بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام عل رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، ومن اقتدى بهداه
أما بعدُ :
فقد ابتلي المسلمين بالتشبه بالكفار ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – ، مرفوعاً : " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر ، وذراع بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم " ، قلن : يا رسول الله ! اليهود والنصارى ؟ ، قال : " فمن "
ووقعوا في الوعيد ، فقد قال – صلى الله عليه وسلم – : " من تشبه بقوم فهو منهم "
ومن صور هذا التشبه احتفالهم بما يسمى " شم النسيم " ، فرأيت أن أكتب هذه الورقات نصحاً لإخواني
والله أسأل أن يجعلها في ميزان حسناتي ، وأن يغفر لي ، ولوالدي ، ولمشايخي ، وإخواني ، ولجميع المسلمين ، إنه سميع عليم .
أولاً - ما هو العيد ؟
العيد : هو كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم " ( 1 / 496 ) : " اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد ، إما بعود السنة ، أو بعود الأسبوع ، أو الشهر ، أو نحو ذلك ، فالعيد يجمع أموراً ، منها : يوم عائد كيوم الفطر ويوم الجمعة ، ومنها : اجتماع فيه ، ومنها : أعمال تتبع ذلك : من العبادات والعادات ، وقد يختص العيد بمكان بعينه ، وقد يكون مطلقاً ، وكل هذه الأمور قد تسمى عيداً " . أ هـ
ثانياً- الأصل في الأعياد التوقيف
ليس للمسلمين أعياد سوى عيد الفطر وعيد الأضحى ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فعن أنس ، قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : " ما هذان اليومان ؟ " ، قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر " .
فهذا الحديث يدل على أن الأعياد توقيفية كالعبادات .
وقال صلى لله عليه وسلم : " إن لكل قوم عيداً " ، وهذا الحديث يدل على اختصاص كل قوم بعيدهم
.
ثالثاً - منشأ هذا عيد شم النسيم
قال الأخ إبراهيم الحقيل – حفظه الله – : " عيد شم النسيم من أعياد الفراعنة ، ثم نقله عنهم بنو إسرائيل ، ثم انتقل إلى [ النصارى ] بعد ذلك ، وصار في العصر الحاضر عيداً شعبياً يحتفل به كثير من أهل مصر من [ نصارى ] ومسلمين .
كانت أعياد الفراعنة ترتبط بالظواهر الفلكية، وعلاقتها بالطبيعة ، ومظاهر الحياة ، ولذلك احتفلوا بعيد الربيع الذي حددوا ميعاده بالانقلاب الربيعي ، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل
ويقع في الخامس والعشرين من شهر برمهات – وكانوا يعتقدون- كما ورد في كتابهم المقدس عندهم – أن ذلك اليوم هو أول الزمان ، أو بدء خلق العالم.
وأطلق الفراعنة على ذلك العيد اسم ( عيد شموش ) ، أي : بعث الحياة ، وحُرِّف الاسم على مر الزمن ، وخاصة في العصر القبطي إلى اسم ( شم ) وأضيفت إليه كلمة النسيم نسبة إلى نسمة الربيع التي تعلن وصوله
يرجع بدء احتفال الفراعنة بذلك العيد رسمياً إلى عام 2700 ( ق.م ) ، أي : في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة ، ولو أن بعض المؤرخين يؤكد أنه كان معروفاً ضمن أعياد هيليوبوليس ومدينة ( أون ) ، وكانوا يحتفلون به في عصر ما قبل الأسرات " أ .هـ . بتصرف يسير .
قلت : ونحن مأمورون بمخافة المشركين ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " خالفوا المشركين " ، فسواء كان عيداً للفراعنة أو النصارى أو غيرهم ، فكلهم مشركين ، ونحن مأمورون مخالفتهم
رابعاً : حكم مشاركة الكفار في أعيادهم .
ما سبق بيانه هو بيان أن احتفال المسلم بغير عيدي الفطر والأضحى لا يجوز ، وما نريد بيانه في هذا المبحث أنه لا يجوز مشاركة الكفر في أعيادهم ، ولا تهنئتهم بها .
فقد قال الله – تعالى – : { والذين لا يشهدون الزور } .
قال : ابن عباس ، وأبوالعالية ، وطاوس ، ومحمد بن سيرين ، والضحاك ، وابن زيد ، والربيع بن أنس ، وغيرهم : " هي أعياد المشركين " .
وقيل : " الشرك ، وعبادة الأصنام " ، وقيل : " اللغو والغناء " ، وقيل : " الكذب والفسق والكفر واللغو والباطل " ، وقيل " مجالس السوء والخنا " ، وقيل : مالك عن " شرب الخمر " .
وراجع " تفسير ابن كثير " ( 6 / 142 ) ، و" تفسير القرطبي " ( 5 / 4931 ) .
ولا تعارض بين الأقوال ، فالسلف – رحمهم الله – كانوا يفسرون بضرب المثل ، فقولهم : " هي أعياد المشركين " مثلاً يقصدون أن من ( شهادة الزور ) حضور أعياد المشركين ، وليس مقصدهم الحصر .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر : " لا تدخلوا على هؤلاء إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين ، فلا تدخلوا عليهم ؛ أن يصيبكم ما أصابهم " .
ففي الحديث إشارة إلى تحريم مشاركتهم في أعيادهم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم " ( 1 / 267 ) : " فإذا كانت الشريعة قد جاءت بالنهي عن مشاركة الكفار في المكان الذي حل بهم فيه العذاب ، فكيف بمشاركتهم في الإعمال التي يعملونها ! " . أهـ .
وشدد السلف في النهي عن الاحتفال وحضور أعياد المشركين .
- قال عمر – رضي الله عنه – : " لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا عليهم كنائسهم فإن السخط ينزل عليهم " .
- وقال : " اجتنبوا أعداء الله في عيدهم " .
- وقال عبدالله بن عمرو : " من بنى في بلاد الأعاجم ، وصنع نيروزهم ومهرجانهم ، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك ؛ حشر معهم يوم القيامة " .
- وقال ابن سيرين : " أتي علي – رضي الله عنه – بهدية النيروز ، فقال : " ما هذه ؟ " ، قالوا : يا أمير المؤمنين ! هذا يوم النيروز ، قال : " فاصنعوا كل يوم فيروز "
والبحث يطول في المسألة ، من أراد تأصيل المسألة فليراجع " اقتضاء الصراط المستقيم " ، و" أحكام أهل الذمة " ، وقد آثرت الاختصار ؛ ليسهل نشره بين الإخوان على الشبكة .
هذا والله أعلم ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا
p;l hghpjthg fud] al hgksdl tn hghsghl
المفضلات