السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في عالم مليء بالأحداث المتغيرة والمتسارعة ، تظل فكرة العمل الجماعي المشترك ضد العالم الإسلامي ، تقف خلف كثير من الظواهر التي تحدث في بلاد الإسلام ولا يجد المرء لها تفسيراً مقنعاً يتماشي مع طبيعة الحدث وآثاره .في هذا الأسبوع اجتمع زعماء أقباط المهجر في مسقط رأس التآمر العالمي ، في أمريكا ، من أجل إنشاء منظمة دولية تلم شتات الأقباط في العالم الغربي ، وبالفعل تم إنشاء المجلس الدولي للأقباط ، واشترك في إنشائه زعماء الأقباط في أمريكا وانجلترا وفرنسا والدانمارك والنمسا وألمانيا وهولندا وكندا ، وتم الاتفاق علي خطة عمل تستهدف تحقيق طموحات الأقباط علي مستوى العالم ، من أجل العودة إلي الوطن الأم بزعمهم ـ مصرـ ، وذلك وفق رؤية خاصة بالأقباط عن طبيعة هذا الوطن المنشود ، بحيث تسود فيه التعاليم الكنسية والقيم القبطية ، ويخرج الاحتلال العربي الإسلامي لهذا البلد ، ومن خلال سلسلة من الخطوات راح أقباط المهجر يستعدون العالم الغربي ، ضد الحكومة المصرية والشعب المسلم المصري ، باسم اضطهاد الأقباط ،والتضييق عليهم في دور العبادة والوظائف العامة ، والمناصب الهامة ، وأجهزة الأمن والداخلية والدفاع ،واستغلال بعض الأحداث الطائفية لصب الزيت علي النار ، وتصوير ما يجري للأقباط في مصر أنه عودة لعصور الإستشهاد القديمة ، وأفاضوا في ذلك ، حتى أصبح ملف الأقباط شديد الالتهاب وذو أبعاد كثيرة ومتشعبة ، وتدخلت فيه أطراف كثيرة كلها تعمل ضد مصر حكومة وشعباً ، وخرجت القضية القبطية عن حيز الداخل ، وصارت قضية دولية تأججها المشاعر العدائية في أوروبا وأمريكا ضد مصر حكومة وشعباً ، وأخذت الهيئات الدولية تدلو بدلوها في القضية ، فمنظمة مثل العفو الدولية ، وحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ، تصدر سنوياً تقارير متحاملة على الحكومة المصرية بشأن القضية القبطية ، ونواب الكونجرس يهددون بقطع المعونات عن مصر ، وبالفعل تم تخفيضها هذا العام ليكون ذلك أول إشارة قوية علي تصعيد الضغوط علي مصر حكومة وشعباً ، في هذه النقطة شديدة الحساسية .بالجملة أصبح ملف الأقباط من التركات المثقلة لدى أي رئيس وحكومة مصرية ، وأصبحت القضية مثل الفزاعة التي يهرع إليها أعداء الأمة ، كلما أرادوا أن ينتزعوا تنازلاً جديداً من مصر صاحبة الثقل السياسي الإسلامي في المنطقة .وبعيداً عن أي مغالطات بشأن هذه القضية ، وبمنتهى الحيادية المعلوماتية ، وبعيداً عن تكييف القضية إسلامياً وشرعياً ، وكلام أهل العلم عن وضيعة أهل الذمة داخل الدولة المسلمة ، فأننا نستطيع أن نقول أن الأقباط في مصر هم أسعد أقلية على وجه الأرض ، فالأقلية التي لا يتجاوز تعدادها ثمانية ملايين في أشد التقديرات تفاؤلاً ، وذلك علي أساس أنهم يمثلون 10% من تعداد الشعب المصري الكبير ، هذه الأقلية تتمتع بعدة مزايا تجعلهم ليس فقط أسعد أقلية على وجه الأرض ، بل أسعد من كل شعوب المنطقةمن هذه الأمور التي تجعل الأقلية القبطية في مصر هي الأسعد على وجه الأرض :ـ1ـ الأقلية القبطية تمتلك 40%من ثروة مصر القومية ، وذلك وفق آخر التقديرات الرسمية ، وعلي لسان وزيرة القوي العاملة المصرية عائشة عبد الهادي ، ويحتكر الأقباط صناعات كاملة يحكمون قبضتهم عليها مثل صناعة الدواء والذهب والسيارات والمقاولات والاتصالات ، وربما يجادل أبواق الخارج بقولهم أنها تقديرات رسمية للدفاع