القاعدة الذهبية في تحريم الضرر والفساد
بقلم الدكتور نظمي خليل أبو العطا
الضرر بغير حق من السلوكيات التي تفتت الناس، وتزرع بينهم العداوة والبغضاء ويؤصل الحقد والكراهية، من هنا كان القاعدة المانعة لهذا السلوك من القواعد الكلية في حياة الناس.
القاعدة :
وضع صلى الله عليه وسلم القاعدة العامة في تحريم الضرر بغير حق، وكذلك الضرار فقال صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار ) حديث حسن رواه ابن ماجة والدار قطني وغيرهما.
والضرر: هو محاولة الإنسان الحاق المفسدة بنفسه أو بغيره، أو أن تدخل غير غيرك ضرراً لمصلحتك.
رفع الشريعة للضرر:
لم يكلف الله عباده بفعل شيء يضرهم فإن عين ما يأمرهم به هو عين صلاح دينهم ودنياهم، وما نهاهم عنه هو عين فساد دينهم ودنياهم كما قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم.
ولم يأمر الله عباده بشئ هو ضار لهم في أبدانهم .
فأسقط الله الصيام عن المريض والمسافر والعجوز وقال سبحانه ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) .
كما أمر الله بعدم مطالبة المعسر بدين وينظر إلى حال يسره (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) ولا يكلف المدين ببيع مسكنه أو ملبسه وخادمه لتسديد دينه وكذلك ما يحتاجه إليه للتجارة والزراعة والصناعة لنفقته ونفقة من يعولهم.
كما نهى الله عن إضرار الورثة بالوصية : (من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار).
كما منع الإسلام تخصيص بعض الأبناء أو الورثة بما لاحق لهم فيه ويضر بالأخة وباقي الورثة .
ومتعت الشريعة الضرر بالزوجة في المعاشرة والطلاق والمعيشة وإن أطال البعد عن زوجته بغير عذر وطلبت منه الزوج رفع الضرر فأبى للحاكم الحق في التفريق بينهما، وشرع الله الطلاق والخلع لرفع الضرر عن الأطراف.
كما حرمت الشريعة استغلال حاجات الناس والبيع لهم بما يوقع الضررعليهم فنهى صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر كما منعت الشريعة إيذاء الجار في البنيان والطريق والماء.
كما منعت الشريعة منع الماء والملح والنار والكلأ.
كما حرم الله اضرار الأم بولدها .
ومن القواعد الإسلامية أنه (ولا تزر وازرة وزر أخرى ) .
وهكذا رفعت الشريعة الإسلامية الضرر عن الناس حتى عن المخالفين لنا في الدين، فتشريع الجزية وإجارة المشركين من القواعد الإسلامية المعلومة .
صور لتطبيق القاعدة في حياتنا العصرية :
للقاعدة السابقة العديد من الفوائد التي تعود على الفرد والمجتمع بالفائدة ومن هذه الصور بعض المتعاقدين يتعاقدون مع العمال والموظفين والمعلمين برواتب قليلة لا تكفي الموظف في الوقت الذي ينفق فيه صاحب العمل الملايين على اسرته وتجهيزات محله أو مصنعه أو مدرسته وعندما تقول له أن في هذا ظلم بالعباد يقول لك ( العقد شريعة المتعاقدين ) وهو رضي بذلك.
ونحن نقول لهذا أين تطبيقك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا ضر ولا ضرار) . ؟!
البائع الذي يستغل جهل المشتري بثمن السلعة، ونوعها ويبيعه السلعة بثمن مرتفع وعندما تسأله يقول لك هذا بيع وشراء والتجارة شطارة ـ ونحن نقول له أين أنت من القاعدة الشرعية لا ضرر ولا ضرار . ؟!
رئيس العمل الذي يستغل حاجة مرؤسيه ويسخرهم في أعماله الخاصة، والقيام بأعماله في العمل نقول له طبق قول رسولك (لا ضرر ولا ضرار) . ؟!
المقرض الذي يستغل حاجة المقترض ويرفع عليه السعر إن كان القرض على هيئة سلعة نقول له أتق الله وطبق قول رسولك الكريم صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار ) . ؟!
الجار الذي يستغل ضعف جاره أو فقره ويؤذيه في بيته وأولاده نقول له اتق الله وطبق قول رسولك صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار . ؟!
وهكذا اخوة الإسلام هذه القاعدة الذهبية في رفع الضرر والإضرار عن العباد من القواعد الذهبية الشرعية في المعاملات بين الناس ومن هنا جاء قول فقهاء المسلمين (الضرر يرفع ) .
من هنا نفهم أن قوله صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) قاعدة كبرى أغلق بها صلى الله عليه وسلم منافذ الضرر والفساد أمام المسلمين، فلم يبق في تشريع الإسلام إلا كل ما فيه صلاح دنياهم واخراهم (المقاصد العامة للشريعة الإسلامية يوسف العالم، المعهد العالمي للفكر الإسلامي (من 89).
المصدر: http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show_det&id=487&select_page=15
الموقع : www.55a.net
hgrhu]m hg`ifdm td jpvdl hgqvv ,hgtsh]
المفضلات