يرى الكثير من المسلمين أن تحديد موقف معيَّن من الشيعة أمر صعب،وشيء محيِّر، ومردُّ هذه الصعوبة إلى أشياء كثيرة..

من هذه الأشياء مثلاًفَقْد المعلومة؛ فالشيعة بالنسبة لكثير من المسلمين كيان مبهم، لا يعرف ما هو، ولاكيف نشأ، ولا يلقي نظرة على ماضيه، ولا يتوقع مستقبله، وبالتالي فعدد كبير جدًّا منالمسلمين يعتقد أن الشيعة ما هي إلا أحد المذاهب الإسلامية كالشافعية أو المالكيةأو غيرها من المذاهب، ولا يدري أن اختلاف السُّنَّة عن الشيعة ليس في الفروع فقط،ولكن في كثير من الأصول أيضًا.

ومن الأشياء التي تُصعِّب الموقف أيضًا أنكثيرًا من المسلمين غير واقعيين ولا عمليين، فهو يلقي بالأحلام المتفائلة هكذا دوندراسة، فتراه ينادي -وكأنه يتكلم بلغة العقل- ويقول: لماذا التناحر؟ هيَّا لنجلسوننسى خلافتنا، ويضع السُّنِّي يده في يد الشيعي في طريق واحد، طالما أننا جميعًانؤمن بالله وبرسوله وباليوم الآخر، وينسى أن الأمر أعقد من هذا (بكثير)؛ فعلى سبيلالمثال فإن الذي يؤمن بالله وبرسوله وباليوم الآخر ولكنه يستحل الخمر أو الزنامثلاً يَكْفُر، واستحلال الأمر يعني أنه يراه حلالاً، وينكر تحريمه في القرآن أوالسُّنَّة، وإذا أخذنا هذا المنطلق في الرؤية فإننا سنرى أمورًا خطيرة جدًّا في قصةالشِّيعة تحتاج إلى وقفات مهمَّة من علماء الشريعة لتحديد حكم الدين في البدعالشيعيَّة الهائلة.

ثم إنّه من الأشياء التي تُصعِّب الأمر -أيضًا- كثرةالجراحات الإسلامية في أكثر من قُطر من أقطار المسلمين، وكثرة الأعداء من يهودوصليبيين وشيوعيين وهندوس وغيرهم، فيرى بعض المتعقلين ألاَّ نفتح جبهة جديدة منالصراع، وقد يكون هذا صحيحًا من جانب لو أنّ هذه الجبهة مغلقة، ونحن نحاول فتحها،أما إذا كانت بالفعل مفتوحة على مصراعيها، والأذى يأتي منها صباحَ مساءَ، فإنَّالسكوت هنا يعدُّ رذيلة، وليس هناك داعٍ للسؤال المتكرِّر على ألسنة الكثيرين: هلهم أخطر أم اليهود؟! فإنَّ هذا السؤال أريد به إسكات ألسنة الموقظين لهمَّة الأمة،وإحراج العاملين على حفظها وحمايتها، وأنا أردُّ على هؤلاء وأقول لهم: وما المانعأن يتصدى المسلمون لخطريْن داهميْن في وقت واحد؟ وهل المسلمون السُّنَّة هم الذينيبحثون عن حُجَّة للهجوم على الشيعة، أم أن الواقع يثبت بأكثرَ من دليلٍ أنّ الأذىيأتي من ناحيتهم؟

ولقد سردنا التاريخ الشيعي في المقاليْن السابقين مقالأصول الشيعة، ومقال سيطرة الشيعة، ورأينا التعديات الشيعية الصارخة على الأمةالإسلامية، وما أحسبُ واقعنا يختلف كثيرًا عن ماضينا، بل إنني أشهد أن التاريخيكرِّر نفسه، وأن الأبناء ورثوا حقد الآباء والأجداد، ولا يُتوقع خير ممن يزعمبفساد جيل الصحابة إلا النَّدرة منهم، وهو تكذيب صريح لقول رسولنا -صلى الله عليهوسلم-: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي»[1]، وهو حديث فيالبخاري ومسلم وغيره من كتب الصِّحاح والسُّنن والمسانيد.

