بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( السجود في النصرانية )
" قالت له المرأة يا سيد أرى انك نبي. 020 آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وانتم تقولون ان في أورشليم الموضع الذي ينبغي ان يسجد فيه. 21 قال لها يسوع يا امرأة صدقيني انه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في اورشليم تسجدون للآب. 22 انتم تسجدون لمالستم تعلمون.اما نحن فنسجد لما نعلم.لان الخلاص هو من اليهود. 23 ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق.لان الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. 24 الله روح.والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا. 25 قالت له المرأة انا اعلم ان مسيا الذي يقال له المسيح يأتي.فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء. 26 قال لها يسوع انا الذي اكلمك هو "{ يوحنا 4 /19 : 26 }
عندما قابلت المرأة السامرية المسيح وتكلم معها وكلمته عن أمور .
أخبرها من خلال كلامه لها بأشياء خاصة جدا بها لا يعلمها الناس . أحسّت المرأة أنها أمام شخصية غير عادية ، ربما كان الواقف أمامها نبي إسرائيليا في ظنها فقالت له " يا سيد .. أري إنك نبي "
وفي نسخة الكاثوليك العربية ( ط 1993 ) قالت له " أري إنك نبي يا سيدي " .
وفي نسخة الآباء اليسوعيين العربية ( ط 1991 ) قالت له في ترجمة مضحكة " يا رب .. أري إنك نبي " ..!!
ثم أخذت المرأة بعد ذلك في الإستفسار من المسيح عن مكان قبلة السجود الحقة ، وموضع العبادة المقبولة عند الله . لقد وجّه آباؤها وأجدادها سجودهم لله تعالي تجاه جبل جرزّيم وليس إلي جبل عيبال كما يفعل اليهود غير السامريين . فأي القبلتين أصح ..!؟ وإلي أي الموضوعيين يُعد السجود مقبولا عند الله ..!؟
دعونا نتوقف لحظة هنا ونستفسر عن كلمة السجود .!
لقد تم إستبدال الألفاظ المعبرة عن السجود في ذلك النص إلي كلمات أخري تؤدي معني العبادة في جميع نسخ الترجمات العربية الحديثة مثل كلمات : ( عبدوا وتعبدون وعبادة ) .
عزيزي القارئي :
أنظر ثانية للنصّ وشاهد عدد الكلمات المعبرة عن فعل السجود الذي لا بد له من إتجاه وقبلة يؤدي إليه فعل السجود , وشتان بين معني السجود وبين العبادة . فالسجود عبادة ولكن العبادة ليست بشرط أن تكون سجودا .
فالسجود فعل له إتجاه بمعني أنّ موضع رأس الساجد يكون في إتجاه القبلة المُعينة من قبل الإله ، سواء كان مكان القبلة قريبا أم بعيدا . وواضح من الحوار الذي دار بين المسيح والمرأة السامرية أنه كانت هناك قبلتان للصلاة . قبلة صوب جبل جرزيم ، وأخري صوب جبل عيبال .
وكانت قبلة المسيح وأتباعه وحوارييه صوب بيت المقدس حيث مكان الهيكل الذي بناه نبي الله سليمان علي جبل عيبال . واستمر علي تلك القبلة أتباع المسيح من بعده الذين يذكرون في مراجع المسيحية المعاصرة تحت إسم النصاري . كما استمر اليهود في إتخاذهم قبلة لهم في الصلاة .
ثم أصبحت القبلة فيما بعد عند المسيحيين تجاه الشرق دائما ، ولكن بدون أداء الصلاة إليها بفعل السجود المعروف ..!!
فما من كنيسة كاثوليكية أو أرثوذكسية إلا وقبلتها تجاه الشرق ..!!
ثم ألغي تماما اتجاه الشرق كقبلة للصلاة عند الطوائف البروتستانتية والانجيلية ، مع الحفاظ علي ألغاء السجود أيضا ..!!
فلكل كنيسة قبلة كأنهم يقولون فأينما تولوا فثم وجه الرب ..!!
وتحول السجود عند جميع الطوائف المسيحية كما يزعمون إلي سجود بالروح وليس بالجوارح ، مع أنّ الروح والمروح إليه ليس لهما إتجاه ..!!
