وقد سجل التاريخ لنا مجموعة من الأمثلة على بعض حالات التوحد التي نبغت في مجال من مجالات الحياة, وهي أسماء بارزة في المجتمعات الغربية تعاني أو يشك بأنها تعاني اضطراب طيف التوحد.
ومن تلك الأمثلة:
* ريان اندرسون: كان يعمل كمختص في الحرس الوطني في الولايات المتحدة الأمريكية, تم تشخيصه على أنه يعاني من متلازمة اسبرجر.
* ريتشادر بورشيردز: متخصص في علم الرياضيات والجبر, يعمل حالياً أستاذ رياضيات في جامعة كاليفورنيا, يعتقد بأنه يعاني متلازمة اسبرجر.
* تميل جراندين: أستاذ مساعد في جامعة ولاية كالورادو في الولايات المتحدة الأمريكية, تم تشخيصها بالتوحد بعد سنوات من تشخيصها بإصابة دماغية, تعتبر من المدافعين عن التوحد, لها العديد من المحاضرات والمقالات والكتب عن التوحد.
* ستيفين سبيلبيرغ: مخرج أفلام, تراوحت أفلامه بين الخيال العلمي والدراما التاريخية, تم تشخيصه بأنه مصاب بمتلازمة اسبرجر.
* ستيفين ولتشير: رسام معماري, تم تشخيصه بالتوحد, كان متعلقاً بالسيارات والرسم المعماري, كان طفلا غير ناطق, تم تشخيصه بالتوحد في عمر ثلاث سنوات.
* آل غور: سياسي ديمقراطي أمريكي، عمل في منصب نائب رئيس الولايات المتحدة من 1993م إلى 2001م. كان مرشحاً منافساً في الانتخابات الرئاسية عام 2000 للمرشح الجمهوري حيث كان الفارق بينهما ضئيلاً. غور يعمل حالياً كرئيس إحدى المحطات التلفزيونية، ورئيس مجلس إدارة الاستثمار، وعضو مجلس الإدارة في شركة أبل للكمبيوتر.
* البرت اينشتاين: يعتبر من أعظم علماء القرن العشرين, منح جائزة نوبل في الفيزياء عام 1921, كان يعتبر بطيء التعلم كثير الحياء، لاحتمال إصابته بخلل وظيفي بالدماغ.
* توماس جيفيرسون: الزعيم الثالث للولايات المتحدة الأمريكية، رجل سياسي فيلسوف ثائر، مزارع من ذوي الاقطاعات، ومهندس معماري، وكاتب, له العديد من الإنجازات خاصة في التراث الأمريكي.
* جان بياجيه: بروفيسور في علم النفس في جامعة جينيفا من عام 1929م إلى 1954م. له العديد من النظريات في علم النفس.
* رامانوجان: عالم رياضيات هندي، لم يلتحق بالجامعة قط واعتمد على نفسه في دراسته, عمل العديد من النظريات الرياضية التحليلية، له صيغ قانونية عديدة لم تُكتشف صحتها إلا مؤخراً.
* مارك توين: كاتب فكاهي ومحاضر أمريكي مشهور، كان أيضا ربان سفينة.
* إسحق نيوتن: الذي كان المرض يدفعه إلى اعتزال الناس، وتمضية معظم وقته في حديقة منزله، وتوحد إسحق نيوتن هو الذي أهدى نظرية الجاذبية للعالم؛ لأنه هو الذي دفعه إلى العزلة في ذلك اليوم، والجلوس تحت شجرة تفاح في حديقته، لكي تسقط تلك التفاحة الشهيرة على رأسه وتهدينا الجاذبية.
