الحمدلله المتكبر الجبار ، العظيم القدير القهار ، والصلاة والسلام على الرسول المختار ،وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أمابعد :
فإنه سجن كريه !
تشمئز منه النفوس ، وتتقزّز منه الأرواح ، وتنفر منهالقلوب !
في مكان بغيض ، تشيب منه مفارق الولدان ، وتندك مما فيه من الخطوبوالكروب ؛ الأجساد والأبدان !
فيه من صنوف العذاب ما يفوق الوصف والتبيان ، ومنأنواع وأزواج العقاب ما يعلو فوق الحصر ، ويربو على العدِّ والحدِّ ..
إنهبكلِّ صراحة ؛ سجنٌ مخيف ملئ بكلِّ عذابٍ عنيف !
فأين مكانه ؟! ومن هم خُزَّانه؟! وبماذا استحقَّ أهله دخوله ؟!
إنه سجنٌّ مُعدّ لمجرمين عتاة ، ومخربين قُساة، وغلاظ القلوب جفاة !
شامخين بأنوفهم للسماء ، ونافخين صدورهم بالهواء ،ومقطِّبين حواجبهم ، وزامِّين شافههم ، تلمح في وجوههم نظرة العِداء !
إنهمملطخون بجريمة لا يعاقب عليها القانون ، ومتقذِّرون بسوءة لا يطالها النظام ،ومتوسخون بجريرة لا تحاسب عليها الدساتير !!
ولذلك لم تكن عقوبتهم في الأرض ،بقدر ما كانت في السماء !
ولم تكن في الحياة ، بقدر ما ستكون بعد الوفاة !
ولم تكن في سجون الدنيا ، وإنما في سجون الآخرة !
وإليكالخبر :
فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" يُحشَرُ المُتكبِّرونَ أمثالَ الذَّرِّ يومَ القيامةِ في صُور الرِّجالِ ،يغشاهُمُ الذُّلُّ من كلِّ مكانٍ ، يُساقونَ إلى سجنٍ من جهنَّمَ يُسمَّى بُولس ،تعلوهم نارُ الأنيارِ ، يُسقَونَ من عُصارةِ أهلِ النَّارِ طِينَةِ الخبالِ "
( صحيح سنن الترمذي 2/304) (2025 ) .
هذه العقوبة الفظيعة والخاتمة المخيفة جزاءأوفى للمتكبرين المتجبرين ، الذين يشاركون الله في ردائه وإزاره ، فأرداهم كبرهم فيعذابه وعقابه .
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى اللهعليه وسلم : " قال الله عزَّ وجلَّ : الكِبرياءُ رِدائِي ، والعظمَةُ إزاري ، فمننازَعني واحداً مِنهما ، قذَفتُهُ في النَّار "
( صحيح مسلم ج 2 ص 1605 رقم 2620 )
وعن عبد الله رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لايدخُلُ الجنَّة من كان في قلبهِ مِثقالُ ذرَّةٍ مِن كِبرٍ " 1
وعن أبي هريرة ــ قال : قال رسول الله ـ :" بينما رجلٌ يتبختَرُ ، يمشي في برديهِ ، قد أعجبتهُنفسُهُ ، فخسَفَ الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة " 2
وعن ابنعمر ـ ـ عن النبي ـ ـ قال :" من تعظَّم في نفسه ، أو اختال في مشيته ، لقي اللهعزَّ وجلَّ وهو عليه غضبان " 31 صحيح مسلم (1/90)(149) .
فإلى من حشر نفسه في بوتقة الكبر ، ويظن أنه قدملأ العالم بحجمه وجرمه ، أفق من ضيق الأفق ، قبل أن تُحشر في يوم القيامة في حجمكالحقيقي كأمثال الذّر ، تطأ عليك الأقدام ، ثم تسجن في سجن بولس الذي سيملأبالمجرمين المتكبرين الأقزام !!
2 صحيحالبخاري (7/44)(5789) وصحيح مسلم (3/1316)(2088) .
3 صحيح الأدب المفرد ـ ص (207) رقم (427) ….s[k f,gs ,lh]vh; lh s[k f,gs
المفضلات