النتائج 1 إلى 5 من 5
 
  1. #1
    مشرف
    الصورة الرمزية الرافعي
    الرافعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 522
    تاريخ التسجيل : 21 - 8 - 2008
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 2,507
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 12
    البلد : مصر
    الاهتمام : القراءة
    الوظيفة : طالب طب
    معدل تقييم المستوى : 19

    حقوق الحيوان بين المسيحية والإسلام


    بسم الله الرحمن الرحيم

    لا شك قارئي الكريم أنك حين تنظر في الكتاب المقدس ستعلم علم اليقين أنه افتقد

    الأخلاقية في تعامله تجاه الحيوانات من خلال تشريعاته ..

    وسنقوم باستعراض بعض الفقرات منه ولتحكم أنت على ما جاء فيها إن لم يكن

    بالعقل ، فبالقلب .. أو الفطرة .

    والحق أن هذا غاية ما ستحتاجه لكي تحكم على هذه التشريعات ..

    ثم بعد ذلك نأتي إلى الإسلام ولننظر إلى نظرة الإسلام للحيوان من خلال

    القرآن والسنة الشريفة ، ولنقارن .

    والحق أن قاعدة المقارنة هي أن المسيحية أو الكتاب المقدس يتعامل مع الحيوان

    ويحكم على العلاقة بين الإنسان وبينه بــ (( التســــلط )) ..


    فقد جاء فى تكوين 1: 26:

    ( وقال الله نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الارض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الارض )

    أما في الإسلام فالعلاقة غايتها علاقة (( تفضيل وتكريم )) ..

    نجد فى القرآن:الاسراء (آية:70):

    { ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا } ..

    والتفضيل واضح فقد فضل الله بني آدم على سائر مخلوقاته بنعمة العقل ، التي هي مناط تكليفه ..

    هل رأيت قارئي الكريم كم هو شاسع الفرق بين النظرتين ؟!!

    لنخض في الأمر بتفصيل أكبر ، ولنبدأ أولا بـ :

    (( حقوق الحيوان في المسيحية ))

    نجد في العهد القديم نصوصا ملئها العنف والقسوة واللا أخلاقية تجاه الحيوان ، و

    أفظعها ما جاء في خروج 34 : 19-20 :

    19لِي كُلُّ فَاتِحِ رَحِمٍ وَكُلُّ مَا يُولَدُ ذَكَراً مِنْ مَوَاشِيكَ بِكْراً مِنْ ثَوْرٍ وَشَاةٍ. 20 وَأَمَّا بِكْرُ الْحِمَارِ فَتَفْدِيهِ بِشَاةٍ. وإن لم تفده تكسر عنقه !!!

    وهنا ألا يحق لنا التساؤل : لم يُعامَل الحمار بجريرة صاحبه ؟!

    ثم هل لك أن تستشف - قارئي الكريم - الأنانية المسيطرة على كاتب هذا الكلام ،

    فضلا عن أن يكون هو الله - حاشاه ؟!!

    أفظع منه ما جاء في صموئيل1 : 15 : 3 -4

    2هَكَذَا يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنِّي قَدِ افْتَقَدْتُ مَا عَمِلَ عَمَالِيقُ بِإِسْرَائِيلَ حِينَ وَقَفَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ صُعُودِهِ مِنْ مِصْرَ. 3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً"

    فما دخل الحمار في أن يركبه عماليقي أو يهودي ؟؟؟؟؟!!!!

    ثم إن وجه الفظاعة هنا أن الحمار لم يكن وحيدا للأسف !!!

    ما سبق هو صورة كربونية من ( سياسة الأرض المحروقة ) وهى أبشع أنواع الابادة

    الجماعية التى لا تقتصر على الأنسان فحسب بل تشمل كل ما فى المنطقة المنكوبة

    ( هكذا يقول رب الجنود ) ( هذا ليس تصرفا فرديا بربريا كالذى قام به أبناء داوود

    انتقاما لأختهم بل بقول رب الجنود .. ( الله محبة !!!!! )
    ..

    لنواصل معا .. ولتفتح معي سفر الخروج 21: 28 - 32 :

    28"وَإِذَا نَطَحَ ثَوْرٌ رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً فَمَاتَ يُرْجَمُ الثَّوْرُ وَلاَ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ. وَأَمَّا صَاحِبُ الثَّوْرِ فَيَكُونُ بَرِيئاً. 29وَلَكِنْ إِنْ كَانَ ثَوْراً نَطَّاحاً مِنْ قَبْلُ وَقَدْ أُشْهِدَ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَمْ يَضْبِطْهُ فَقَتَلَ رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً فَالثَّوْرُ يُرْجَمُ وَصَاحِبُهُ أَيْضاً يُقْتَلُ. 30إِنْ وُضِعَتْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ يَدْفَعُ فِدَاءَ نَفْسِهِ كُلُّ مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ. 31أَوْ إِذَا نَطَحَ ابْناً أَوْ نَطَحَ ابْنَةً فَبِحَسَبِ هَذَا الْحُكْمِ يُفْعَلُ بِهِ. 32إِنْ نَطَحَ الثَّوْرُ عَبْداً أَوْ أَمَةً يُعْطِي سَيِّدَهُ ثَلاَثِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ وَالثَّوْرُ يُرْجَمُ.

