بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
قد يكون هذا الموضوع من أخطر الموضوعات على الحياة الاجتماعية بين المؤمنين.
كيف أن قطرات من حمض يمكن أن تفسد كميات كبيرة من اللبن أو الحليب كيف أن نقاطٍ من النفط يمكن أن تفسد كميات كبيرة من أفضل أنواع الأغذية كذلك النميمة يمكن أن تفسد مجتمعاً بأكمله، والواحد أحياناً يقول لك أنا لا أفعل الكبائر، لا أكذب ولم أسرق، ولمَ ولم... لكنه كان ينقل كلاماً من إنسان لإنسان فإذا بهذا العمل يوجب له النار.
أخوانا الكرام: لا يوجد مجال إطلاقاً للمبالغة، الشرع لا يوجد فيه مبالغة، كلام النبي عليه الصلاة والسلام حق من عند الله تعالى، فأنا الآن سأسوق لكم بعض الآيات والأحاديث التي وردت في موضوع النميمة، ممكن إنسان واحد يفسد علاقة ألف إنسان وقد يدفع بهؤلاء جميعاً إلى أشد أنواع العداوة والبغضاء، وقد يدفع بهم إلى التقاطع والتدابر لذلك عظم الذنب بعظم آثاره والنميمة لها آثار لا تعد ولا تحصى، سأريكم في هذا الدرس نماذج من مواقف الصحابة والتابعين والعلماء العاملين في هذا الموضوع، ولو تصورنا أن جماعةً محدودة لم يكن بينهم نميمةٌ ولا غيبة لكانوا متماسكين متعاونين كأنهم صفاً واحداً أولاً الله سبحانه وتعالى حينما قال:
﴿هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) ﴾
( سورة القلم )
الزنيم هو الدعي، ومعنى الدعي ولد الزنا، يعني الله عز وجل جعل الذي يمشي بالنميمة أقرب إلى أن يكون من الزنا، آية ثانية :
﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) ﴾
( سورة الهمزة )
الهمزة هو النمام، و حينما تحدث عن أبي لهب:
﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) ﴾
( سورة المسد )
أي كانت أم جميل تمشي بالنميمة وكأنها تحمل حطباً يحرق الناس، و:
﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) ﴾
( سورة التحريم )
قيل كانت امرأة لوط تخبر بالضيفان، وامرأة نوح تخبر أنه مجنون، وقد قال صلى الله عليه وسلم، والله هذا الحديث أيها الأخوة لو الإنسان صدق أنه من عند رسول الله والنبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى، إن صدق هذا الكلام في حديث متفق عليه وإذا قلت لكم متفق عليه يعني هو من أعلى أنواع الأحاديث على الإطلاق، أي اتفق عليه الإمام البخاري ومسلم يقول عليه الصلاة والسلام:
(( عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلاً يَنُمُّ الْحَدِيثَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ ))
ولو صلى ولو صام، ولو حج، ولو أدى زكاة ماله، ولو زعم أنه مسلم، لا يدخل الجنة، وفي حديث آخر:
(( عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ حُذَيْفَةَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ رَجُلاً يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ ))
والقتات هو النمام عن أبي هريرة :
(( أحبكم إلى الله أحاسنكم أخلاقاً الموطؤون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون، وإن أبغضكم إلى الله ـ أبغضكم على الإطلاق اسم تفضيل ـ المشاءون بالنميمة، المفرقون بين الأخوان، الملتمسون للبرءاء العيب))
(( عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاقًا وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ قَالَ الْمُتَكَبِّرُونَ قَالَ أَبُو عِيسَى وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ وَهَذَا أَصَحُّ وَالثَّرْثَارُ هُوَ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ وَالْمُتَشَدِّقُ الَّذِي يَتَطَاوَلُ عَلَى النَّاسِ فِي الْكَلَامِ وَيَبْذُو عَلَيْهِمْ ))
أنا لا أشرح أنا أسمعكم آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وقال صلى الله عليه وسلم:
(( ألا أخبركم بشراركم قالوا بلى يا رسول الله، قال: المشاؤون بالنميمة المفسدون بين الأحبة الباغون للبرءاء العيب، وقال أبو ذر قال عليه الصلاة والسلام من أشاع على مسلم كلمةً ليشينه بها بغير حق شانه الله بها في النار يوم القيامة ))
