حكم الالباني على حديث أسامة بن زيد و أبيه بأنه حسن بمجموع الطريقين [ طريقي ابن لهيعة و رشدين بن سعد] ، و حكم على حديث أبو هريرة بأنه منكر .
فنعرض أولا لأقوال العلامة الألباني رحمه الله في كتبه :
قال الألباني في “السلسلة الصحيحة” (814) : أخرجه ابن ماجه ( 1 / 172 ـ 173 ) و الدارقطني ( ص 41 ) و الحاكم ( 3 / 217 )و البيهقي ( 1 / 161 ) و أحمد ( 4 / 161 ) من طريق ابن لهيعة عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن عروة عن أسامة بن زيد عن أبيه # زيد بن حارثة # عن النبي صلى الله عليه وسلم به .قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن لهيعة , فهو ضعيف لسوء حفظه , لكن تابعه رشدين عند أحمد و ابنه ( 5 / 203 ) و الدارقطني و هو ابن سعد و هو في الضعف مثل ابن لهيعة , فأحدهما يقوي الآخر . لاسيما و له شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ : “ جاءني جبريل , فقال : يا محمد إذا توضأت فانتضخ “ .أخرجه ابن ماجه ( 1 / 173 ) مختصرا و الترمذي ( 1 / 71 ) و هذا لفظه و قال :“ حديث غريب و سمعت محمدا يقول : الحسن بن علي الهاشمي منكر الحديث “ .و في “ التقريب “ أنه ضعيف . و له شواهد أخرى في النضح من فعله صلى الله عليه وسلم , خرجت بعضها في “ صحيح أبي داود “ ( 159 ) .“ تنبيه “ أورد السيوطي الحديث في “ الجامع “ بلفظ : “ أتاني جبريل في أول ما أوحي إلي ... “ من رواية أحمد و الدارقطني و الحاكم , هكذا جعله من قوله صلى الله عليه وسلم و هو عندهم من قول الصحابي و كذلك هو عند البيهقي ! نعم هو عند ابن ماجه ـ و لم يعزه إليه ـ من قوله صلى الله عليه وسلم بلفظ : “ علمني جبرائيل الوضوء و أمرني أن أنضح تحت ثوبي لما يخرج من البول بعد الوضوء “ .
قلت : رحمك الله ، لم يتابعه رشدين بن سعد ، بل خالفه ، فجعله من مسند أسامة بن زيد ، و ليس من مسند أبيه ، فلا يرفع به رأسا ، و أما ذكره في السلسلة الضعيفة بأن هذا الاختلاف لا يضر لكون أسامة بن زيد و أبيه صحابيان ، فمما لا يسلم به ، لأن الوهن و الضعف ناشىء عن سوء ضبط الرواة و اختلافهما مع تساويهما في الضعف ، و ليس ناشئا عن وجود انقطاع في السند .
و قال في الضعيفة (1312) عن حديث :" جاءني جبريل فقال : يا محمد ! إذا توضأت فانتضح “ .(منكر ) أخرجه الترمذي ( 1/71/50 ) و ابن ماجه ( 1/157/463 ) و العقيلي في “ الضعفاء “ ( ص 85 ) من طريق الحسن بن علي الهاشمي عن عبد الرحمن الأعرج عن # أبي هريرة # :“ أن جبريل عليه السلام علم النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء فقال .. “ فذكره .و قال الترمذي :“ هذا حديث غريب . و سمعت محمدا ( يعني : البخاري ) يقول : الحسن بن علي الهاشمي منكر الحديث “ .قلت : و هو متفق على تضعيفه . و قال العقيلي :“ لا يتابع عليه من هذا الوجه , و قد روي بغير هذا الإسناد بإسناد صالح “ .قلت : و كأنه يعني ما رواه ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري عن عروة قال : حدثنا أسامة بن زيد عن أبيه زيد بن حارثة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :“ علمني جبرائيل الوضوء , و أمرني أن أنضح تحت ثوبي لما يخرج من البول بعد الوضوء “ .أخرجه ابن ماجه ( رقم 462 ) و البيهقي ( 1/161 ) و أحمد ( 4/161 ) من طرق عن ابن لهيعة به , و السياق لابن ماجه , و سياق الآخرين ليس فيه الأمر بالنضح , و إنما هو من فعله صلى الله عليه وسلم , و كأن هذا الاختلاف , إنما هو من ابن لهيعة فإنه سيء الحفظ , و قد تابعه على رواية الفعل رشدين بن سعد إلا أنه خالفه في السند فقال : عن عقيل و قرة عن ابن شهاب عن عروة عن أسامة بن زيد أن جبريل عليه السلام .. الحديث نحوه من فعله صلى الله عليه وسلم .أخرجه الدارقطني في “ سننه “ ( ص 41 ) و أحمد ( 5/203 ) و ليس في سنده “ و قرة “ .فالحديث الفعلي حسن بمجموع الطريقين عن عقيل , واختلاف ابن لهيعة و ابن سعد في إسناده لا يضر لأنه على كل حال مسند , فإن أسامة بنزيد صحابي كأبيه .و أما الحديث القولي فمنكر . والله أعلم .
قلت : و أما حديث أبو هريرة رضي الله عنه ، فأخرجه ابن ماجه في السنن (1/157 ، رقم 463) ، و الترمذي في "جامعه" (50) - و من طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (586) - ، و العقيلي في "الضعفاء" (1/234) ، و ابن عدي في "الكامل" (2/321) ، و ابن حبان في المجروحين (1/235) ، و أبي نعيم في أخبار أصبهان (2/9) كلهم من طريق الحسن بن علي الهاشمي عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة به
قال الترمذي : هذا حديث غريب وقال سمعت محمد يقول الحسن بن علي الهاشمي منكر الحديث.
و أورد له العقيلي حديثا آخر و قال : ولا يتابع عليهما من هذا الوجه فأما الإنتضاح فقد روي بغير الإسناد بإسناد صالح وأما الثاني فلا يحفظ الا عنه .
و قال ابن عدي بعدما أخرج له ثلاثة أحاديث : وللحسن بن علي عن الأعرج غير ما ذكرت من الحديث وحديثه قليل وهو الى الضعف أقرب منه الى الصدق .
و ذكر له ابن حبان معه حديثا آخر و قال : جميعا باطلان .
و أخرجه الدارقطني في "الأفراد" كما في "أطراف الأفراد و الغرائب" لأبي طاهر المقدسي (5189) و قال : تفرد به الحسن بن علي الهاشمي عن الأعرج.
قلت : و الحديث باطل لا يفيد معه التقوية بالمتابعات و لا بالشواهد ، لأن قد حكم عليه امام من الأئمة المتقدمين بالكذب و البطلان ، و نحن ما وسعنا الا اتباعهم لأننا عيال عليهم ، و لو أطلع عليه العلامة الألباني رحمه الله كذلك ما وسعه الا اتباعهم أيضا .
و الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ...........
المفضلات