    والمتمعن في هذه العقوبة يجدها شاذة بكل المقاييس ... لماذا ؟؟!!

    - معلوم أن هدف الرجم ليس التعذيب بالأولوية بل الردع ( منع تكرار الجريمة )

    فهل هذا ينطبق على الثيران النطاحة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    2- كان ممكن ببساطة ذبح الثور( و ده شىء طبيعى بالنسبه للحيوانات ) وبالتالى :

    * يتم التخلص من مصدر المشكلة .
    * معاقبة صاحبه المتكاسل
    * توزيع لحمه على الناس وبالتالي تعويض المجتمع عما لحق به من أضرار دون تعذيب الثور الذى سيحتاج الى المئات من الحجارة لقتله ( كل حجارة بألم منفصل ) .


    فأنت ترى - قارئي الكريم - كم أن هذا الحل أكثر مناسبة من الحل في الكتاب المقدس ،

    مما يؤيد بشدة أن هذا الكلام أو هذا التشريع ليس تشريعا إليها لأن هناك قانونا وضعيا

    يمكنه أن يحل محله ويؤتي بثمار أفضل منه .. وهذا أيضا يؤيد قول من قال إن هذا

    التشريع إنما هو مأخوذ من تشريعات (( حمورابي )) الذي وُلد قبل (( موسى )) بـ 400 عاما ..

    ومن هذه التشريعات :

    250If while an ox is passing on the street (market) some one push it, and kill it, the owner can set up no claim in the suit (against the hirer). 251. If an ox be a goring ox, and it shown that he is a gorer, and he do not bind his horns, or fasten the ox up, and the ox gore a free-born man and kill him, the owner
    shall pay one-half a mina in money.


    http://eawc.evansville.edu/anthology/hammurabi.htm

    أما في العهد الجديد فقد كان من الفترض للوضع أن يتحسن قليلا خاصة مع مجىء

    الراعى الصالح (الذى يصف من قبله بأنهم سراق ولصوص يوحنا 10 :7-8: 7 فقال

    لهم يسوع ايضا الحق الحق اقول لكم اني انا باب الخراف. 8 جميع الذين أتوا قبلي هم

    سراق ولصوص ) .

    لكن هذا لم يحدث :

    متى 8 :28-32:
    28وَلَمَّا جَاءَ إِلَى اَلْعَبْرِ إِلَى كُورَةِ اَلْجِرْجَسِيِّينَ اَسْتَقْبَلَهُ مَجْنُونَانِ خَارِجَانِ مِنَ اَلْقُبُورِ هَائِجَانِ جِدَّاً حَتَّى لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَجْتَازَ مِنْ تِلْكَ اَلطَّرِيقِ. 29وَإِذَا هُمَا قَدْ صَرَخَا قَائِلَيْنِ: "مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ اَبْنَ اَللَّهِ؟ أَجِئْتَ إِلَى هُنَا قَبْلَ اَلْوَقْتِ لِتُعَذِّبَنَا؟" 30وَكَانَ بَعِيداً مِنْهُمْ قَطِيعُ خَنَازِيرَ كَثِيرَةٍ تَرْعَى. 31فَالشَّيَاطِينُ طَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: "إِنْ كُنْتَ تُخْرِجُنَا فَأْذَنْ لَنَا أَنْ نَذْهَبَ إِلَى قَطِيعِ اَلْخَنَازِيرِ". 32فَقَالَ لَهُمُ: "امْضُوا". فَخَرَجُوا وَمَضَوْا إِلَى قَطِيعِ اَلْخَنَازِيرِ وَإِذَا قَطِيعُ اَلْخَنَازِيرِ كُلُّهُ قَدِ اَنْدَفَعَ مِنْ عَلَى اَلْجُرْفِ إِلَى اَلْبَحْرِ وَمَاتَ فِي اَلْمِيَاهِ. 33أَمَّا اَلرُّعَاةُ فَهَرَبُوا وَمَضَوْا إِلَى اَلْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَعَنْ أَمْرِ اَلْمَجْنُونَيْنِ.