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِشِرَارِكُمْ فَقَالَ هُمُ الثَّرْثَارُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا ))
(( عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِكُمْ قَالُوا بَلَى قَالَ فَخِيَارُكُمِ الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّهُ تَعَالَى أَلا أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمْ قَالُوا بَلَى قَالَ فَشِرَارُكُمُ الْمُفْسِدُونَ بَيْنَ الأحِبَّةِ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْبَاغُونَ الْبُرَآءَ الْعَنَتَ ))
أخوانا الكرام قبل أن تتلفظ بكلمة يجب أن تعلم أن كلامك من عملك، وليس كلام هذا عمل لأن كلمة ربما فسخت علاقة، كلمة ربما أفسدت بين محبين، لا تنسوا أن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1) ﴾
( سورة الأنفال )
ولا تنسوا أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
(( عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأمَمِ قَبْلَكُمُ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ حَالِقَةُ الدِّينِ لا حَالِقَةُ الشَّعَرِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَفَلا أُنَبِّئُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ ))
ينتهي الدين كله، مجتمع بلا دين إذا كان يوجد نميمة، رغم الصلاة والصوم والحج والزكاة، تذكر هذا المثل حلة حليب نقطتان من الحمض يفرط كله، أغلى طبخة نقطتين كاز تكبها، هكذا النميمة لا تبقي شيئاً.
أيما رجل أشاع على رجل كلمةً وهو بها بريء ليشينه بها في الدنيا كان حقاً على الله أن يذيبه بها يوم القيامة بالنار، وقد قال عليه الصلاة والسلام:
(( عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ مَنْ شَهِدَ عَلَى مُسْلِمٍ شَهَادَةً لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ))
مرة ثانية كلامك جزء من عملك:
((... وَإِنَّا لَنُؤَاخَذُ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ))
لا يستقم إيمان عبد حتى يستقم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، إنسان يتكلم على كيفه، جلس في جلسة ويقول هكذا قال عنك فلان، رأساً العرى انفصمت، دخل الحقد، البغضاء، كما قال الله عز وجل يصف أهل الكفر:
﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14) ﴾
( سورة الحشر )
يعني هل مر على المسلمين وقت هم في تمزق وتناحر وعداوة وبغضاء كهذا الوقت العصيب، بأسنا بيننا، الله عزوجل وصف المؤمنين:
﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29) ﴾
( سورة الفتح )
نحن بالعكس أشداء على بعضنا رحماء مع أعدائنا، بسبب النميمة، والله لا أبالغ وأنا متأكد أنه كما قال عليه الصلاة والسلام والحديث صحيح:
(( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلافٍ وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ ))
يعني ما قولكم أن نقول في جماعة تعيش في طرف الجزيرة، لا أقول اليمن لأن فيها مشكلة، في طرف الجزيرة نقول هذه الجماعة القبلية المتواضعة المتفلتة سوف تستولي على العالم الغربي بأكمله، هذا الكلام مستحيل، الذي يقول هذا الكلام يعد مختل العقل، هذا الذي حصل في عهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما عرفوا الله، وحينما استقاموا على أمر الله، وحينما أحب بعضهم بعضا كانوا كالبنيان المرصوص، لذلك دولتان كبيرتان عملاقتان جبارتان في الأرض تهاوت تحت أقدامهم، :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) ﴾
( سورة محمد )
النميمة تفتت، مجتمع فارط، عداء على مستوى الأمة، وعلى مستوى الشعب على مستوى الفئات، وعلى مستوى الأسر، وعلى مستوى الأسرة الواحدة، البيت الواحد قال عنك كذا ولكن أنا دافعت عنك، وهو كاذب ما دافع عنك، لكن نقلت لي هذا الكلام كي تنفصم عرى المحبة بيني وبين أخي، ويقال أن ثلث عذاب القبر من النميمة.
(( عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن الله لما خلق الجنة قال لها تكلمي قالت سعد من دخلني، فقال الجبار جل جلاله: وعزتي وجلالي لا يدخل فيكِ ثمانية نفر من الناس، لا يسكنكِ مدمن خمر، ولا مصر على الزنا، ولا قتات ـ يعني نمام، ولا ديوس ولا مخنث، ولا قاطع رحم، ولا الذي يقول علي عهد الله إن لم أفعل كذا وكذا ثم لم يفي بعهده ـ الذي يخلف بعهده ))
الآن أخبار يعني ليس في مستوى الأحاديث، ولكن يوجد منها مغزى، قال إن بني إسرائيل أصابهم قحط، فاستسقى موسى قومه مرات عدة فما سقوا، فأوحى الله تعالى إليه أن يا موسى لن أستيجب لك ولمن معك لأن فيكم نماماً ـ نمام واحد يمنع رحمة السماء ـ والقصة لها تتمة، ثم أنزل الله المطر فتعجب سيدنا موسى وقال له: يا موسى لقد تاب قال من هو يا رب ؟ قال: عجبت لك أستره وهو عاصٍ وأفضحه وهو تائب، انتهى، باب التوبة مفتوح إلى يوم القيامة.
هذه مقدمة الآيات والأحاديث المتفق عليها والصحيحة وبعض الأحاديث الأقل صحة كلها ترهب الإنسان من النميمة، بقي أن نعرف النميمة التعريف الدقيق وهذا التعريف دقيق جداً، النميمة: تطلق على من ينم قول الغير في المقول فيه، معنى ينم أي ينقل قول الغير إلى المقول فيه كأن تقول إن فلاناً كان يتكلم فيك كذا وكذا، قبل أن تقول هذا الكلام اعلم أنك وقعت في كبيرة، اعلم أنك وقعت في كبيرة توجب النار، اعلم أنك وقعت في كبيرة توجب أو تستلزم أن تفتت الجماعة المؤمنة.
الآن نتابع تعريفات النميمة حدها كشف ما يكره كشفه، إذا كشفت سراً هذا الكشف يكره ذلك أحد الطرفين فهذه نميمة، أحياناً الذي نقلت له الكلام قد لا يتألم والذي نقلت عنه الكلام قد يتألم، فأنت نمام، ليس الشرط أن يتألم من نقلت له الكلام، لا إذا تألم وكره من نقلت عنه الكلام فهو نميمة، الذي نقلت عنه والذي نقلت إليه إذا تألما جميعاً، فهذا العمل نميمة، وإذا تألم أحدهما فهذا العمل نميمة، وإذا لم يكره هذا العمل لا الذي نقلت عنه ولا الذي نقلت إليه ولكن شخص ثالث كره ذلك فهذه نميمة، يعني قد يكون الذي نقلت عنه لا يعبأ قوي جداً، وقد يكون الذي نقلت إليه لا يهمه ـ متمسح ـ الذي نقلت عنه لا يعبأ والذي نقلت إليه لا يهتم، لكن إنسان حساس أخلاقي رأى في هذا العمل وقيعة، دناءة فتألم رجل ثالث قال فهذه نميمة، إذا كشفت شيئاً كرهه واحد أو اثنان أو ثالث فهي نميمة.
الآن الكشف بالقول أو بالكتابة، أحياناً رسالة، أحياناً اتصال هاتفي يلغي زواج أيام رسالة مجهولة التوقيع تفسخ خطبة، أو بالرمز، أو بالإيماء، ما فعل شيئاً لكن حرك بدلته، هذه نميمة، إما بالقول أو بالكتابة أو بالرمز أو بالإيماء، الآن نقلت إما أعمال أو أقوال، فلان فعل كذا غير مفتاح البيت، ترى يخاف منك، هذا ما قال شيئاً سوى أنه غير المفتاح، هذه أعمال، الأقوال، قال عنك كذا أو لم يعمل ولم يتكلم لكن ذكرت عيباً في إنسان خلقياً ففسخت علاقةً بين اثنين، أو عيباً أو نقصاً بالمنقول عنه.
حقيقة النميمة إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه، إلا في حالتين النميمة معفو عنها إذا كان في حكاية هذا الكلام فائدةٌ لمسلم أو دفع لمعصية، الموضوع خطير موضوع زواج، لو فرضنا رجل قال أنا سوف أتزوجها شهرين فقط وعندما أسافر سوف أطلقها، والجماعة صدقوه وهذا تصريح رسمي، وهذا الزواج المؤقت زواج زنا، إذا كان سيحدث ضرراً كبيراً بمسلم فأنت عندئذ لست نماماً إذا في دفع فائدة لمسلم.