إنّ واقع
الشيعة في زماننا الآن -ليس في الماضي فقط- أليمٌ أليم..

ودعونانراجع أمورًا مهمَّة تجعل الرؤية أوضح عندنا، ومِن ثَمَّ تعيننا على تفهُّم الموقفالأمثل الذي يجب أن نأخذه من الشيعة، ونعرف عندها هل يجب أن نتكلم أم السكوتأفضل!

أولاً: الجميع يعلم موقف الشيعة من صحابة رسول الله -صلى الله عليهوسلم- بدءًا من أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان بن عفان -رضي اللهعنهم-، ومرورًا بأمهات المؤمنين، وعلى رأسهن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها،وانتهاءً بعامَّة هذا الجيل العظيم، فكتُبهم ومراجعُهم، بل وعقيدتُهم وأصولهُم،تزعمُ بفسق هذا الجيل أو رِدَّته، وتحكمُ بضلال غالبيته، وتتهمهم بإخفاء الدينوتحريفه!.

وهنا هل يجب أن نراقب ونسكت منعًا لحدوث فتنة كمايقولون؟!

وأيُّ فتنةٍ أعظم من اتِّهام هذا الجيل الفريد بالفسادوالكذب؟!

فلتراجعوا معي كلمة عميقة قالها الصحابي الجليل جابر بن عبد اللهرضي الله عنهما: «إذا لَعَنَ آخرُ هذه الأمَّة أوَّلها، فَمَنْ كان عنده علمٌفليظْهره، فإنَّ كاتم ذلك ككاتم ما أُنزل على محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-» "[2].

هل أدركتم مدى العمق الذي في الكلمة؟!

إن الطعن في جيل الصحابةليس مجرَّد طعن في قومٍ قد أفضَوا إلى ما قدّموا، وليس كما يقول البعض: إن هذاالطعن لن يضرّهم؛ لأنهم في الجنة على رغم أنوف الشيعة وأمثالهم، ولكن الخطير جدًّافي الأمر أن الطعن في الصحابة هو في حقيقة الأمر طعن مباشر في الدين، فنحن لمنتلقَّ الدين إلا عن طريق هؤلاء الصحابة y، فإذا ألقيت ظلالاً من الشكوك حولأخلاقهم ونيَّاتهم وأعمالهم فأيُّ دينٍ سنتبع؟ لقد ضاع الدين إذا سلّمْنا بذلك،وضاعت أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأوامره، بل إننا نقول للشيعة: أيُّقرآن تقرءون؟!، أليس الذي نقل هذا القرآن هو عامة الصحابة الذين تطعنون فيهم؟، أليسالذي قام بجمع القرآن هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي تزعمون تحايله علىالخلافة؟، فلماذا لم يحرِّف القرآن كما حرَّف السُّنَّة في زعمكم؟!

إنرسولنا -صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث: «عَلَيْكُمْبِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المهديين مِنْبَعْدِي»[3]. فسُنَّة الخلفاء الأربعة جزء لا يتجزأ من الدين الإسلامي، وماقام به أبو بكر وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ من أحكام ومواقف هو حُجَّة على كل المسلمين فيكل وقت ومكان، وإلى يوم القيامة، فكيف يمكن قبول الطعن فيهم؟!

لذلك تجدعلماءنا الأفاضل كانوا ينتفضون إذا رأوا رجلاً يتطاولُ على الصحابة بكلمة؛فأحمد بن حنبل -رحمه الله- كان يقول: "إذا رأيت أحدًا يذكرأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوءٍ، فاتهمه على الإسلام"[4]. ويقول القاضي أبو يعلى: "الذي عليه الفقهاءُ في سبّ الصحابة؛إن كان مستحلاًّ لذلك كَفَرَ، وإن لم يكن مستحلاًّ لذلك فَسَقَ"[5]. ويقول أبو زرعة الرازي: "إذا رأيتَ الرجلَ ينتقص من أصحابالنبي -صلى الله عليه وسلم-، فاعلم أنّه زنديق"[6]. أما ابنتيمية فيقول: "من زعم أنّ الصحابةَ ارتدُّوا بعد رسول الله -صلى الله عليهوسلم- إلا نفرًا قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفسًا، أو أنهم فسّقوا عامَّة الصحابةفلا ريب في كفره"[7].

