اول من عدا بفرسه في سبيل الله
انه المقداد بن عمرو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد السابقين الاولين وهو المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة القضاعي الكندي البهراني
ويقال له :المقداد بن الاسود لانه ربي في حجر الاسود بن عبد يغوث الزهري فتبناه وقيل بل كان عبدا له اسود اللون فتبناه
ويقال :بل اصاب دما في كندة فهرب الى مكة وحالف الاسود .
شهد بدرا والمشاهد وثبت انه كان يوم بدرا فارسا (السير للامام الذهبي (1/385ـ386))
وهو من المسارعين الى الاسلام
مشهد لاتوازيه الدنيا بما فيها
قال عبد الله بن مسعود :لقد شهدت من المقداد مشهدا لان اكون انا صاحبه احب الي مما على الارض من شيئ قال :اتى النبي صلى الله عليه وسلم وكان رجلا فارسا قال :فقال :ابشر يانبي الله والله لانقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى عليه السلام {اذهب انت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون } ولكن والذي بعثك بالحق لنكونن بين يديك وعن يمينك وعن شمالك ومن خلفك حتى يفتح الله عليك (اخرجه البخاري مختصرا (4609)واحمد (1/457ـ458)
وفي رواية اخرى :"فرايت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرق لذلك وسره ذلك "
ولقد كان هذا الشهد في يوم بدر عندما خرج النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه للقافلة ولكن الامر تحول الى صدام مسلح مع جبهة الكفر المتمثلة في كفار قريش فاراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يجمع الصف ويطمئن على وحدة الصف قبل الدخول في تلك المعركة التاريخية .
عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا عسكريا استشاريا اعلى ،اشار فيه الى الوضع الراهن وتبادل فيه الراي مع عامة جيشه وقادته وحينئذ تزعزع قلوب فريق من الناس وخافوا اللقاء الدامي وهم الذين قال فيهم {كما اخرجك ربك من بيتك بالحق وان فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين كانما يساقون الى الموت وهم ينظرون }واما قادة الجيش فقام ابو بكر الصديق فقال واحسن ثم قام عمر بن الخطاب فقال واحسن ثم قام المقداد بن عمرو فقال :يارسول الله ،امض لما اراك الله فنحن معك والله لانقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى :اذهب انت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون ولكن اذهب انت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا الى برك الغماده لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له به (اخرجه البخاري والنسائي في التفسير من الكبري (6/11140/6) واحمد (1/390ـ 426) من حديث عبد الله بن مسعود ـنقلا من الرحيق المختوم (ص:217)
وبلغت تلك الكلمات التي خرجت من هذا القلب الصادق مبلغا عظيما في قلوب الصحابة
ولم يكن مع المسلمين في تلك الغزوة الا فرسان :فرس للزبير بن العوام وفرس للمقداد بن عمرو رضي الله عنهما
ولقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم على قيادة الميمنة الزبير بن العوام وعلى الميسرة المقداد بن عمرو ..وكانا هما الفارسين الوحيدين في الجيش
خوفه من المظالم
كان المقداد بن عمرو رضي الله عنه شانه كشأن الصحابة يخشى من المظالم خشية شديدة حتى دفعته خشيته من المظالم ان يسال النبي صلى الله عليه وسلم هذا السؤال :
قال :يارسول الله !ارايت ان لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب احدى يدي بالسيف فقطعها ،ثم لاذ مني بشجرة فقال اسلمت لله فاقتله يارسول الله بعد ان قالها ؟قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتقتله .
قال فقلت :يارسول الله انه قطع يدي ثم قال ذلك بعد ان قطعها افاقتله ؟قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لاتقتله فان قتلته فانه بمنزلتك قبل ان تقتله وانك بمنزلته قبل ان يقول كلمته التي قال " اخرجه البخاري (4019) المغازي ـومسلم (95) الايمان ..واللفظ
له
خوفه من الامارة
ولقد كان المقداد حكيما على نفسه ويعلم ان الامارة مسئولية وامانة سيساله الله عنها يوم القيامة فاراد ان يلقى الله خاليا من مظالم العباد ومسئولية الامارة .