    ولنا أن نتساءل من جديد : ماذنب هذة الخنازير؟؟؟؟؟

    لماذا لم يصطد هذه الأرواح الشريرة كما كان يعلم التلاميذ صيد الناس بدل من السمك؟؟؟؟؟؟؟؟

    فكرة ان المسيح كان يخفى لاهوته عن أبليس و الشياطين *** فكرة ظريفة ***
    بعض النظر عما اذا كان يليق بالرب ان يخاف على مخططه فهنا هذا التبرير لا يصلح

    (( لأنه بالفعل انكشف بدليل قول المجنونين يا يسوع ابن الله ))

    هكذا ينكشف لك أيها القاريء الكريم مقدار الهمجية في تعامل المسيحية مع الحيوان

    فتابع معي إن شاء الله نظرة الإسلام له .. ثم قارن واحكم .

    يُتبع - إن شاء الله - مع نظرة الإسلام للحيوان ...

    pr,r hgpd,hk fdk hglsdpdm ,hgYsghl






    أما والله ما جعل الله ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ، ولكنك يا قلبُ تفتأ تجعل لي
    من كل معنى من معاني الحزن في هذا الوجود قلباً ينبض به ، حتى لو قد قيل
    ما مثلك في القلوب ، لقلتَ: "قلب سوريّة" ..
    سورية ... آه يا سورية !


    _______________________________

    ( الحكم بغير ما أنزل الله من أعظم أسباب تغيير الدول، كما جرى مثل هذا مرة بعد مرة
    في زماننا وغير زماننا )
    - شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - الفتاوى 35/387


  2. #2
    مشرف
    الصورة الرمزية الرافعي
    الرافعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 522
    تاريخ التسجيل : 21 - 8 - 2008
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 2,507
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 12
    البلد : مصر
    الاهتمام : القراءة
    الوظيفة : طالب طب
    معدل تقييم المستوى : 19

    افتراضي


    نظرة الإسلام إلى الحيوان: *

    ينظر الإسلام إلى عالم الحيوان إجمالا ًنظرة واقعية ترتكز على أهميته في الحياة ونفعه للإنسان، وتعاونه معه في عمارة الكون واستمرار الحياة، ومن هنا كان الحيوان ملء السمع والبصر في كثير من مجالات الفكر والتشريع الإسلامي، ولا أدل على ذلك من أن عدة سور في القرآن الكريم وضع الله لها العناوين من أسماء الحيوان مثل سورة البقرة، والأنعام، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والفيل.
    ويعود القرآن بعد ذلك لينص على تكريم الحيوان، وبيان مكانته، وتحديد موقعه إلى جانب الإنسان، فبعد أن بين الله في سورة النحل قدرته في خلق السموات والأرض، وقدرته في خلق الإنسان، أردف ذلك بقوله { وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ، وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ، وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ ، وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ }.

    وقد استنبط الفقهاء والمفسرون من هذه الآيات الأربع من سورة النحل ما يلي:

    أولا: أن الحيوان شديد الارتباط بالإنسان، وثيق الصلة به، قريب الموقع منه، ومن هنا كان للحيوان على الإنسان حرمة وذمام. (القرطبي 10/69).

    ثانياً: أن أشرف الأجسام الموجودة في العالم السفلي _ بعد الإنسان - سائر الحيوانات لاختصاصها بالقوى الشريفة وهي الحواس الظاهرة والباطنة والشهوة والغضب (الرازي 19/227).

    ثالثا: أن الله - سبحانه - قصد بهذه الآيات أن يبتعد بالإنسان عن أن ينظر إلى الحيوان نظرة ضيقة لا تتعلق إلا بالجانب المادي المتعلق بالأكل والنقل واللباس والدفء، فوسع نظرته إليه مشيراً إلى أن للحيوان جانباً معنوياً، وصفات جمالية تقتضي الرفق به في المعاملة، والإحسان إليه في المصاحبة، والإقبال عليه بحب واعتزاز، فقال: { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ }، وقال: { لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً }.

    قال الرازي (19/228) "واعلم أن وجه التجمل بها، أن الراعي إذا روحها بالعشي وسرحها بالغداة تزينت عند تلك الإراحة والتسريح الأفنية، وتجاوب فيها الثغاء والرغاء، وفرحت أربابها، وعظم وقعهم عند الناس بسبب كونهم مالكين لها".

    وقال القرطبي (10/70): "وجمال الأنعام والدواب من جمال الخلقة، وهو مرئي بأبصار موافق للبصائر، ومن جمالها : كثرتها وقول الناس إذا رأوها: هذه نعم فلان، ولأنها إذا راحت توفر حسنها، وعظم شأنها وتعلقت القلوب بها".

    رابعاً: أن ذكر بعض الحيوانات بأسمائها في هذه الآيات لا يعني أن غيرها ليس كذلك، بل إنه ذكرها على سبيل المثال لا الحصر بدليل قوله: {وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ}.

