هذه الشبه لها وجهان
الوجه الأول يقول بأن بحيرا كان يملي على محمد -صلى الله عليه وسلم- ما كان يقوله أي أن
بحيرا يقول ومحمد -صلى الله علية وسلم - يردد هذا ما قاله السواد الأعظم من النصارى ولكن لماذا بحيرا؟ للإجابة على ذلك يجب أن نعرف من هو بحيرا؟
من هو بحيرة ؟
بحيرا الذي كان راهباً مسيحياً في الشام وقد ذكر في الآداب البيزنطية أنه راهب نسطوري على مذهب أريوس ونسطور وكان ينكر لاهوت المسيح ويقول أن تسميته بآله غير جائزة بل يجب أن يدعى كلمة وأن تدعى والدته مريم والدة الناسوت الذي هو مظهر الكلمة السامي لا والدة اللّه وكان بحيرا قساً عالما فلكياً منجماً وقد اتخذ صومعته بقرب الطريق الموصل إلى الشام وأقام هناك مدة تمر عليه العربان والقوافل فكان ينذرهم بعبادة اللّه الواحد وينهاهم عن عبادة الأصنام وله تلميذ اسمه مذهب، وكان من جملة المتتلمذين له سلمان الفارسي النصراني
قال مذهب: إن بحيرا توفي قتيلا بدسيسة بعض يهود أشرار. ومعنى بحيرا في السريانية عالم متبحر.
ما هي علاقة رسول الله ببحيرا؟
لما بلغ محمد -صلى اللّه عليه وسلم- اثنتي عشرة خرج مع عمه أبي طالب إلى الشام في ركب للتجارة سنة"582م" فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام وهي قصبة حوران وكانت في ذلك الوقت قصبة للبلاد العربية التي كانت تحت حكم الرومان وكان ببصرى راهب يقال له بحيرا في صومعة له. وكان ذا علم من أهل النصرانية ولم يزل في تلك الصومعة راهباً إليه يصير علمهم عن كتاب يتوارثونه كابراً عن كابر فلما نزلوا ذلك العام ببحيرا وكانوا كثيراً ما يمرون به قبل ذلك فلا يكلمهم ولا يعرض لهم حتى كان ذلك العام نزلوا به قريبا من صومعته. فصنع لهم طعاماً كثيراً وذلك عن شيء رآه من صومعته
فقد رأى بحيرا محمد -صلى اللّه عليه وسلم- في الركب حين أقبلوا وغمامة تظله من بين القوم ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريباً منه فنظر إلى الغمامة حتى أظلت الشجرة وانحنت أغصانها على محمد -صلى اللّه عليه وسلم- حتى استظل تحتها
فلما رأى ذلك بحيرا نزل من صومعته وقد أمر بذلك الطعام فُصنع ثم أرسل إليهم فقال إني صنعت لكم طعاما يا معشر قريش. فإني أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم. وعبدكم وحُركم.
قال له رجل منهم واللّه يا بحيرا إن لك شأنا اليوم ما كنت تصنع هذا بنا وقد كنا نمر بك كثيراً فما شأنك اليوم؟ قال له بحيرا صدقت قد كان ما تقول ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاماً فتأكلون منه كلكم. فاجتمعوا وتخلف محمد -صلى اللّه عليه وسلم- من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة. فلما نظر بحيرا في القوم فلم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده فقال يا معشر قريش لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي. قالوا يا بحيرا ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك وهو أحدث القوم سنا في رحالهم. فقال لا تفعلوا ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم ثم قام إليه رجل من قريش فاحتضنه وأجلسه مع القوم. فلما رآه بحيرا جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا قام بحيرا فقال يا غلام أسألك بحق اللات والعزى إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه وإنما قال له بحيرا ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما فأبى محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يستحلفه بهما فقال له بحيرا ألا أخبرتني عما أسألك عنه؟ فقال له سلني عما بدا لك فجعل يسأله عن أشياء من حاله ومن نومه وهيئته وأموره فجعل محمد -صلى الله عليه وسلم- يخبره بخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه وكان مثل أثر المحجمة (يعني أثر المحجمة القابضة على اللحم حتى يكون ناتئا) فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب فقال ما هذا الغلام منك؟ قال ابني. قال بحيرا ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا؟ فقال إنه ابن أخي. قال فما فعل أبوه؟ قال مات وأمه حبلى به. قال صدقت فارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود فو اللّه لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شراً فإنه كائن له شأن عظيم فأسرع به إلى بلده فخرج به عمه أبو طالب سريعاً حتى أقدامه مكة حين فرغ من تجارته بالشام.
هذه هي علاقة بحيرا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وليس هناك ما يثبت أنهما التقيا مرة أخرى كما يقول بعض القساوسة حسب التاريخ الكنسي وأنا أتحدى أي شخص عنده أي دليل حول هذا الموضوع ومن هذا المنطلق نبطل هذه الشبه التي لا يعتريها وجه من وجوه الصحة ولا يمكن أصلا أن تشكل شبه إلا أن بعض القساوسة قاموا بنشر هذه الأكاذيب بين النصارى {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }"سورة الصف الآية 8"
بهذا الكلام يثبت لنا أن الراهب بحيرا ليس له علاقة بتأليف القرآن فهو لم يلتقي مع رسول الإسلام محمد -صلى اللّه عليه وسلم- إلا مرة واحدة حينما كان عمر النبي اثني عشرة سنة ولم يدم لقائهما أكثر من ربع ساعة وبالتالي فأن الرأي الذي يقول بأن بحيرا يقول ومحمد -صلى الله عليه وسلم- يردد فهو كلام باطل من الناحية العلمية
فلا يمكن أن يكون الراهب بحيرا قد تواجد مع النبي محمد -صلى اللّه عليه وسلم- دون أن يلاحظه أحد ودون أن يُذكر في السيرة النبوية المعطرة التي نقلت إلينا بأدق تفاصيلها فلم تنقل في العالم أجمع سيرة احد من البشر كما نقلت إلينا سيرة سيد الخلق محمد -صلى اللّه عليه وسلم- فكيف غاب بحيرا عن صحابة الرسول ومواليه إلا أن يكون الراهب بحيرا مرتديا ل"طاقية الإخفاء"
fpdvh ,ughrji fvs,g hggi
المفضلات