إن كلّ هذه الشدة على الذين ينتقصون الصحابة؛ لأنّالصحابة هم الذين نقلوا الدين لنا، فإذا انتقص أحدٌ منهم فهو يشكِّك في الدين نفسه،كما أن هذا الجيل العظيم قد جاء مدحُه في آيات القرآن الكريم، وفي أحاديث النبيالأمين -صلى الله عليه وسلم- في مواضعَ كثيرة لا حصر لها؛ مما يجعل الطعن فيهمتكذيبًا لله ولرسوله.

ولعلَّ هناك من يقول إننا لم نسمع فلانًا أو
علاّنًا من الشيعة يطعن في الصحابة، وهؤلاء أريد لفت أنظارهم إلى ثلاث نقاط..

الأولى:هي أن الشيعة الاثني عشرية تعنيمن الأساس أن الصحابة تآمروا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعلى آل البيت،وعلى الأئمة الذين يعْتَقدُ فيهم الشيعة، ومِن ثَمَّ فليس هناك شيعي اثنا عشري (إيران والعراق ولبنان) إلاّ ويعتقد بفساد الصحابة، ولو اعتقد بصلاحهم لانهار مبدأالشيعة من أساسه؛ ولذلك فمن المسلَّم به أنّ كلّ الشيعة من الزعماء والأتباع لايوقِّرون الصحابة ولا يحترمونهم، ولا يأخذون عنهم الدين بأيِّ صورة منالصور.


وأما النقطة الثانية
فهي أن زعماء الشيعةيتهربون دومًا من المواقف التي تُظهر بغضَهم الشديد للصحابة، وإن كان يظهرُ في بعضكلماتهم أو مواقفهم، كما يقول الله عز وجل: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: 30]. وقدشاهد الجميع المناظرة التي كانت بين الدكتور يوسف القرضاوي -حفظه الله- وبينرافسنجاني على قناة الجزيرة، وشاهدنا كيف هرب رافسنجاني من كل المحاولات التي بذلهاالدكتور القرضاوي لجعله يذكر خيرًا في حق الصحابة أو أمهات المؤمنين. وعندما سُئلخامنئي -قائد الثورة الإيرانية الحالي- عن حكم سبّ الصحابة، لم يقل: إن هذا خطأ أوحرام، إنما أجاب إجابة باهتة قال فيها: "إن أي قول يؤدِّي إلى الفُرقة بين المسلمينهو بالقطع حرام شرعًا"؛ فحرمة سب الصحابة عنده لكونها تفرِّق بين المسلمين، وليسلكونها حرامًا في حدِّ ذاتها،ونشرت ذلك صحيفة الأهرام المصريةيوم 23 من نوفمبر 2006م.

وأما النقطة الثالثة فهي
الانتباه إلى عقيدة التَّقِيَّة التي تمثل تسعة أعشار الدين عندهم كما يقولون، وهيتعني أنهم يعتادون على قول ما يخالف عقيدتهم طالما كانوا غير ممكنين، أما عندالتمكين فإنهم يظهرون ذلك بوضوح. ولقد مرَّ بنا تاريخ الشيعة، ورأينا أنه عندالسيطرة على بلاد السُّنِّية كالخلافة العباسية في العراق وكمصر والمغرب وغير ذلك،فإنهم كانوا يُظهِرون فورًا سبَّ الصحابة، ويجعلون ذلك أصلاً من الأصولعندهم.

إذًا يتبين لنا من خلال هذه المسألة ضرورة الكلام لتبيين الحقيقة فيأمر الصحابة الكرام، وإلا فإنَّ الساكت عن هذا الحق شيطان أخرس، وستكون عقباتالسكوت هنا ضياع الدين نفسه.