    ويقول الرازي في تفسير ذلك (19/231): "لأن أنواعها وأصنافها وأقسامها كثيرة خارجة عن الحد والإحصاء فكان أحسن الأحوال ذكرها على سبيل الإجمال كما ذكر الله تعالى في هذه الآية".

    ثناء الإسلام على بعض الحيوانات:

    وقد أناط الإسلام وجوب الإحسان إلى بعض الحيوانات بمنافعها المعنوية وصفاتها الحميدة، فأوجب الرفق بها لذلك، ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عبد الله بن عمر، أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة"، ووقع في رواية ابن إدريس عن حصين في هذا الحديث من الزيادة قوله صلى الله عليه وسلم "والإبل عزّ لأهلها، والغنم بركة" أخرجه البرقاني في مستخرجه، ونبه عليه الحميدي، ونقله ابن حجر (فتح الباري 6/395).

    وروى النسائي عن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله قوله: "لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة". رواه أبو داود أيضاً وابن حبان في صحيحه، إلا أنه قال: " فإنه يدعو للصلاة" على ما نقله المنذري (5/133).

    الرفق بالحيوان عبادة لله:

    توافرت النصوص على أن الإحسان إلى الحيوان والرفق به عبادة من العبادات التي قد تصل في بعض الأحيان إلى أعلى درجات الأجر وأقوى أسباب المغفرة، ومن ذلك حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه الحر، فوجد بئرا ًفنزل فيها فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفرله، قالوا:يا رسول الله إن لنا في البهائم أجرا ً؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر" رواه مالك، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: "فشكر الله له فأدخله الجنة".

    وأخرج مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة بسنده إلى أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن امرأة بغيا رأت كلبا ًفي يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له بموقها _أي استقت له بخفها _ فغفر لها " فقد غفر الله لهذه البغي ذنوبها بسبب ما فعلته من سقي هذا الكلب.

    وعن عبد الله بن عمرو أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أنزع في حوضي حتى إذا ملأته لأبلي ورد عليّ البعير لغيري فسقيته، فهل في ذلك من أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في كل ذات كبد أجرا " رواه أحمد ورواته ثقات مشهورون.

    وعن محمود بن الربيع أن سراقة بن جعثم قال: يا رسول إن الضالة ترد على حوضي فهل لي فيها من أجر إن سقيتها؟ قال: "أسقها، فإن في كل ذات كبد حراء أجرا ً"رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه ابن ماجة والبيهقي.

    وأخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسلمة من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر. فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال في مرج أو روضة فما أصابت في طلبها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت أرواؤها وأثارها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقيها كان ذلك حسنات له.." الحديث.

    الإساءة للحيوان معصية لله:

    وبنفس القدر الذي أوصلت به الشريعة الإسلامية به الإحسان إلى الحيوان والرفق به إلى أعلى درجات العبادة، أوصلت الإساءة للحيوان وتعذيبه إلى أعمق دركات الإثم والمعصية، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما أخرجه البخاري ومسلم: "عذبت امرأة في هرة لم تطعمها ولم تسقها، ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض"، وروى البخاري بسنده إلى أسماء بنت أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دنت مني النار حتى قلت: أي رب وأنا معهم، فإذا امرأة حسبت أنه قال: تخدشها هرة _ : قال ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعا ً" قال النووي في شرح هذا الحديث عن مسلم (9/89): "إن المرأة كانت مسلمة وإنها دخلت النار بسببها، وهذه المعصية ليست صغيرة بل صارت بإصرارها كبيرة".

    وقد حرم الإسلام تعذيب الحيوان ولعن المخالفين على مخالفتهم، فقد روى مسلم بسنده إلى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ على حمار قد وسم في وجهه فقال: "لعن الله الذي وسمه" وفي رواية له: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه"، ورواه الطبراني بإسناد جيد مختصرا ً: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من يسم في الوجه" وروى الطبراني أيضا ًعن جنادة بن جراد أحد بني غيلان بن جنادة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بإبل قد وسمتها في أنفها، فقال رسول الله: "يا جنادة فما وجدت عضوا تسمه إلا في الوجه أما إن أمامك القصاص" فقال: أمرك إليها يا رسول الله.

    وعن جابر بن عبد الله قال: مرّ حمار برسول الله صلى الله عليه وسلم قد كوي وجهه يفور منخراه من دم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لعن الله من فعل هذا" ثم نهى عن الكي في الوجه والضرب في الوجه" رواه الترمذي مختصرا ًوصححه، والأحاديث في النهي عن الكي في الوجه كثيرة.

    وقد حرمت الشريعة الإسلامية تصبير البهائم – أي أن تحبس لترمى حتى تموت _ كما حرمت المثلة _ وهي قطع أطراف الحيوان _ فقد روي عن ابن عمر أنه قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن تصبر بهيمة أو غيرها للقتل".