قال المقداد رضي الله عنه :استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمل فلما رجعت ،قال :"كيف وجدت الامارة "؟ قلت يا رسول الله !ماظننت الا ان الناس كلهم خول لي والله لا ألى على عمل مادمت حيا (اخرجه الحاكم (3/349ـ350)وصححه واقره الذهبي ).
حرصه على الغزو في سبيل الله فهو يشتاق الى الشهادة ولذا كان يحرص على حضور المشاهد كلها
عن ابي راشد الحبراني قال :وافيت المقداد فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص على تابوت من توابيت الصيارفة ،قد افضل عليه من عظمه ،يريد الغزو فقلت له قد اعذر الله اليك فقال :ابت علينا سورة البحوث {انفروا خفاقا وثقالا} اي لم تدع لنا عذرا (اخرجه ابن سعد (3/1/115) وابو نعيم في الحلية (1/176) والحاكم (3/349) وصححه ،وابن جرير (10/139) وسورة البحوث ،هي التوبة سميت بذلك لما فيها من البحث عن المنافقين وكشف اسرارهم واعذر الله اليك : اي عذرك لثقل بدنك فاسقط عنك الجهاد ورخص لك في تركه )
حكمة وبصيرة ثاقبة
وتتجلى حكمة المقداد في هذا الموقف العظيم الذي اقدمه لامة الاسلام في كل زمان لتعلم ان الخيال شيئ والواقع شيئ اخر
فعن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن ابيه قال :جلسنا الى المقداد يوما ،فمر به رجل ،فقال طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لوددنا انا راينا ما رايت ،فاستمعت فجعلت اعجب ،ماقال الا خيرا ،ثم اقبل عليه ،فقال (المقداد ): مايحمل احدكم على ان يتمنى محضرا غيبه الله عنه ،لايدري لو شهده كيف كان يكون فيه والله لقد حضر رسول الله اقوام كبهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه اولا تحمدون الله لاتعرفون الا ربكم مصدقين بماجاء به نبيكم ،وقد كفيتم البلاء بغيركم ؟والله لقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم على اشد حال بعث عليه نبي في فترة وجاهلية مايرون دينا افضل من عبادة الاوثان ،فجاء بفرقان حتى ان الرجل ليرى والده او ولده ،او اخاه كافرا ،وقد فتح الله قفل قلبه للايمان ليعلم انه قد هلك من دخل النار فلا تقر عينه وهو يعلم ان حميمه في النار ،وانها التي قال الله تعالى :{ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين }اخرجه ابو نعيم في الحلية (1/175ـ176)
ان كل مسلم يتمنى من قلبه لو انه عاش في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ورآه ولكن هل يضمن احدنا انه سيكون صحابيا في ذلك الوقت ينصر الرسول صلى الله عليه وسلم ويذب عنه ويدافع عن شرعه ؟
كرمه ووفاته رضي الله عنه
وعن كريمة بنت المقداد ان المقداد اوصى للحسن والحسين بستة وثلاثين الفا ولامهات المؤمنين لكل واحدة بسبعة آلاف درهم (السير الذهبي (1/389))
وتوفي المقداد رضي الله عنه في سنة ثلاث وثلاثين وصلى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه وقبره بالبقيع رضي الله عنه (ابن سعد (3/1/115) والحاكم (3/348)
وهكذا رحل اول من عدا بفرسه في سبيل الله ليكون واحدا من هؤلاء الصحب الكرام الذين يدخلون الجنة قبل الامم كلها برحمة الله وليصحب الرسول صلى الله عليه وسلم في جنة الرحمن بفضل الله
فرضي الله عن المقداد وعن سائر الصحابة اجمعينhglr]h] fk ulv, vqd hggi uki
المفضلات