إلى أختي المسلمة:
أين دورك في نهضة الأمة؟
الإسلام شريعة السماء، ونور الأرض، وهداية البشر، وجمال الوجود،
وزاد طيب في الحياة، للذَّكر والأنثى، للرجل والمرأة، للشاب والفتاة
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].
وبنت الإسلام، هي نَبْت الإسلام، وهي أُمُّ المسلمين، حاملة النور
"خرج مني نور، أضاءت منه قصور الشام"؛ صحيح، ومَضْرب المثَلِ
في الحياء "كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - أشدَّ حياء من العذراء في
خِدْرها"، ومدرسة الأخلاق في الحياة.
الأُمُّ مَدْرَسَةٌ إِذَا أَعْدَدْتَهَا *** أَعْدَدْتَ شَعْبًا طَيِّبَ الأَعْرَاقِ
الأخت المسلمة يجب أن تعتز بدينها، وتتزيَّن بالْتزامها،
وتعمل لإرضاء ربِّها، وتفخر بمن سبق من أخواتها وأمهاتها.
انظري أختي المسلمة دور هاجر - عليها السلام - مع زوجها
الخليل إبراهيم - عليه السَّلام - في إرساء اليقين، وبناء الثِّقة في الله،
وإقامة شعائر الله،
﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ
عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 158].
انظري أختي المسلمة دور أُمِّ موسي وهي تستقبل وحي الله لها،
فتقاوم النَّفس والهوى، وحتى الطبيعة البشرية، وتُلْقِي بفلذة كبدها موسي
- عليه السَّلام - في البحر؛ طاعة لربِّها، وإيفاءً بوعد الله لها:
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا
تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7]،
الذي تحقق؛
﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص: 13].
انظري أختي المسلمة دور خديجة بنت خُوَيلد - رضي الله عنها - مع
زوجها الحبيب - صلى الله عليه وسلَّم - في التأسيس للإسلام وبنائه.
انظري أختي المسلمة دور سُميَّة في إطلاق أول شعاع للإيمان،
وإشعال أول شرارة للشهادة، وتقديم أول روح طاهرة صابرة في سبيل الله.
انظري أختي المسلمة دور أُمِّ سلمة - رضي الله عنها - مع زوجها الأوَّل
في الهجرة، كيف صنَعَت وماذا عَمِلَت، ومع زوجها الثاني الحبيب - صلَّى
الله عليه وسلَّم - في الحديبية، كيف صنعت؟ وماذا عملت؟!
انظري أختي المسلمة دور أسماء - رضي الله عنها - ذات النِّطاقين - وهي
في الشهر التاسع كيف صنعت مع أبيها؟ وماذا عَمِلت مع رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - في الهجرة؟
انظري أختي المسلمة دور آسية امرأة فرعون كيف واجهت الفساد،
وقاومت العناد، وآمنت بالله ربِّ العباد، فضرب الله بها المثَل في القرآن
للمؤمنين والعباد:
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ
بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾
[التحريم: 11].
المرأة والرجل شركاء في العمل والإصلاح والأجر:
أختي المسلمة، أمام أمْرِ الله المؤمنُ والمؤمنة سواء؛
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].
أختي المسلمة، أمام جزاء الله المؤمن والمؤمنة سواء؛
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
[التوبة: 72].
أختي المسلمة، أمام التقرُّب إلى الله بالفرائض الواجبة والأعمال المُقَرِّبة،
المؤمن والمؤمنة سواء، كيف؟!
﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ
وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ
وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا
عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35].
لقد خلق الله الناس من ذكرٍ وأُنْثى؛
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]،
وأعَدَّ الجنة لمن يعمل صالحًا ذكرًا أو أُنثى؛
﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ
يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124]،
والله يستجيب للذكر والأنثى؛
﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى
بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ [آل عمران: 195].