    وأخرج البخاري ومسلم عن المنهال بسنده إلى عبد الله بن عمر أنه قال: "لعن النبي صلى الله عليه وسلم من مثّل بالحيوان" قال العسقلاني في شرح صحيح البخاري ( 8/84): "واللعن من دلائل التحريم كما لا يخفى".

    وقال العقيلي: "جاء في النهي عن صير البهيمة أحاديث جياد"، وقال ابن حجر (فتح الباري 12/65): "وفي هذه الأحاديث تحريم تعذيب الحيوان" والتحريم يقتضي العقاب، والعقاب أثر من آثار الجريمة، وهذا يعني: أن الإساءة إلى الحيوان وتعذيبه وعدم الرفق به يعتبر جريمة في نظر الشريعة الإسلامية، وورد النهي عن خصاء البهائم كما جاء في شرح معاني الآثار للطحاوي من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يخصى الإبل والبقر والغنم والخيل وإذا دعت الضرورة إلى ذلك في الحيوان الذي يخشى عضاضه ووجد طريق آخر لمنع أذاه من غير طريق الخصاء فإنه لا خلاف في منع الخصاء حينئذ، لأنه تعذيب.

    تحريم أنواع من التصرفات مع الحيوانات:

    من الفنون التي تشيع هنا وهناك ما لا تتم إلا بتعذيب الحيوان بإغراء بعضه على بعض وتهييجه، كمصارعة الثيران، ومصارعة الديكة، والكباش ونحو ذلك، أو نصبه غرضا ًللرماية والصيد، أو قتله بدون فائدة ولا منفعة، أو إرهاقه بالعمل الشاق، وقد اعتبرت الشريعة الإسلامية ذلك من الفعل المحرم الذي يستحق العقوبة. فقد روي عن ابن عباس قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم" رواه أبو داود والترمذي متصلا ًومرسلا عن مجاهد وقال في المرسل: هو أصح.

    وروي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حمّرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تعرش، فلما جاء رسول الله قال: "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها" وعن الشريد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قتل عصفورا عبثا ًعجّ إلى الله يوم القيامة يقول: يا رب إن فلانا قتلني عبثا ًولم يقتلني منفعة" رواه النسائي وابن حبان في صحيحه.

    وعن ابن عمر أنه مرّ بفتيان من قريش طيرا ًأو دجاجة يترامونها، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم "لعن من اتخذ شيئا ًفيه الروح غرضا" رواه البخاري ومسلم.

    قال الصنعاني في سبل السلام (4/86) بعد أن أورد هذا الحديث بلفظ مسلم: "الحديث نهى عن جعل الحيوان هدفا يرمى إليه، والنهي للتحريم لأنه أصله، ويؤيده قوة حديث " لعن الله من فعل هذا" ووجه حكمة النهي أن فيه إيلاما للحيوان.

    ومن الرفق بالحيوان تجنب أذيته في بدنه ولطمه على وجهه، فقد روي عن المقداد بن معد يكرب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم "ينهى عن لطم خدود الدواب"، وفي صحيح مسلم: أن امرأة كانت على ناقة فنفرت فلعنتها فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بإعراء الناقة مما عليها وإرسالها، عقوبة لصاحبتها.

    تحريم التعسف في استعمال الحق مع الحيوان:

    إذا كان الله- سبحانه- قد أجاز للإنسان أن يستعمل حقه في الانتفاع بالحيوان، فإنه اشترط لذلك أن يتم على الوجه المشروع، فإن كان فيه شيء من التعسف فقد ورد النهي عنه في نصوص كثيرة ومن ذلك ما يلي:-

    أولا: التعسف في استعمال حق الذبح:
    لقد جعل الإسلام من حق الإنسان أن يذبح الحيوان المأكول للاستمتاع بالطيب من لحمه، ولكنه أمر بالإحسان في ذبحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته"
    وقد وضع فقهاء الإسلام آدابا ًلذبح الحيوان المأكول اقتباسا ًمما جاء في الرفق بالحيوان من أصول، فقال أمير المؤمنين عمر: "من الإحسان للذبيحة أن لا تجر الذبيحة إلى من يذبحها".

    وقال ربيعة الرأي: "من الإحسان أن لا تذبح ذبيحة وأخرى تنظر إليها".

    وقرر الفقهاء أنه على الذابح أن لا يحد شفرته أمام الذبيحة، وأن لا يصرعها بعنف، فعن ابن عباس أن رجلا أضجع شاة وهو يحد شفرته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أتريد أن تميتها موتتين هلا أحددتك شفرتك قبل أن تضجعها" رواه الطبراني في الكبير والأوسط، والحاكم واللفظ له وقال: صحيح على شرط البخاري.