مثلاً شراكة أحد الشريكين تكلم بإنسان لا يتوقع أن يصل الكلام للشريك الثاني، أنا بعد أن أخذ المصلحة منه، سنة زمان وبعد ذلك أضعه خارج المحل لأن المحل باسمي وليس باسمه، هذا نمام صار إذا الكلام وصله مراعاة لهذا المسلم البريء الطاهر صار موضوع ثاني، ولكن أنا أفضل الإنسان لا يستعمل الرخص، لأن الرخص أحياناً تكون غير واضحة وأحياناً أخرى تكون الرخص فيها شبهة فأنت خذ الأحوط.
لو فرضنا رجل يخفي مال مورث، خمس أولاد وأحد الأولاد حمل كيس أسود ممتلئ بالخمسمائات وأخفاه أثناء الوفاة، أنت شاهدته ويوجد خمس أخوة في البيت هذه موضوع فيه أكل حقوق وفيه ظلم.
إذاً الاستثناء ما كان في حكاية الشيء فائدة لمسلم أو دفع لمعصية طبعاً الغلول أن تأخذ المال كله هذا غلول وهذه معصية كبيرة جداً، يقول الإمام الغزالي في الإحياء أن الباعث على النميمة أحياناً أن تريد السوء للمحكي عنه أو أن تظهر الحب للمحكي له، إما أن تريد السوء لمن نقلت عنه أو أن تريد الخير لمن نقلت إليه، أو أن تتسلى بالوقيعة بين الاثنين، هذا عمل شيطاني يبتغى به وجه الشيطان، إما أن تريد أن تسيء لمن نقلت عنه وإما أن تريد أن تظهر حبك لمن نقلت إليه أو أن تريد أن ترى بأم عينك ما يجري بينهما وكيف تنفصم هذه العلاقة.
الآن أهم ما في الدرس هذه النقطة أنت شاب مؤمن طالب علم، تنتمي إلى مسجد جاء إنسان وقال لك إن فلان تكلم عليك كذا، أنت ما الموقف الشرعي الذي يجب أن تأخذه ؟ قل لي هل من المعقول، لا ينبغي أن تقول هذا، قال: أولاً من قيل له إن فلاناً قال فيك كذا أو فعل في حقك كذا أو هو يدبر في إفساد أمرك أو في ممالئة عدوك، أو تقبيح حالك أو ما يجري مجرى هذا، قال: فعليه ستة أمور، ستة واجبات على من قال له إنسان فلان تكلم عنك كذا وكذا، الأول أن لا يصدقه لأن النمام فاسق وهو مردود الشهادة لقوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) ﴾
( سورة الحجرات )
رقم واحد أن لا تصدقه لأنه كذاب، ثانياً أن ينهاه عن ذلك وينصح له ويقبح فعله :
﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) ﴾
( سورة لقمان )
يا فلان ما كان ينبغي أن تقول هذا الكلام ولو وقع، إنك أصبحت نماماً والنمام لا يدخل الجنة، لا ينبغي أن تسكت من نقل لك كلاماً عن شخص قال فيك هذا الكلام ينبغي أولاً أن لا تصدقه لأنه كذاب بنص القرآن الكريم.
ثالثاً أن يبغضه في الله تعالى، يجب أن لا تحبه هذا يحضر لي أخبار عال أشجعه، يجب أن أبغضه في الله تعالى فإنه بغيض عند الله تعالى ويجب أن تبغض من يبغضه الله تعالى، إذا إنسان نقل إليك كلام وأنت أحببته واعتبرته هذا من طرفك، هذا من أتباعك، هذا مخبر، إن اعتبرته ذلك فأنت خالفت سنة النبي عليه الصلاة والسلام، ينبغي أن تبغضه في الله لأن المؤمن يبغض من يبغضه الله، وهذا بغيض عند الله، رابعاً أن لا تظن في أخيك الذي نقل عنه هذا الكلام سوءً لقوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) ﴾
( سورة الحجرات )
خامساً أن لا يحملك ما حكى لك هذا الإنسان على التجسس والبحث لتتحقق إتباعاً لقوله تعالى، يقول لك أنا ـ أُدقدس ـ أتتبع الأمر، لا تتبع الأمر أرح نفسك وأرح غيرك السادس أن لا ترضى لنفسك ما نهيت النمام عنه ولا تحكي نميمته، وتقول فلان قد حكى لي كذا وكذا فتكون نماماً ومغتاباً، وقد تكون قد أتيت ما عنه نهيت، ست حالات أولاً أن لا تصدقه، ثانياً أن تنهاه، ثالثاً أن تبغضه، رابعاً أن تظن بأخيك خيراً، خامساً أن لا يحملك هذا القول على التجسس، سادساً أن لا تفعل ما نهيت عنه.