ضِعَاف الإيمان يميِّزون بين الرجل والمرأة على أساس الذُّكورة
والأنوثة، وهذه نظرة خاطئة بِنَصِّ القرآن الكريم، فالحكم هو العمل
الصالح والتَّقوى لا غير، كما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
لا يتحَقَّقان إلاَّ في المجتمع المفتوح الذي يجعل المرأة تُسْهِم بدورها
إلى جانب الرجل
﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ
سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71]،
ودور المرأة في إصلاح المجتمع، وهو ما يبيِّن القرآن الكريم
أنَّه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهَدْي الرسول الكريم في
الحياة الاجتماعية لَهُو دليلٌ قاطع على أنَّ المرأة المسلمة كانت حاضرة
إلى جانب الرَّجل، وعلى كُلِّ المستويات، ومع أنَّ ذهاب النِّساء إلى المسجد
كان يثير غَيْرة الأزواج، فإنَّه لم يَجْرُؤ أحدٌ على مَنْع المؤمنات من مشاركة
المؤمنين خير الصَّلوات الجماعية، وخير الاستماع إلى خُطَب الجمعة،
بعد أن قال:
((لا تَمْنعوا إماء الله بيوت الله))؛ البخاري، جمعة 849.
وقد رُوِي أنَّ عمر بن الخطَّاب كان يختصم مع زوجته عاتكة؛
حيث كانت كثيرة الصلاة في المسجد، وكان عمر يقول لها: والله،
إنَّكِ تَعْلمين أنِّي لا أُحبُّ هذا، فقالت: والله لا أنتهي حتىَّ تنهاني، قال:
إني لا أنهاك، يقول الراوي: ولقد طُعِنَ عُمر وهي في المسجد.
إنَّ المُتَمعِّن في هذه المعاملة الطيِّبة للمرأة في العصور الإسلامية الأُولى،
يجد أنَّ الرغبة النبوية في مشاركتها في إقامة الصَّلوات، والتعلُّم والتعليم،
والدعوة إلى الله - دليلٌ قاطع على أن المرأة كانت تشارك مشاركة واسعة
في النشاطات المختلفة، وهي في حدِّ ذاتها دعوة إلى إصلاح المجتمع
وتخفيف من أعباء الرَّجُل.
في فتح مكة بعد ثماني سنين من الهجرة إلى المدينة، وعند رجوعه
لفَتْح مكة، هرب المجرمون خوفًا من حُكْم العدالة، وظَنُّوا أنَّ مصيرهم
الذَّبح، لكن ابن هُبَيرة قد استجار بأُمِّ هانئ ابنة عمِّ الرسول، فأجارَتْه،
فاعترض بعضُ الصَّحابة على هذا العهد النسوي، واحتجُّوا بالويلات
التي ذاقوها من أمثال ابن هبيرة.
فجاءت أمُّ هانئ إلى النبي، فقالت:
يا رسول الله، زعم ابن أُمِّي، تقصد شقيقها عَلِيًّا، أنه
قاتِلٌ رجلاً قد أجَرْتُه، إنه ابن هُبَيرة يا رسول الله، فقال النبي:
((قد أجَرْنا من أجَرْتِ يا أم هانئ))؛ صحيح، أخرجه البخاري.
ها هو الرسول يحترم عهدًا أعطَتْه امرأة لأحد المطلوبين للعدالة، ولم
يَخْذلها أبدًا، فهل يعتبر هؤلاء الذين يقولون: إن المرأة لا قيمة لها في
الإسلام، وهم كثُر؟ وهل يتَّقون الله ويتَّبعون هَدْي النبي الكريم؟
عن مسلم بن عبيد أن أسماء بنت يزيد الأنصارية أتت النبي وهو جالس بين
أصحابه، فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أنا وافدة النِّساء إليك، إن الله
بعثَكَ إلى الرِّجال والنساء كافَّة، فآمنَّا بك وبإلهك، وإنا مَعْشر النِّساء محصورات
مقصورات، قواعِدُ بيوتِكم، ومَقْضى شهواتكم، وحامِلات أولادكم... إلخ، ثم قالت:
أفما نُشارككم في هذا الأَجْر والخير؟ فالتفت النبيُّ إلى أصحابه بوجهه كُلِّه،
ثم قال لهم:
((هل سمعتم مقالة امرأة قطُّ أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه؟))
فقالوا: يا رسول الله، ما ظننَّا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا.