    وعن معاوية بن مرة عن أبيه أن رجلا قال: يا رسول الله، إني لأرحم الشاة أن أذبحها، فقال: "إن رحمتها رحمك الله" رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.

    وعن الوحين بن عطاء قال: إن جزارا ًفتح بابا على شاة ليذبحها، فانفلتت منه فاتبعها، فأخذ يسحبها برجلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا جزار سقها سوقا رفيقا" رواه عبد الرزاق في مصنفه.

    وعن ابن سيرين أن عمر رضي الله عنه رأى رجلا يسحب شاة برجلها ليذبحها فقال له: "ويلك قدها إلى الموت قودا ًجميلا ً" رواه عبد الرزاق أيضا.

    ثانيا: التعسف في استعمال حق القتل:
    أذن الإسلام في قتل الحيوان المؤذي، كالكلب العقور، والأفعى السام، والفأر المخرب، وما أشبه ذلك، غير أنه أمر بالإحسان في قتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله كتب الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة" والمعروف أن القتل يستعمل للحيوان الذي لا يؤكل، على خلاف الذبح الذي يستعمل للحيوان المأكول.

    وعن ابن مسعود قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى قرية نمل قد حرقناها فقال: "من حرق هذه؟" قلنا: نحن، قال: "إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب العالمين" رواه أبو داود ..

    وقد أمر رسول الله بقتل ((الوزغ)) وهو الكبار من أفعى سام أبرص، إلا أنه أمر بالإحسان في قتله، وذلك بقتله بضربة واحدة دون تعذيبه بضربات متعددة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة دون الحسنة الأولى، ومن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة دون الحسنة الثانية" رواه مسلم، وأبو داود والترمذي وابن ماجة، وفي رواية لمسلم "من قتل وزغا ًفي أول ضربة كتبت له مائة حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك".

    وفي حديث سقيا الكلب الذي يلهث قال المفسرون: فيه دلالة على وجوب الإحسان إلى الحيوان المؤذي المأمور بقتله، فقد أمر الإسلام بقتل الكلب العقور إلا أنه أثاب من سقاه من البئر بأعلى درجات الثواب فأدخله الجنة، فلا تعارض بين الأمر بقتله والأمر بالإحسان إليه امتثالا لحديث: فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة.

    ثالثا: التعسف في استعمال حق الركوب:
    سخر الله الحيوان لنقل الإنسان من مكان كما جاء في قوله تعالى: { لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } غير أن هذا الحق ليس مطلقا ًوإنما قيدته الشريعة الإسلامية بقيود ترتكز كلها على أصل الرفق بالحيوان والإحسان إليه ومراعاة حقوقه.

    ومن حقوق الحيوان في ذلك:-
    1
    _ أن تتاح له فرصة الرعي والاستراحة في السفر الطويل، فقد أخرج البخاري ومسلم من طرق متعددة بالسند إلى أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض" قال النووي في شرح هذا الحديث عند مسلم (8/128): "ومعنى الحديث الحث على الرفق بالدواب، ومراعاة مصلحتها، فإن سافروا في الخصب قللوا السير وتركوها ترعى في بعض النهار وفي أثناء السير، فتأخذ حظها من الأرض بما ترعاه منها". وقد جاء في أول هذا الحديث من رواية مالك: "إن الله رفيق يحب الرفق".
    2_ ومن حق الدابة المعدة للركوب أن لا يركب عليها ثلاثة في آن واحد، فقد أخرج الطبراني في الأوسط عن جابر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركب ثلاثة على دابة"، وفي رواية أبي سعيد: "لا يركب الدابة فوق اثنين"، وأخرج ابن أبي شيبة من مرسل زاذان: أنه رأى ثلاثة على بغل، فقال:"لينزل أحدكم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الثالث" وأخرج الطبراني عن علي قال: "إذا رأيتم ثلاثة على دابة فارجموهم حتى ينزل أحدهم".

    وقد حمل الفقهاء هذه النصوص على ما إذا كانت الدابة غير مطيقة للثلاثة، فإن أطاقتهم جاز. قال ابن حجر في فتح الباري (12/520): "يحمل ما ورد في الزجر من ذلك على ما إذا كانت الدابة غير مطيقة كالحمار مثلا، وعكسه على عكسه كالناقة والبغلة".

