل لأسبابهم
قد تقول ولادته هذه معجزة خارقة ولم يسبقه إليها بشر...
لذلك فهو إله.
نقول لك :-بلى كذبت :36_1_30:
بل خلق الله ما هو أعظم من ذلك
لن أقول لك انظر في خلق السماوات والأرض والأفلاك والكواكب التي خلقت من لا شئ
ولكن الذي خلق آدم أبو البشر بدون سبب واحد
وخلق حواء من رجل واحد بسبب واحد
قادر على أن يخلق المسيح بسبب واحد من امرأة واحدة
وقادر على أن يخلق بسببين وهو الذكر والأنثى
فولادة المسيح هذه إحدى آيات الله في خلقه
يسيرها على من يشاء من عباده
فلماذا إذاً لا نعبد آدم الذي كان خلقه أعظم من خلق المسيح؟
ولماذا لم نعبد حواء التي تشابه خلقها بخلق المسيح؟
فحواء خلقت من ذكر والمسيح خلق من أنثى
ما الفرق بينهما؟
فتلك هي المعجزة التي أراد الله بها أن يرفع بنو إسرائيل إلى الروحانيات التي قتلوها ودفنوها في مقابر قلوبهم المتحجرة
ولا ننسى أن رحمة الله واسعة فلم يريد الله الهوان للمسيح ولا لأمه طيلة حياته ولا حتى بعد مماته
أراد الله أن يرفع شأنه في الدنيا وشأن أمه وأيضاً بطريقة روحانيه لا تخضع للمادة
فبدأ الله بالسيدة مريم
لم يفاجئها هكذا بالحمل والولادة ولكن أراد الله أن تصَدق مريم نفسها أولاً بأن حملها وولادتها معجزة ربانية ولا دخل للبشر فيها
فأخبرها الله أنه اصطفاها وطهرها على نساء العالمين
فإذا كانت نساء العالمين يلدن من رجل
فأنتِ يا مريم تلدين من دون رجل
وهذه هي الطهارة التي لم ولن تنالها امرأة من نساء الكون
وهي أن تلد بدون أن يمسها رجل
منتهى الطهارة والنقاء والصفاء الرباني الروحاني
فأرسل الله لها الملك فتمثل لها بشراً سوياً وبشرها بهذا الاصطفاء
فوثقت من أمر ربها وصدقت من داخلها أولاً أنها معجزة خارقة سوف تكون هي سبباً فيها
وحتى لا تنتابها الشكوك أو تتخيل أنها خُدِرَت وأصيبت من أحد الرجال بهذا الحمل بدون أن تشعر
أرسل الله لها الملك يبشرها
وهنا وبعد الولادة تأتي رحمة الله جلية في أعلى وأعظم صورة
فرحمة الله تأبى أن تُتَهَم فتاة بريئة في شرفها ولو كان حتى الناتج رسولاً نبيا
فأيدها الله بعد ولادتها بمعجزة أخرى
أمرها الله ألا تُكَلم أحدا
وكما خلق الله الجنين بغير العادة سوف يجعله يتكلم في المهد بغير العادة
(فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا)
فأشارت إليه
أي إسألوه هو وتكلموا معه هو
فقالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا؟
فأنطق الله المسيح عليه السلام بطريقة خارقة للعادة
وكانت هذه ضربة أخرى للمادة في مقتل
طريقة غيبية تُخضِع القلوب قبل العقول
وترمي المادة وراء ظهرها وتحيي الغيبيات التي واراها بنو إسرائيل تحت التراب
فخالق المادة بسبب قادر على خلقها بدون سبب
وقبل أن يخلق الخالق المادة كان هناك العدم
فكما خلق الله آدم من العدم ومن لا شئ قادر على خلق المسيح من أي شئ
وكما خلق الله حواء من آدم فقط أليس بقادر على أن يخلق المسيح من مريم فقط؟
وكما أنطق الله الطفل في سن عامين أو ثلاثة
أليس بقادر على إنطاقه في سن يومين أو ثلاثة؟
لهذا نرى أن جميع خوارق الطبيعة سيطرت على رسالة المسيح ومعجزاته وحياته
فالذي أرسله هو خالق الخوارق فلن يصعب عليه أن يمد أحد عباده ببعض الخوارق ليؤمن به المنكرين لوجود الغيبيات
فنرى أن من آياته إحياء الموتى بأمر الله،يخلق من الطين كهيئة الطير بأمر الله
يتبع إن شاء الله...
المفضلات