كانت المرأة تعمل على عهد رسول الله، وتكتسب مالاً تَعُول به نفسها وزوجها وأولادها،
فهذه زينب بنت عبدالله الثقفية زوجة عبدالله بن مسعود كانت امرأة تعمل وتنفق على زوجها
وأولادها، جاءت إلى النبي فقالت له: إنِّي امرأة ذات صنعة، فأبيع، وليس لأولادي ولا لزوجي
مالٌ، فيشغلونني عن الصدقة، فهل لي في النفقة عليهم أجْرٌ؟ فقال لها رسول الله:
((لك في ذلك أجْرُ ما أنفقت عليهم))؛ البخاري
وكانت هناك امرأة بالمدينة يُقال لها: الحولاء العطَّارة، فكان النبي يأنس بها ويزورها،
وكانت تبيع العطور، كان إذا دخل بيته قال: ((أين الحولاء العطارة؟ إني لأجد ريح العطارة،
هل ابتَعْتم منها اليوم شيئًا)).
لكن في الزمن الذي نحياه اليوم، تطوُّرات سريعة، وصيحات جريئة، وقرارات مفاجئة،
وأهداف مثيرة، وغايات خطيرة.
في الإسلام والالتزام بتعاليمه عاشت المرأة في عزَّة نَفْس، وشِدَّة حياء، وقمَّة عِفَّة،
وصَوْن كرامة، ولم تَمْتهن نفسها مع حاجتها وفقرها، وآثرت أن تعمل بيديها في بيتها لِتَسُدَّ
حاجتها، ولم تُلْجِئها الحاجة يومًا إلى مُخالطة الرجال، واختراق الصُّفوف، وكَشْف المحاسن،
من أجْل لقمة العيش أو سَدِّ الحاجة، فأغناها الله من واسع فضله، ورزقها من حيث لا تحتسب،
فمن يتَّق الله يجعل له مخرجًا، وليست المشكلة في توظيف المرأة، ومنحها فرصة عمل كريمة؛
لِبِناء حياة شريفة، فالعمل الشريف للمرأة العفيفة مَطْلب مهم، وقرار عادل، ولفتة كريمة،
بل القضية الأهم، كيف تعمل المرأة؟ وأين تعمل؟ ومع من تعمل؟
إن الفُجور الغَرْبي، والجهل الشَّرقي، والصلف اليهودي يَعْتبر المرأة جسَدًا يجب إبراز مفاتنه،
وكشف مَحاسنه، وفَضْح مكامنه، وتَعْرية معالمه، وهناك ضِعاف الإيمان، يريدون تدمير المرأة
في بيتها، وتجريدها من مسؤولياتها، لماذا يَستشهدون بقول الله - تعالى -:
﴿ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 28]،
ويتناسَوْن قوله:
﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]؟
يحتجُّون بامرأتَيْ نوحٍ ولوط، ويغفلون امرأة فرعون وابنة عِمْران، هذا القصور في الفهم
أدَّى إلى إعاقة حركة المُؤْمنات المُحْصَنات العفيفات، وإلى حرمان الدعوة والمجتمع من
عطائهنَّ، فكان لا بدَّ أن تَشغل الساحةَ مَن لا علم، ولا تربية، ولا خلق ، ولا رسالة لهن،
إلاَّ مَن رحم الله.
الأخت المسلمة، هي الابنة والأخت والزَّوجة والأُم، نصف المجتمع،
وتقوم على رعاية النصف الآخر.
الأخت المسلمة، إنْ هِي نَضِجَت وأخلصَتْ تستطيع أن تزرع الخير،
وتقتلع الشر، وتصلح التَّالف، وتعدل المعوجَّ، وتبني المتهدِّم.
الأخت المسلمة، إن هي علمَتْ وفهمت أجمل إبداعًا، وأعلى تركيزًا،
وأرهف إحساسًا، وأكثر حماسًا، وأعظم تألُّقًا ونشاطًا.
الأخت المسلمة، إن هي آمنَتْ وفقهت، أعظم مسؤولية وأثقل تَبِعة، كيف؟
تَحْمل وتَلِد، ترضع وتربِّي، تقوم على شؤون البيت من ترتيب وتنظيم، من غسيل
وتنظيف، من مودَّة وسكن - نصيب أكبر في متابعة الأولاد في غياب الزوج - وغيره!
