فتية قادمون
حديثي في هذا المبحث إلى صنف من الشباب، لا يحضر دعوةً إلى الاستقامة والصلاح، ولا يحافظ على الصلوات الخمس مع الجماعة، صنف أبعدته الشهوات وملذات الدنيا الفانية عن القرب من ربه سبحانه وتعالى، والتشبه برسوله صلى الله عليه وسلم، وهم في الأصل مسلمون، وولدوا لأبوين مسلمين، فأقول:
إن قلبي يحن لهم، وأريد أن يحضروا المحاضرات، ويتركوا المنتزهات، والمقاهي، والأرصفة، وأماكن اللهو، يا ليتهم يحضرون ليروا إخوانهم من المؤمنين الصادقين، أهل الصلوات الخمس، أهل الولاية العامة والخاصة، الذين يحبون الله ورسوله، إنني أُبلغهم قول القائل:
أهلاً وسهلاً والسلام عليكُمُ وتحية منا تُزف إليكُمُ
أحبابنا ما أجْمَلَ الدنيا بكم لا تقبح الدنيا وفيها أنتُمُ
أهتف من كل قلبي إليهم أن يشاركوا شباب الصحوة في صَلاحِهم وفي استقامتهم.
أيها الشباب الذين لم يحضروا مجالس الذكر والخير، وألهاهم المباح، أو شغلهم الذي يؤدي بهم إلى المكروه، أو الأمر المحرم عن الحضور
نناديكم؛ لأن بيننا وبينكم عهداً وميثاقاً، هو: ميثاق: ((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ))، عهد: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
فحقٌ علينا أن نناديكم، وأن نهتف بكم، وأن نزوركم
وأن نزفكم إلى رحاب محمد، عليه الصلاة والسلام.
إلى هنا، حيث البر، والعفاف، والاستقامة، والذكر.
إلى هنا، حيث الأمجاد، والتاريخ، وحيث الحنيفية السمحة.
إلى هنا، حيث القبسات الإيمانية، وإشعاع النور، والانطلاقة الكبرى التي بثها في الكون محمد عليه الصلاة والسلام.
أنادي في قلوب أولئك الشباب بقية الإيمان، وفي قلوبهم بقية من إيمان، فلم ينتزع أصل الإيمان مِن قلوبهم، بل لا زالت بذرة الإيمان في نفوسهم، وأنادي بقية النور -نور الهداية في قلوبهم- وأنادي كذلك الحب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم الذي يحمله أولئك في قلوبهم.
وإن كانوا يتأخرون عن الصلاة، وإن كانوا يسمعون الغناء، وإن كانوا يصاحبون المجلة الخليعة، فلا زال أصل الإِيمان يشع ويدوّي في قلوبهم.
تعالوا تعالوا نكتب الحب موثقاً بدمع غزير يغسلُ الحوب والذنبا
تعالوا نعيدُ العهد بين قلوبنا أتيناكم طوعاً نبادلكم حبًّا
إنكم أحفاد مصعب بن عمير رضي الله عنه
الذي لم يكن لاغياً ولا لاهياً في الحياة، بل كان حنيفاً مسلماً، ولم يك من المشركين، قَطّع جسمه في سبيل الله عز وجل، ليُظهر أنه يحب الله ورسوله.
أليس هذا دليل على الحب؟
أليس هذا برهان على ولاية الله تعالى؟
أليس هذا شاهدٌ على أنه يحب الله ورسوله؟
فيا أيها الشباب الذين لم يحضروا، وجلسوا على الأرصفة، ليس لهم هدف في الحياة، لا يحصلون خيراً، ولا يبنون مجداً، ولا ينفعون أنفسهم أو أوطانهم ومجتمعاتهم بأي تقدم، ولا يقدمون لدينهم، ولا منهاج نبيهم شيئاً من أوقاتهم، وهم في السهر والضحك الذي لا ينتهي واللهو والعبث.
ويا أحفاد معاذ بن جبل رضي الله عنه!
لم يكن معاذ مضيِّعاً لأوقاته، بل كان عبداً يحمل الكتاب والسنة، ويدعو إلى ذلك.
عُبادُ ليلٍ إذا جَن الظلامُ بهم كم عابدٍ دمعه في الخدَّ أجراه
وأُسْدُ غابٍ إذا نادى الجهاد بهم هبُّوا إلى الموت يَسْتَجْدون رؤياه
يا أحفاد أبي لم يكن أبي هاجراً للكتاب، بل كان سيِّد القرَّاء، يصحب القرآن، فهو: ربيع قلبه، ونور بصره، وأنيس روحه، كان يحب القرآن، ويقرأه، ويعمل به.
فأين أنتم يا شباب الإسلام من كتاب الله عزّ وجلّ، من قراءته، ومن تدبره؟
وكلامي معكم عن هؤلاء الشباب، إني أحبهم في الله؛ لأن الحبّ يتجزأ، والولاية مع هؤلاء في الله عزّ وجلّ، وفي رسوله صلى الله عليه وسلم تتبعض، فهو حب نسبي، وولاء نسبي، نحبهم لأصل الإِيمان الذي عندهم، فإن عندهم خيراً كثيراً
ومن ذلك الخير: الفطرة، وكما : ((فِطْرَةَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله))
وكثير من الناس يظن: أن هؤلاء لا فطرة لهم، ولا دين عندهم، ولكتغفهن ن عليك أن تذهب إليهم، وتحرك الفطرة عندهم، وتحييها في قلوبهم، وتسقيها بماء الهدى، حتى يأتوك، ويكونوا بجوارك في الصلاة والمحاضرة.
ولكن قد أخطأت حينما لم تذهب إليه، ولم تبعث له بحبك، ولم تقف معه، وأخطأ هو لأنه لم يلتمس النور، ولم يبحث عن الهداية، ولم يأت مرة يجرب نفسه في مثل هذه المحاضرات والدروس.
فإنه قد جرَّب نفسه في المقهى، وفي المنتدى، وعلى الرصيف، ومع الكرة، ومع الأغنية، لكنه ما جرَّب مرة واحدة طعم الهداية والنور.
أين ما يُدعى ظلاماً يا رفيق الليل أين إن نور الله في قلبي وهذا ما أراه
tjdm rh]l,k
المفضلات