    وقال النووي في شرح مسلم (9/135): "مذهبنا ومذهب العلماء كافة جواز ركوب ثلاثة على دابة إذا كانت مطيقة" وحكى القاضي عياض منعه عن بعضهم مطلقا ً، وقال ابن حجر: "لم يصرح أحد بالجواز مع العجز".
    3_ ومن المحرم في الشريعة الإسلامية وقوف الراكب على الدابة وقوفا ًيؤلمها، فقد ورد في سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس".
    4_ ولا يجوز الركوب على ما لم يخلق للركوب كالبقرة، قال القاضي أبو بكر بن العربي: "لا خلاف في أن البقر لا يجوز أن يحمل عليها، وذهب كثير من أهل العلم إلى أن المنع من ركوبها نظرا ًإلى أنها لا تقوى على الركوب، إنما ينتفع بها فيما تطيقه من نحو إثارة الأرض وسقي الحرث".
    5_ ولا يجوز أن يكون مقود الدابة ضارا ًبها، فقد ورد في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر إلا قطعت"، فذهب بعض أهل العلم في فهم الحديث مذهب الرحمة بالحيوان وقال: إنه أمر بقطع القلائد من أعناق الدواب مخافة اختناق الدابة بها عند شدة الركض لأنها تضيق عليها نفسها، وكراهة أن تتعلق بشجرة فتخنقها أو تعوقها عن المضي في سيرها.

    رابعا ً: التعسف في استعمال حق التحميل:

    وحرمت الشريعة الإسلامية الإساءة إلى الحيوان بتحميله من الأثقال ما لا يطيق، وكان الصحابة الكرام يعرفون أن من حمّل دابة ما لا تطيق حوسب على ذلك يوم القيامة، فقد روي عن أبي الدرداء أنه قال لبعير له عند الموت: "يا أيها البعير لا تخاصمني عند ربك، فإني لم أكن أحملك فوق طاقتك".

    وعن عبد الله بن جعفر قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم..فدخل حائطا ً_أي بستانا_ لرجل من الأنصار فإذا فيه جمل فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنّ وذرفت عيناه، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه فسكت، فقال: "من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟" فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال: " أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكى إليّ أنك تجيعه وتدئبه" أي تعمل عليه عملا متواصلا، رواه أحمد وأبو داود.

    وروى أحمد أيضا ًمن حديث طويل عن يحي بن مرة قال فيه: وكنت معه – أي مع النبي – جالسا ًذات يوم إذ جاء جمل يخب حتى ضرب بحرانه بين يديه، فقال: "ويحك تنظر لمن هذا الجمل؟ إن له لشأنا" قال: فخرجت ألتمس صاحبه، فوجدته لرجل من الأنصار، فدعوته إليه، فقال: "ما شأن جملك هذا" فقال: وما شأنه؟ لا أدري والله ما شأنه، عملنا عليه، ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية، فأتمرنا البارحة أن ننحره ونقسم لحمه، قال: "فلا تفعل، هله لي أو بعنيه"، وعن سهل بن الحنظلية قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لصق ظهره ببطنه فقال: "اتقوا الله في هذه البهائم فاركبوها صالحة.." رواه أبو داود وابن خزيمة، إلا أنه قال: "قد لحق ظهره".

    وإذا كانت الشريعة قد حرمت ركوب ما لم يخلق للركوب من الحيوان، فقد حرمت أيضاً أن يحمل على ما لم يخلق للحمل منه كالبقر مثلا، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما رجل يسوق بقرة له قد حمل عليها التفتت إليه البقرة فقالت: إني لم أخلق لهذا ولكني إنما خلقت للحرث" قال القرطبي في الجامع (10/72) معقبًا: "فدل هذا الحديث على أن البقرة لا يحمل عليها ولا تركب" ويقول أيضاً في تفسير قوله تعالى: { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُم }: "في هذه الآية دليل على جواز السفر بالدواب وحمل الأثقال عليها، ولكن على قدر ما تحتمله من غير إسراف في الحمل مع الرفق في السير".

    وروى أبو داود بسنده إلى المسيب بن آدم قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب جمّالا وقال: تحمل على بعيرك ما لا يطيق؟".

    أحكام فقهية تحدد حقوق الحيوان:

    كتُب الفقه الإسلامي طافحة بالأحكام المتعلقة بالحفاظ على حقوق الحيوان وهي كثيرة لا يتسع المجال لذكرها في هذه المقالة الموجزة، ومن ذلك ما قرره الفقهاء من وجوب القيام على سقي الدابة وإطعامها، وإذا قصر مالك الحيوان في ذلك أجبره القضاء عليه، فإن لم يقم للدابة بما يجب عليه من حسن تغذيتها وسقيها، باعها القاضي ولم يتركها تحت يد صاحبها تقاسي.

    ويقول القاضي أبو يعلى في كتابه (الأحكام السلطانية ص 305) : "وإذا كان في أربا المواشي من يستعملها فيما لا تطيق الدوام عليه أنكره المحتسب عليه، ومنعه منه وإن لم يكن فيه مستعد _ أي مخاصم _ إليه، فإن ادعى المالك احتمال الدابة لما يستعملها فيه جاز للمحتسب أن يفكر فيه، لأنه وإن افتقر إلى اجتهاد فهو عرفي يرجع فيه إلى عرف الناس وعادتهم وليس باجتهاد شرعي".