ستة واجبات دينية مدعمة بالآيات القرآنية يجب أن تفعلها إذا استوقفك إنسان وقال لك فلان قال عنك كذا وكذا.
سيدنا عمر بن عبد العزير رضي الله عنه دخل عليه رجل، فذكر له عن رجل شيئاً، فقال له عمر: إن شئت نظرنا في أمرك فإن كنت كاذباً فأنت من أهل هذه الآية إن جاءكم فاسق بنبأ، وإن كنت صادقاً فأنت من أهل هذه الآية: هماز مشاء بنميم، وإن شئت عفونا عنك، فقال: العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبداً.
حكيم من الحكام زاره بعض أخوانه فأخبره بخبر عن بعض أصدقائه، قال له الحكيم: قد أبطأت في الزيارة ـ تأخرت حتى زرتني ـ لكن بهذه الزيارة ارتكبت ثلاث جنايات، يعني يا ريتك لم تزورني بعد الانتظار الطويل، بغضت أخي إلي، وشغلت قلبي الفارغ، واتهمت نفسك الأمينة، يعني وضعت نفسك في موضع تهمة وشغلت قلبي وبغضتني بأخي بعد انتظار هذه الزيارة ترتكب هذه الجنايات الثلاث.
قال مرةً سليمان بن عبد الملك كان جالساً وعنده الزهري فجاءه رجل فقال له سليمان: بلغني إنك وقعت في وقلت كذا وكذا، فقال الرجل: ما فعلت ولا قلت، فقال: سليمان إن الذي أخبرني صادق، فقال له الزهري: لا يكون النمام صادقاً، فقال: سليمان صدقت، ثم قال للرجل: اذهب بسلام.
الحكم يقول رضي الله عنه: من نمّ إليك نمّ عليك، الشيء الغريب إنسان يتودد لك ويقول لك فلان قال عنك كذا، وفلان قال عنك كذا وأنا والله ما هان علي، وليس له الحق أن يقول هذا الكلام فأنت تميل نحوه الله يرضى عليك، والله أنا أحبك يا فلان، صار في غزل، يذهب إلى الطرف الثاني ويقول كلام معاكس، قال هذه إشارة إلى أن النمام ينبغي أن يبغض وأن لا يثق بقوله، ولا بصدقاته، صدقوني زواج يفسد ينتهي بالطلاق شركة تنتهي بالفسخ، أسرة تنتهي بالعداوة والبغضاء، شيء خطير جداً أن المجتمع يتفتت من النميمة.
الآن بعض الآيات الكريمة:
﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) ﴾
( سورة الشورى )
علماء التفسير قالوا: النمام منهم، يبغون في الأرض بغير الحق، يعتدون وقال صلى الله عليه وسلم:
(( عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ فَلَمَّا دَخَلَ انْبَسَطَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَّمَهُ فَلَمَّا خَرَجَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا اسْتَأْذَنَ قُلْتَ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ فَلَمَّا دَخَلَ انْبَسَطْتَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ للا يُحِبُّ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَتْ: فَقَالَ تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ الَّذِينَ يُكْرَمُونَ اتِّقَاءَ أَلْسِنَتِهِمْ ))
والنمام منهم، وقال صلى الله عليه وسلم:
(( عن جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ ))
قيل وما القاطع، قال: قطع بين الناس، والنمام منهم.
(( وعن علي رضي الله عنه، أن رجلاً سعى إليه برجل فقال يا هذا نسأل عما قلت فإن كنت صادقاً مقتناك وإن كنت كاذباً عاقبناك، وإن شئت أن نقيلك أقلناك، فقال أقلني يا أمير المؤمنين ))
قيل لمحمد بن كعب القرظي أي خصال المؤمن أوقع له ـ تذل قدمه فيهاـ فقال كثرة الكلام، وإفشاء السر، وقبول قول كل أحد.