وفوق كُلِّ ذلك دورها مع زوجها في رسم خطة الحياة ومباشرة تنفيذها؛ لذلك حقُّها على
الابن - كما ورد في الحديث الصحيح - ثلاث أضعاف حقِّ الوالد.
أختي المسلمة العفيفة، أين أَنْت من خديجة وعائشة وأُمِّ سلمة أُمَّهات المؤمنين؟
أين أنت من آسية امرأة فرعون وهي تُواجه الفساد والاستبداد؟ أين أنت من أُمِّ
موسي - عليه السَّلام -؟ أين أنت من أُمِّ سليم التي رضيت أن يكون مَهْرها الإسلام؟!
أين أنت من سمية بنت عمَّار أول شهيدة في الإسلام؟! أين أنت من رفيدة أول طبيبة
في الإسلام؟! أين أنت من أُمِّك في فلسطين الأرض المباركة؟! أين أنت من أختك في
غزَّة، أرض الكرامة والحرِّية والعزة؟!
أختي المسلمة العفيفة، أين أنت من نهضة الأُمَّة؟!
أنت بنت الإسلام، وأنت نَبْت الإسلام، أنت الكلمة الطيِّبة، وأنت الشجرة المُثْمِرة،
وأنت الجوهرة المكنونة، وأنت الدُّرة المكنونة، وأنت اللُّؤلؤة المضيئة التي لا تَحِلُّ
لِسَارق، ولا تُباع لسفيه، ولا تعطى لوضيع، ولا تُهْدى لجاهل، ولا تُلْقَى على قارعة
الطريق لتدوسها الأقدام، وتَزْدرِيَها الأعين، وتَلُوكَها الألسن،
فأين أنت من نهضة الأمة؟!
أختي المسلمة العفيفة، لا بُدَّ أن تكون لك بصمة في نهضة الأُمَّة، تبدأ أوَّلاً من البيت،
تربية الأبناء على أخلاق الإسلام، ومتطلبات الدِّين، ثم تنطلقين معهم بروحك وسَمْتك
والْتزامك إلى المدارس والجامعات، إلى الدَّوائر والهيئات، إلى النوادي والمؤسَّسات،
إلى المواقع والمنتديات، فتَبُثِّين النُّور، وتزرعين الأمل، وتُحْيِين المَوَات، وتؤسِّسين
لنهضةٍ ملأَت الدُّنيا - كل الدنيا - عدلاً وعلمًا ونورًا وجمالاً.
أختي المسلمة العفيفة، أعلم أنَّ هناك أخَواتٍ مُجاهدات نشيطات مُخْلصات،
يستنهضن الهِمَم، ويستَثِرْن العزائم، ويرفعن لواء الحقِّ أينما كانوا، وحيثُما وُجدوا،
أحْسَبُهن كذلك، بارك الله فيهن، وأجزل العطاء لهن، وأدخلهن الفردوس الأعلى
من الجنة مع خديجة وسمية و...
أختي المسلمة العفيفة، الأُمَّة في حاجة ماسَّة إليك اليومَ وكُلَّ يوم، كيف؟!
عِفَّتك تَطْغى على سُفور الأُخْرَيات هداهُنَّ الله، وعلمك يُضِيء طريق الأخريات
أكرمهنَّ الله، وفِقْهُك يأخذ بأيدي الأخريات أعزَّهن الله، وإقدامك وذاتيتك يُطْلق
الحماس لدى الأخريات باركَهُن الله، فأنت القدوة في زمن غابت فيه القدوة، وأنت
المَثَل في زمن ضاعت فيه المُثُل، ألا تستعيدين حقوقَكِ المنهوبة، ألا تسترجعين
حرِّيتَك المسلوبة، ألا تبنين نهضتك المغيبة! هيا انهضي، وفي الله جاهِدي،
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].
اللَّهم فَقِّهْنا في ديننا، وفَهِّمنا شِرْعة رَبِّنا، اللهم ارْزُقنا الإخلاص في القول والعمل،
ولا تجعل الدُّنيا أكبر هَمِّنا، ولا مَبْلَغ علمنا، وصلِّ اللهم على سيِّدنا محمد وعلى
أهله وصحبه وسلِّم، والحمد لله ربِّ العالمين.
منقول بتصرفYgn Hojd hglsglm: Hdk ],v; td kiqm hgHlm?
المفضلات