عن موقف الحكومة المتحاملة علي الأقباط ، ولهؤلاء نقول هل الإحصائيات الدولية التي تضع ثلاثة من أقباط مصر علي لائحة أغني أغنياء العالم أيضا متحاملة على الأقباط ، في حين خلت القائمة من أي مصري مسلم2ـ الأقلية القبطية التي تولول من قلة عدد الكنائس ، وفق آخر الإحصائيات الصادرة من هيئات قبطية وكنسية ، تمتلك 2616 كنيسة ، ومعدل البناء في العشر سنوات الأخيرة بلغ 40 كنيسة سنوياً ، وهو معدل معقول جداً مقارنة بتعداد الأقباط ، في حين أن عدد المساجد في مصر 77967 مسجداً وفق آخر الإحصائيات وذلك لعدد يفوق السبعين مليون مصري مسلم ، وبحسبة بسيطة يتضح أن الأقباط يتمتعون بنفس حقوق المسلمين وزيادة في بناء دور العبادة ، هذا في الوقت الذي يتعرض المسلمون في أوروبا وأمريكا للتضييق الشديد في بناء المساجد والجوامع ، ويحذر عليهم في كثير من البلدان رفع الأذان والمآذن والإستعلان بشعائرهم ، فأين المنظمات المدافعة عن الحريات وحقوق الإنسان، من هذا الإضطهاد العلني ؟.3ـ الأقلية القبطية لها خمسة أعياد رئيسية سنوياً ، يحصلون على أجازات خاصة بهم خلالها جميعاً ، واثنان منهما أجازة رسمية عامة لكل المصريين ، 7يناير و شم النسيم ، ومع ذلك مازال الأقباط يضغطون من أجل اعتماد كل أعيادهم كأجازات رسمية عامة ، في حين أن المسلمين في مصر ، لهم أربع أجازات رسمية بمناسبة الأعياد والمناسبات الإسلامية ، على الرغم من وجود الكثير من المناسبات الدينية [ مع تحفظنا علي ما لم يرد به نص أو دليل ] ، هذا ومسلمو الغرب لا يستطيعون مجرد الحصول على أجازة يوم الجمعة للصلاة ، ولا تعترف الدول الأوروبية أو أمريكا بأعياد المسلمين ، ولا تعطيهم فيها أجازة [ باستثناء دولة النمسا ].4ـ الأقلية القبطية تتمتع بحصانة رسمية كبيرة بحيث لا يستطيع أحد منهم أن يدخل الإسلام إلا بعد جهود شاقة ويخضع لجلسات نصح تهديدية من القساوسة لإثنائه عن الدخول في الإسلام ، وبلغت الحصانة مداها في قيام الحكومة المصرية ، بتسليم بعض الفتيات والنساء اللواتي دخلن في الإسلام ، للكنيسة القبطية مما أثار بلبلة كبيرة داخل مصر ، وكاد الأمر أن يتحول لفتنة طائفية تأكل الأخضر واليابس ، ولا ينتفع منها سوي أعداء الأمة، كما أن رموز الأقباط الدينيين يتمتعون باحترام وتقدير كبير، داخل الدوائر الرسمية ، ولهم من الإمتيازات ما يجعلهم فوق القانون ، وخارج نطاق المسائلة ، في الوقت الذي لا تسلم فيه أقدس الرموز الإسلامية في الغرب من النقد والتشويه والسخرية كما حدث مع الرسول صلي الله عليه وسلم في الأعوام الماضية .وهذا وبعد كل هذا القسط الوافر من الحريات التي ما ينال المسلمون في الغرب ولا معشارها ، مازال الأقباط في الخارج، يصعدون هجماتهم الدعائية الحادة ضد مصر حكومة وشعباً ، ويصل الأمر بهم لئن يطالبوا بإلغاء المادة الثانية في الدستور بصورة تعد في غاية البجاحة والتدخل السافر في الشئون الداخلية لمصر ، وإيذاناً بإشعال وقود فتنة طائفية ، تكون ذريعة للتدخل الخارجي ، وتعاد القصة من جديد ، ويعيد التاريخ نفسه ، كما حدث من قبل أيام الإحتلال الإنجليزي لمصر سنة 1882 ميلادية ، عندما وطئوا بلاد مصر بدعوى حماية الأجانب و الأقباط .فهل يتنازل الأقباط عن كل مكتسباتهم السابقة والتي تجعلهم أسعد أقلية علي وجه الأرض ، أم هو الرهان الخاسر علي المتاجرين باستقرار وأمن قلب العالم الإسلامي وزعيمة الدول العربية .
المصدر
Hsu] Hrgdm td hguhgl
المفضلات