تقبل أي قول، تفشي أي سر، وكثرة الكلام، من كثر كلامه كثر خطأه، ذكر عند بعض الحكماء النميمة فقال ما ظنكم بقوم يحمد الصدق من كل طائفةٍ من الناس إلا منهم النمام قد يكون صادقاً وفعلاً الكلام قاله فلان، ولكن ألأم أنواع الصدق أن تكون نماماً فلان قال هذا الكلام أنت ما كذبت أنت نقلت ما قال فلان في فلان، فهذا ألأم أنواع الصدق أن تصدق في هذا الموطن، أنا لا أقول لك اكذب لا أقول لك اسكت.
قال مصعب بن الزبير: نحن نرى أن قبول السعاية شر من السعاية لأن السعاية دلالة والقبول إجازة، ما هي السعاية ؟ هي النميمة نفسها لكن إذا كانوا شخصين متكافئين صديقين، طالبيتن، شريكين، أخين، هذه نميمة، لكن الأول موظف والثاني مدير عام فأنت نقلت للمدير العام هذا يتكلم عليكم سيدي، يقول أنت لا تفهم شيئاً والذي قبلك أفضل منك وأمام الناس تكلم هكذا وأنا لم يهن علي، ما اسمها هذه سعاية نقلت كلام إلى شخص أقوى من الأول، قال: قبول السعاية شر من السعاية لأن السعاية دلالة والقبول إجازة وليس من دل على شيء فأخبر به كمن قبله وأجازه فاتقوا الساعي ولو كان صادقاً في قوله قال لئيماً في صدقه حيث لم يحفظ الحرمة ولم يستر العورة.
يقال أن أحد الصالحين دخل على أحد الخلفاء وقال يا أمير المؤمنين إنه قد اكتنف رجال ابتاعوا دنياك بدينهم ورضاك بسخطهم، خافوك في الله ولم يخافوا الله فيك، فلا تأمنهم على ما ائتمنك الله عليه ولا تصغي إليهم فيما استحفظك الله إياه، فإنهم لم يأنوا في الأمة خسفاً وفي الأمانة تضيعاً، والأعراض قطعاً وانتهاكاً، وأجل وسائلهم الغيبة والوقيعة وأنت مسؤول عما أجرموا وليسوا مسؤولين عما أجرمت فلا تصلح دنياك بفساد آخرتك فإن أعظم الناس غبناً من باع آخرته بدنيا غيره.
رجل قال لعمرو بن عبيد: أن فلاناً لا يزال يذكرك بقصصه بالشر، فقال له عمرو: يا هذا ما راعيت حق مجالسة الرجل حيث نقلت إلينا حديثه ولا أديت حقي حيث أعلمتني عن أخي ما أكره، ولكن أعلم أن الموت يعمنا وأن القبر يضمنا وأن القيامة تجمعنا والله سبحانه وتعالى يحكم بيننا وهو خير الحاكمين.
يعني الله عز وجل مطلع وهو خير الحاكمين، فالموت يجمعنا والموت يضمنا والقيامة ننتهي إليها والله يجمع بيننا، رجل رفع كتاب فيه نميمة فكتب من تلقى الكتاب على ظهره هذا الجواب، قال:
السعاية قبيحة وإن كانت صحيحة، فإن كنت أجريتها مجرى النصحِ فخسرانك فيها أفضل من الربح، ومعاذ الله أن نقبل مهتوكاً في مستور ولولا أنك في خسارة شيبتك لقابلناك بما يقتضي فعلك بمثلك، فتوقى يا ملعون العيب فإن الله أعلم بالغيب، الميت رحمه الله، واليتيم جبره الله، والمال ثمره الله، والساعي لعنه الله، النميمة هي في أكل مال يتيم.
سيدنا لقمان كان من الحكماء والله عز وجل ذكر بعض حكمه في القرآن الكريم، قال: يا بني أوصيك بخلال إن تمسكت بها لم تزل سيداً: أبسط خُلُقَكَ للقريب وللبعيد، وأمسك جهلك عن الكريم واللئيم، واحفظ أخوانك و صل أقاربك، وأمنهم من قبول قول ساعٍ، أو سماع باغٍ يريد إفساد ما بينك وبينهم ويروم خداعك، وليكن أخوانك من إن فارقتهم وفارقوك لم تعبهم ولم يعيبوك.