ثانيًا
:خطورة التشيُّع فيالعالم الإسلامي.. ولا شكَّ أن التشيع يسير بخُطا حثيثة في كثير من بلاد العالمالإسلامي، ولم يعُدْ في الأماكن التقليدية التي اعتاد أن ينتشر فيها كإيران والعراقولبنان، إنما يجري الآن -وبقوة- في البحرين والإمارات وسوريا والأردن والسعوديةومصر وأفغانستان وباكستان وغير ذلك من بلاد المسلمين، والأخطر من ذلك هو اعتناقالكثيرين لأفكار الشيعة ومبادئهم دون أن يظنوا أنفسهم شيعة. ولقد وصلت إلينا بعدهذه المقالات أعداد هائلة من الرسائل التي يدَّعِي أصحابها أنهم من السُّنَّة،ولكنها تفيض بأفكار الشيعة ومناهجهم. وليس خافيًا علينا الحملات العشواء التيتُشنُّ على الصحابة في صفحات الجرائد، وعلى الفضائيات في البلاد السُّنية، ولعلَّمن أشهرها في الأيام الأخيرة الحملة التي شنّتها إحدى الجرائد المصرية على السيدةعائشة رضي الله عنها، والحملة التي شنتها جريدة أخرى على البخاري ـ رحمه الله ـ ،وكذلك البرامج الفضائية التي يقدِّمها إعلامي مشهور، ويتناول فيها الصحابة بالتجريحفي كل حلقة.

ويضيف إلى صعوبة الأمر، وعدم إمكان السكوتعليه، هو التزاوج بين مناهج الشيعة ومناهج الصوفية، بدعوى اشتراك الطرفين في حبِّآل البيت. وكما نعلم فإنَّ المذاهب الصوفية تنتشر في عدد كبير من بلاد العالمالإسلامي، وهي مصابة بعدد كبير جدًّا من البدع والمنكرات، وتلتقي مع الشيعة في بعضالأمور كتقديس قبور آل البيت، ومِن ثَم فانتشار الشيعة متوقع في ظل شيوع الفرقالصوفية في بلاد المسلمين.


ثالثًا:الوضع فيالعراق خطير جدًّا، وقتل المسلمين السُّنَّة بسبب هويتهم أصبح متكررًا ومألوفًا،ولقد ذكر الأمين العام لجبهة علماء المسلمين السُّنة في العراق حارث الضاري أن هناكأكثر من مائة ألف سُنِّي قتلوا على يد الشيعة في الفترة من 2003 إلى 2006 فقط،إضافةً إلى عمليات التهجير المستمرة من بعض الأماكن لتسهيل حكم الشيعة لها، وفوقذلك فالمهجَّرُون خارج العراق معظمهم من السنة، وهذا يؤدِّي إلى تغيير خطير فيالتركيبة السكّانية ستكون لها عواقب ضخمة. والسؤال: هل فتنة طرح قضية الشيعة أخطرمن فتنة قتل هذه الأعداد الهائلة من السُّنَّة؟، وإلى متى السكوت عن هذا الأمر،والجميع يعلم التأييد الإيراني الشامل لعمليات قتل السُّنة علىالهوية؟!

رابعًا
:الأطماع الإيرانية في العراق واضحة، بلهي معلنة وصريحة، ولقد دارت قبل ذلك حرب طويلة بين البلدين استمرت ثماني سنواتكاملة، والآن الطريق مفتوح، خاصةً أنّ العراق تمثِّل أهمية دينية قصوى للشيعة، حيثتحوي العتبات المقدَّسة، وبها قبور ستة من الأئمة عند الشيعة؛ ففيها قبر الإمام عليبن أبي طالب -رضي الله عنه- في النجف، وقبر الحُسين -رضي الله عنه- في كربلاء، وقبرموسى الكاظم ومحمد الجواد وكلاهما في الكاظمية ببغداد، وقبر محمد الهادي والحسنالعسكري في سامِرّاء، هذا إضافةً إلى كثير من القبور الوهميَّة لعدد من الأنبياءمثل آدم ونوح وهود وصالح في النجف الأشرف، وكلها -كما هو معلوم- ليستصحيحة.