فلا معني إذا لكلمة السجود في النصوص الأنجيلية ، لقد تم إستبدالها بلكمة عبادة وما شبه ذلك . والعبادة لها معان عدة وأنواع مخلتفة . فهي تارة باللسان وتارة بالجنان وأحيانا بالعينان أو اليدين وفي أحيان أخري قد تكون بإنفاق الأموال كالصدقات أو ببر الوالدين والإحسان إلي الفقراء .. إلخ
فالعبادة معني عام . والسجود معني خاص جدا من أنواع العبادة فهو لا يكون إلا في عبادة الصلاة ، ولا يكون إلا لله تعالي عند المؤمنين به . ولا بد له من اتجاه وقبلة يتوجه اليها الساجدون لله تعالي .
ولنضرب لذلك مثلا ولله المثل الأعلي :
قد يقوم بعض الناس بالسجود لملوكهم وعظمائهم تبجيلا لهم وإشعارا منهم بذلهم وخضوعهم لهم وزيادة في تعظيمهم . فهب أنّ أحدهم سجد بصورة معكوسة أي وضع عجزه بإتجاه من يسجد له ؛ فماذا يكون معني ذلك ..!؟
لقد تغير المعني المراد من السجود هنا بتغير إتجاه قبلة الساجد . ومن هنا كان قولي بأن فعل السجود يعد من الأفعال ذات الأتجاه . واجبة الأداء إلأي رب السماوات والأرض . والتي فرّط فيها المسيحيون بل أضاعوها .
ونعود إلي حديث المسيح حيث يقول للمرأة " صدقيني " .. وقد جاءت الكلمة في الأصل اليوناني بتغيير فريد هكذا ( برستون مُوا πιστευε μοι ) لم يتكرر في كل أسفار العهد الجديد . وهو يشبه في معناه عبارة آمني بحق . فالترجمة العربية صدقيني لا تعطي ذلك المعني المراد .
وسوف تأتي الساعة التي لن يقبل الله فيها السجود لكلا القبلتين جرزيم وعيبال وقد إتفقت الترجمات الإنجلزية علي وضع أداة التعريف لكلمة الساعة خلاف الترجمات العربية التي نكرتها إلي ساعة ( بخلاف نسخة البروتستانت المصرية الحديثة - كتاب الحياة - ط 1988 . ونجد في نسخة - ETV - الإنجليزية ( the time will come ) بمعني أن الوقت سيأتي ) والفرق في المعني ظاهر بيّن لقراء العربية والإنجلزية .
عند إتيان تلك الساعة أو ذلك الوقت لن يكون هناك سجود صحيح لله الآب لا إلي قبلة السامريين أو قبلة اليهود . والآب المشار إليه في كلام المسيح يعني الله الإله الواحد . إنه تعبير آرامي للإله الواحد خالق السماوات والأرض أسيئ استخدامه من قبل رجال الكنائس .
ولقد تم تدمير معبد جبل جرزيم - قبلة السامريين – في سنة 127 ق.م علي يد يوحنا هركانوس أحد المكابين ، ولكن السامريين مكثوا يسجدون لله في ذلك المكان ويتجهون نحوه في صلاتهم إذا كانوا بعيدين عنه . وأخبر المسيح بتدمير هيكل سليمان قبلة اليهود بجبل عابريم بأورشليم , وتمت النبوءة بتدميره علي أيدي الرومان سنة 70م . ولكن اليهود استمروا في سجودهم لله متجهين في صلاتهم إلي مكانهم .
وهذا الواقع التاريخي يثبت أنّ الساعة لم تأتي بعد خلاف قول المسيح ..!!
مع أنّ الواقع التاريخي يثبت أيضا أنّ المسيح كانت قبلته إلي آخر لحظة من بعثته تجاه قبلة اليهود بأورشليم القدس ، ولم يأمر أحدا من حواريه وأتباعه بتغيير قبلة الصلاة من بعده أو إلغاء السجود في الصلاة .
وهناك نصوص كثيرة في الإنجيل تثبت أنّ المسيح كان يسجد في صلاته إلي إلهه مثل ما جاء في إنجيل متي ( 26 : 39 ) ومرقس ( 14 : 35 ) " وخر علي وجه وكان يصلي قائلا .."
وتلك هيئة سجود بوضع الوجه علي الأرض . ورغم ذلك الوضوح فإنّ القوم قد ضيعوا ركن السجود في صلاتهم .
يتبع .... بإذن الله تعالي .
gr] s[] hglsdp K tHdk ufh]i
المفضلات