الحقيقة الآن البواعث على النميمة، قال: الكذب، والحسد، والنفاق، وهي أساس الذل، وقال بعضهم لو صح ما نقله النمام إليك لكان هو المجترء بالشتم عليك والمنقول عنه أولى بحلمك لأنه لم يقابلك بشيء المنقول عنه أولى بحلمك استحى منك وتكلم بغيابك، أما هذا نقل لك الكلام مباشرةً وهو أولى ـ الأول أولى بحلمك ـ لأن الثاني شتمك وهو لا يشعر.
الحقيقة يوجد قصة يرويها أكثر العلماء عن النمام، إنسان اشترى عبداً وقال للمشتري عبد رخيص قوي البنية وشاب لكنه رخيص جداً، ما هو عيبه ؟ فقال له: نمام قال: لا يوجد مشكلة واشتراه، مكث هذا الغلام أياماً ثم قال لزوجة مولاه: إن سيدي لا يحبك وهو يريد أن يتسرى عليك فخذي الموس واحلقي من شعر قفاه عند نومه شعرات حتى أسحره بها وأصرف عنه هذه التي أحبها فيحبك عندئذ، ثم قال للزوج إن امرأة اتخذت خليلاً وتريد أن تقتلك، فتناوم لها حتى تعرف ذلك، فتناوم لها فجاءت المرأة بالموس فظن أنها تريد أن تقتله فقام إليها وقتلها فجاء أهل المرأة فقتلوا الزوج ووقع القتال بين القبيلتين فنسأل الله حسن التوفيق، هذه القصة نادرة وغريبة، والله تقع، هناك من يرتكب جريمة أحياناً بكلمة، فأرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون قد نقلت لكم ما في الكتاب والسنة والتعريف الدقيق الدقيق للنميمة والبواعث والأخطار، وكيف أن مجتمعاً بأكمله يمكن أن يتفتت ويتشرذم ويفسد وتتقطع العلاقة بين أبنائه عن طريق النميمة، طبعاً هذا الكلام موجه لعامة المؤمنين، أما طلاب العلم رواد المسجد الذين ينتمون لأهل الإيمان هؤلاء أولى بهم وأولى أن يتمسكوا بهذا.
لي عندكم رجاء أي إنسان قال لك علة إنسان أنه قال عنك كذا كما قلت قبل قليل هناك ست حالات أولاً أن لا تصدقه، ثانياً أن تنهاه، ثالثاً أن تبغضه، رابعاً أن تظن بأخيك خيراً، خامساً أن لا يحملك هذا القول على التجسس، سادساً أن لا تفعل ما نهيت عنه.
ونحن عندما نجامل بعضنا نهلك، يعني أبشع صفة تعلمناها عن الأجانب المجاملة، بالتعبير العادي ـ أعطيه جَمَلُه ـ لا تزعل أحداً أنت لا هذا موقف لئيم ينبغي أن تقف موقف عنيف اسكت، كان أحد العلماء الصالحين الشيخ بدر الدين رحمه الله لا يسترجي إنسان أن يتكلم إنسان أمامه، اسكت يابا أَظلَم قلبنا، امشي.
أجمل شيء بالمؤمنين التماسك والمحبة، كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول: أحب أن أخرج لأصحابي وأنا سليم الصدر عنهم، أيام يكون إنسان له صلة طيبة مع أستاذه ويوجد علاقة طيبة ومودة وهو يتألق في نظره والأستاذ يتألق في نظر تلميذه ويوجد محبة ووفاء ومودة يأتي إنسان يُسود صحيفة هذا التلميذ عند أستاذه، في بيته هكذا يفعل، يأكل مال على الناس، يكون طالب العلم متألق ينوص، فالنبي الكريم كان يقول: أحب أن أخرج لأصحابي وأنا سليم الصدر عليهم، فالذي أرجوه إنسان تكلم كلمة ينبغي أن تسكته إلا في حالات نادرة جداً وخطيرة، هذه فيها مصلحة عامة أو نفع لمسلم أو دفع ضر.
والحمد لله رب العالمين
hgkldlm hu/l avh lk hgspv>>
المفضلات