    وفي الفتاوى البزازية (6/370) ما نصه: "المختار أن النملة إذا ابتدأت بالأذى لا بأس بقتلها وإلا يكره، وإلقاؤها في الماء يكره مطلقًا"، لأنه تعذيب لا مبرر له، "وقتل القملة لا يكره، وإحراقها وإحراق العقرب بالنار يكره" والهرة إذا كانت مؤذية لا تضرب ولا تعرك أذنها بل تذبح بسكين حاد.

    ويقول النويري في نهاية الأرب (9/258): "وسمعوا بعض المفسرين يقول في قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} أن المحروم هو الكلب".

    وقال الصنعاني في سبل السلام: (1/232) بعد حديث المرأة التي دخلت النار في هرة حبستها: "والحديث دليل على تحريم قتل الهرة لأنه لا عذاب إلا على فعل محرّم"

    ومثل هذه الأحكام في كتب الفقه الإسلامي لا حصر لها.

    هذا وقد بلغ المسلمون في الرفق بالحيوان حدًا يكاد يكون متطرفاً، حتى أن عدي بن حاتم كان يفت الخبز للنمل ويقول: إنهن جارات ولهن حق، كما رواه النووي في تهذيب الأسماء.

    وكان الإمام أبو إسحاق الشيرازي يمشي في طريق يرافقه فيه بعض أصحابه، فعرض لهما كلب فزجره رفيق الإمام أبي إسحاق فنهاه الإمام وقال: أما علمت أن الطريق بيني وبينه مشترك.

    وأمثال ذلك في تراثنا كثير، وكان الدافع إلى كل ذلك هو الرغبة الشديدة في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية نصاً وروحاً.

    والآن ، قارئي الكريم .. ما أكبر الفارق بين النظرتين !!!

    فانظر واقرأ وقارن واحكم ...

    [line]-[/line]

    * منقول من بحث لفضيلة الشيخ / أحمد عبيد الكبيسي





    أما والله ما جعل الله ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ، ولكنك يا قلبُ تفتأ تجعل لي
    من كل معنى من معاني الحزن في هذا الوجود قلباً ينبض به ، حتى لو قد قيل
    ما مثلك في القلوب ، لقلتَ: "قلب سوريّة" ..
    سورية ... آه يا سورية !


    _______________________________

    ( الحكم بغير ما أنزل الله من أعظم أسباب تغيير الدول، كما جرى مثل هذا مرة بعد مرة
    في زماننا وغير زماننا )
    - شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - الفتاوى 35/387


  3. #3
    الإدارة العامة
    ذو الفقار غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 48
    المشاركات : 17,892
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 26
    البلد : مهد الأنبياء
    الاهتمام : الرد على الشبهات
    معدل تقييم المستوى : 35

    افتراضي


    إن نظرة محايدة من عاقل تضمن بيان الفرق الشاسع بين هذا وذاك

    لم يكتفي الكتاب المقدس بممارسة الوحشية والإبادة الجماعية في المجتمعات الإنسانية بل مارس تلك الوحشية حتى على الحيوانت عديمة الفهم

    فما ذنب الحيوانات لينالها العقاب من الرب ؟

    لا حول ولا قوة إلا بالله .




    إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .



    ( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا)



  4. #4
    مراقب عام
    الصورة الرمزية د. نيو
    د. نيو غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1253
    تاريخ التسجيل : 23 - 8 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 37
    المشاركات : 3,617
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 13
    البلد : مصر الإسلامية
    الوظيفة : طبيب مقيم
    معدل تقييم المستوى : 19

    افتراضي


    للرفع





  5. #5
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي


    جزاك الله الخير أخي الفاضل مسلم وجزا الله الدكتور أحمد عبيد خير الجزاء

    لا يوجد أجمل من الإسلام في كل زمان ومكان فهو دين الله والله أعلم بعباده
    أما تلك المسيحية التي لم ترحم البشر وذبحت وقتلت بأمر سماوي فهل سترحم الحيوان؟

    هم الآن يرحمون الحيوان بجمعية حقوق الحيوان ولكنها جمعية وهمية فمن الأولى كانوا راعوا حقوق الإنسان وبطلوا ذبح وقتل في المسلمين

    أبادهم الله وهدى منهم من يستحق الهداية










 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 2011-01-06, 09:05 PM
  2. من يتعرف على هذا الحيوان
    بواسطة ذو الفقار في المنتدى فضائح أعلام النصرانية
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 2010-02-21, 02:19 AM
  3. مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 2009-08-20, 01:01 PM
  4. حقوق الحيوان بين المسيحية والإسلام
    بواسطة الرافعي في المنتدى الركن النصراني العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 2009-07-05, 08:18 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML