عبد الله ذو البجادين رضي الله عنه
إن معرفة الإنسان ويقينه في أنه على حق من أهم أسباب الثبات على هذا الدين .
فالدنيا بكل ما فيها من زخرف ومتاع قال عنها خالقها جل وعلا {اعلموا انما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الاخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور }
وها نحن على موعد مع صنف كريم استشعر نعمة الاسلام وعاش بل وتعايش معها قلبا وقالبا فترك الدنيا بزخرفها الفاني وخرج مهاجرا إلى الله ورسوله...
إنه عبد الله ذو البجادين رضي الله عنه
إسلامه
كان ذو البجادين يتيما لا مال له فلقد مات أبوه ولم يورثه شيئا وكفله عمه حتى ايسر فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة جعلت نفسه تتوق إلى الإسلام ولايقدر عليه من عمه حتى مرت السنون والمشاهد
فقال لعمه: ياعم إني قد انتظرت اسلامك فلا أراك تريد محمدا فائذن لي في الإسلام , فقال: والله لئن اتبعت محمدا لا أترك بيدك شيئا كنت أعطيتكه إلا نزعته منك حتى ثوبيك .
قال فأنا والله متبع محمدا وتارك عبادة الحجر وهذا ما بيدي فخذه , فأخذ مابيديه حتى جرده من أزاره .
فأتى أمه فقطعت بجادا لها (الكساء الغليظ الجافي ) باثنين فائتزر بواحد وارتدى الآخر ثم أقبل على المدينة وكان "بورقان " (جبل على يمين المار من المدينة الى مكة ), فاضجع في المسجد في السحر , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتصفح الناس إذا انصرف من الصبح , فنظر إليه فقال :" من انت" ؟ فانتسب له وكان اسمه عبد العزى
فقال : "أنت عبد الله ذو البجادين ". ثم قال "انزل قريبا مني ". فكان في أضيافه حتى قرأ قرآنا كثيرا (صفة الصفوة 1/287)
وعاش ذو البجادين رضي الله عنه في سعادة لا يعلمها الا الله فقد لامس الايمان شغاف قلبه وامتلا بنور الايمان .
وظل ملازما للنبي صلى الله عليه وسلم ملازمة العين لأختها ليقبس من هديه وعلمه واخلاقه العذبة الرقراقة
كلا أنه أواب
وهاهو وسام من أوسمة الشرف التي وضعها الحبيب صلى الله عليه وسلم على صدر ذي البجادين رضي الله عنه فقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم أنه أواب
عن الأدرع قال: كنت أحرس النبي صلى الله عليه وسلم فخرج ذات ليله لبعض حاجته قال: فرآني فأخذ بيدي , فانطلقنا فمررنا على رجل يصلي يجهر بالقرآن , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "عسى أن يكون مرائيا"
قال :قلت : يارسول الله يصلي يجهر بالقرآن قال : فرفض يدي ثم قال: "إنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمغالبة"
ثم خرج ذات ليلة وأنا احرسه لبعض حاجته فأخذ بيدي فمررنا على رجل يصلي يجهر بالقرآن فقلت عسى أن يكون مرائيا .. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "كلا أنه أواب"
قال : فنظرت فإذا هو عبد الله ذو البجادين ( قال الهيثمي في المجمع (1582)رواه احمد ورجاله رجال الصحيح )
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال لرجل يقال له: ذو البجادين :"انه اواه " وذلك انه كان كثير الذكر لله عز وجل في القران وكان يرفع صوته في الدعاء (قال الهيثمي في المجمع ( 15981) رواه احمد والطبراني باسناد حسن )
ياليتني كنت صاحب الحفرة
لم يكن لاصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اي طموحات تتعلق بهذه الدنيا الفانية وانما كانوا يتسابقون دوما وابدا على الفوز باعلى درجات الجنان
فقد كان ذو البجادين قد خرج مجاهدا في غزوة تبوك فقال النبي صلى الله عليه وسلم فقال للنبي صلى الله عليه وسلم : ادع لي بالشهادة . فربط النبي صلى الله عليه وسلم على عضده وقال : اللهم إني احرم دمه على الكفار. فقال: ليس هذا أردت. قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنك إذا خرجت غازيا فأخذتك الحمى فقتلتك فأنت شهيد , أو وقصتك دابتك فأنت شهيد
فأقاموا بتبوك أياما ثم توفى
يقول ابن مسعود رضي الله عنه وهو يقص علينا هذا المشهد المهيب الذي جعله يتمنى ان يكون صاحب الحفرة (القبر).
قال ابن مسعود : قمت من جوف الليل وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك , قال : فرأيت شعلة نار في ناحية المعسكر قال: فاتبعتها أنظر اليها
فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وإذا عبد الله ذو البجادين المزنيّ قد مات , وإذا هم قد حفروا له ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته وأبو بكر وعمر يدليانه إليه وهو يقول : "أدنيا إلي أخاكما ", فدلياه إليه , فلما هيأه لشقه قال: "اللهم إني قد امسيت راضيا عنه فارض عنه ".قال: يقول ابن مسعود : رضي الله عنه : ياليتني كنت صاحب الحفرة..(ذكره ابن كثير في البداية (5/28)
ويا لها من صفحة مضيئة في حياة هذا الصحابي الجليل الذي خرج من دنياه ابتغاء وجه الله تعالى لانه يعلم ان الدنيا لا تساوي جناح بعوضة وانها متاع زائل وان السعادة فيها لاتدوم بحال من الاحوال فترك ثروة عمه ليفوز باعظم ثروة وليظفر باعظم نعمة في الكون كله الا وهي نعمة الاسلام .
ولذلك فمن اراد السعادة الحقيقية فعليه ان يخرج من دنياه وان يؤثر الله عز وجل في كل مقام .
رضي الله عن عبدالله وعن سائر الصحابة آجمعين .
uf] hggi `, hgf[h]dk vqd hggi uki
المفضلات