* وبيل جيتس: إمبراطور الكمبيوتر ومؤسس شركة مايكروسوفت وأغنى رجل في العالم، ثبت بالفحص الطبي أنه لا يزال حتى الآن يعاني عارض اسبرجر، وهو أحد أعراض مرض التوحد، فقد كان في طفولته فضولياً وغريب الأطوار، وفي شبابه لم يكن متزناً، وفي فيلم (قراصنة وادي السيليكون) الذي يتناول سيرة مؤسسي شركتي (أبل) و(مايكروسوفت)، وأدى الممثل أنطوني مايكل هول فيه دور بيل جيتس، بدأ عبقري الكمبيوتر في الفيلم خجولاً (وهو بالفعل كذلك في حياته الخاصة)، لا ينظر إلى وجه محدثه، وإنما يدير بوجهه إلى الجانب الآخر لكي يتفادى التقاء العيون، وفي أحد مشاهد الفيلم يقول لصديق له، محاولاً تبرير عدم مشاركة زملائه في نشاطاتهم الرياضية: (إن الرياضة تضر الجسم)، ولا أحد في العالم يعتقد أن الرياضة تضر الجسم، إلا الذين يرغبون في اختراع سبب لتبرير ابتعادهم عن الآخرين.
وفي الفيلم يظهر بيل جيتس يعاني مخاوف من أشياء صغيرة، ويشغل نفسه أحياناً، كما يفعل ضحايا التوحد، بأشياء لا جدوى منها، مثل: الافتراض أنه سيعيش إلى سن الثمانين، وحساب عدد دقات قلبه طوال حياته، وعندما يحسب الأرقام ويحصل على جواب، يشعر بالغضب، ويدرج جسمه من فوق السيارة وهو يقول إن الجواب يفوق التصور. وتصرفات من هذا النوع ليست بعيدة عن مرضى التوحد الذين كثيراً ما يشغلون أنفسهم بأشياء لا تفيد أحداً.
والحقيقة أن معظم العباقرة في التاريخ كانوا يعانون أمراض التوحد.
وبالرغم من إصابتهم بعرض من أعراض طيف التوحد أو وجود شك في ذلك بتواجد صفة أو أكثر من صفات الأشخاص المصابين بالتوحد كالعزلة أو ضعف التواصل الاجتماعي إلا أن تلك الشخصيات استطاعت أن تقدم الكثير الكثير لنفسها ولأسرها ولمجتمعاتها بل تعدت ذلك إلى الأمة جمعاء, فعندما توافرت لهم فرص النجاح برزوا كأشخاص فاعلين في مجتمعاتهم, فلنمد سوياً يد العون لهؤلاء الأطفال لنساعدهم على العيش باستقلالية وفاعلية في المجتمع الذي يعيشون فيه, وأن نشحذ مواهب البعض منهم ليضافوا على تلك القائمة من العظماء.
ليس أحد على الأرض ليست في جسده شوكة صغيرة كانت أم كبيرة، ظاهرة أم مخفية..
فكلنا نعاني مشاكل، تؤثر على تفكيرنا وحياتنا، ولعل معظمنا وجد معنى لحياته من خلال ألم أو تجربة مريرة مر خلالها..
فلا نيأس مهما كانت المعوقات فإذا كان هؤلاء وغيرهم يعانون كل تلك الأمراض فالكثيرون منّا أفضل حالاً منهم.
قد نمر أحيانا بأيام حلوة وأخرى سيئة.. لكن عندما يستهزئ بنا الناس لا يجب أن نقلق أنفسنا بما يقولون؛ فالمشكلة ليست في مظهري لكن المهم هو جوهري, فأنا لست معاقاً وحدي لكن كلا منا معاق لاحتياجه للحب, قد أكون بلا يدين أو ساقين.. لكني أحب الحياة، ومؤمن بإرادة الله وبأن النجاح لا حدود له طالما هناك أمل في الله وقدرته, فالخوف يمكن أن يكون إعاقة كبيرة في حياتنا إذا تمكن منا، فلا تجعله ينال منك وتأكد أن الله معك في كل وقت وفي كل الأحوال.
عبدالكريم بن عبدالعزيز القصير
المفضلات