ويضيف إلى خطورة الطمع الشيعي في العراق، أن أمريكا تقف إلى جوار هذاالطمع وتؤيده، وكلنا يرى الحكومة الشيعية التي ترعاها أمريكا وتؤيدها، ولا تُجدِيهنا تمثيليات تبادل الاتهامات بين إيران وأمريكا، فإنَّ أمريكا لا تفكر مطلقًا فيضرب إيران كما وضحنا في مقال(بعبع تحت السيطرة)، لكنالذي يُقلِق بشكل أكبر ليس الطمع في بترول العراق أو ثرواته فقط، وليس مجرَّد توسيعرقعة سيطرة الشيعة، ولكن الأدهى هو جعل هذا الإجرام والتوحش جزءًا من الدين عندهم؛فالشيعة يعتبرون الصحابة وأتباعهم من السُّنَّة، من الذين ناصبوا أهل البيتالعَداء، ويسمُّوننا لذلك بالناصبة أو النواصب، مع أننا أشد توقيرًا لأهل البيتمنهم، ويصدرون أحكامًا خطيرة نتيجة هذه التهمة،فيقول الخومينيمثلاً: "والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلقالخُمُس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وجد، وبأي نحوٍ كان، ووجوب إخراجخمسه"[8]. وعندما سُئل إمامهم محمد صادق الروحاني عن حكم من ينكر إمامة الأئمةالاثني عشر قال كلامًا عجيبًا!!؛فقد قال: "إن الإمامةأرفع مقامًا من النبوة، وإن إكمال الدين كان بنصب الإمام أمير المؤمنين رضي اللهعنه بالإمامة، الشيعة    : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْدِينَكُمْ} [المائدة: 3]، ومَن لا يعتقد بإمامة الأئمة الاثني عشر يموتكافرًا"[9]. وقد ذكرنا في مقال(أصول الشيعة)أنالخوميني ذكر في كتابه(الحكومة الإسلامية)أن الأئمةيصلون إلى درجة لم يبلغها ملكٌ مقرَّب ولا نبي مرسل؛ فعدم الاعتراف بهم أقوى من عدمالاعتراف بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهذا يفسِّر منطلق التكفير عندهم، والذييستتبعه استحلال دماء السُّنَّة في العراق وغيرها، ومِن ثَم حتمية ضم العراق إلىسلطانهم لما تحويه من مقدسات شيعية موجودة بأيدي منيكفِّرونهم.

خامسًا
:لا يقف التهديد المباشر عند حد العراقفقط، فالأطماع متزايدة في دول المنطقة، وهم يعتبرون البحرين جزءًا من إيران،وصرح بذلك رئيس التفتيش العام علي أكبر ناطق نوري في مكتب قائدالثورة خلال الاحتفال بالذكرى الثلاثين للثورة الإيرانية حيث قال: "إنالبحرين كانت في الأساس المحافظة الإيرانية الرابعة عشرة، وكان يمثلها نائب في مجلسالشورى الوطني الإيراني"[10].

ولا يخفى علينا أن إيران تحتل ثلاث جزرإماراتية مهمَّة في الخليج العربي، كما أنهم يتزايدون بشكل كبير في الإمارات، حيثبلغت نسبتهم هناك 15% من عدد السكان، ويسيطرون على مراكز التجارة خاصةً فيدبي.

والوضع كذلك في السعودية ليس مستقرًّا؛ فمنذ الثورة الإيرانية في عام 1979م والاضطرابات تتكرر في السعودية، بل إنها كانت مباشرة بعد الثورة الإيرانية،حيث قامت مظاهرات شيعية في القطيف وسيهات، كان أشدها في يوم 19 من 1979م، وكانتالأمور تتفاقم أحيانًا إلى درجة التظاهر والتخريب في بيت الله الحرام، كما حدث فيموسم الحج في سنة 1987م، وسنة 1989م، بل إنه بعد سقوط نظام صدام حسين قامت 450شخصية شيعية في السعودية بتقديم عريضة إلى ولي العهد آنذاك الأمير عبد الله يطالبونفيها بمناصب عليا في مجلس الوزراء والسلك الدبلوماسي والأجهزة العسكرية والأمنية،ورفع نسبتهم في مجلس الشورى.

ولقد صرح علي شمخاني -كبير المستشارينالعسكريين لدى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية- أنه في حالة ضرب أمريكا للمنشآتالنووية الإيرانية، فإنَّ إيران لن تكتفي بضرب المصالح الأمريكية في الخليج، بل إنإيران ستستخدم الصواريخ الباليستية في ضرب أهداف استراتيجية في الخليج، وكذلك مضخاتالنفط ومحطات الطاقة في دول الخليج العربي، وهذا التصريح نشرته مجلة التايمزالبريطانية في يوم الأحد 10 من يونيو 2007م.

هل هذا هو كلشيء؟!

أبدًا.. هناك الكثير والكثير مما لم نذكره بعد.

فقد ذكرنا فيهذا المقال خمس نقاط توضح خطورة قضية الشيعة وأهميتها، وهناك خمس نقاط أخرى في غايةالأهمية أخشى إن ذكرتها على عجالة هنا ألاَّ أعطيها حقها؛ ولذلك فأنا سأؤجلها -بإذنالله- إلى المقال القادم، وبعدها سنعرض الأسلوب الأمثل للتعامل مع هذه الظروفالخطيرة.

إن قضية الشيعة ليست قضية هامشية في قصة الأمةالإسلامية، بحيث يطالب البعض بتركها أو تأجيلها.. إنها قضية تأتي في أولويات الأمةالإسلامية، ولقد رأى الجميع أن تحرير فلسطين من الصليبيين على يد صلاح الدين لم يكنإلا بعد تخليص مصر من الحكم الشيعي العبيدي، ولم يقل صلاح الدين عندها أن حربالصليبيين أولوية تؤجِّل مسألة الحكم الشيعي لمصر، ذلك أن المسلمين لا ينتصرون إلابعقيدة صافية، وجنود مخلصين، ولم يكن لصلاح الدين أنْ يأخذ شعب مصر ليقاتل معه فيقضيته المصيرية إلا أن يرفع عن كواهلهم هذا الحكم البدعي العبيدي، وما ذكرناه في حقمصر أيام صلاح الدين نذكره في حق العراق الآن، وفي حق كل الدول المهدَّدة منالشيعة، ولا بُدَّ أن يكون لنا في التاريخ عِبْرة.

ونسأل الله أنيُعِزَّ الإسلام والمسلمين.

د. راغبالسرجاني

_________________________________________

[1]
البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أصحاب النبي -صلىالله عليه وسلم- (3451)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب فضلالصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم (2533)، والترمذي (2221)، وأحمد (3594)،وابن حبان (7222)،

[2]
رُوي مرفوعًا وهو ضعيف،والرواية من قول الصحابي جابر بن عبد الله.

[3]
الترمذي: كتاب العلم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، باب ما جاء في الأخذبالسنة واجتناب البدع (2676)، وابن ماجه (42)، وأحمد (17184).

[4]
ابن تيمية: الصارم المسلول على شاتم الرسول 3/1058.

[5]
المصدر السابق 3/1061.

[6]
الخطيب البغدادي: الكفاية في علم الروايةص49.

[7]
ابن تيمية: الصارم المسلول على شاتمالرسول 3/1110.

[8]
الخوميني: تحرير الوسيلة 1/352.

[9]
طالع هذه الفتوى على هذاالرابط:

www.imamrohani.com/fatwa-ar/viewtopic.php

[10]
انظر موقع الجزيرة، الرابط:

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/6...1B995DD286.htm


موقع قصة الإسلام

o'v hgadum