" إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُعَاوِدَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا " رواه أبو داود وقال الألباني إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة وزاد الحاكم والبيهقي في آخره: " فإنه أنشط للعَوْدِ ". وهي عند ابن خزيمة وابن حبان .
والفقهاء على أمرين بالنسبة للوضوء :
1- الوجوب وهو عند الظاهرية :
قال ابن حزم في المحلى :
إلاَّ مُعَاوَدَةَ الْجُنُبِ لِلْجِمَاعِ فَالْوُضُوءُ عَلَيْهِ فَرْضٌ بَيْنَهُمَا. لِلْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ كِلاَهُمَا, عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ, عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ, عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُعَاوِدَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا" هَذَا لَفْظُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ وَلَفْظُ ابْنِ عُيَيْنَةَ "إذَا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلاَ يَعُودَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ" وَلَمْ نَجِدْ لِهَذَا الْخَبَرِ مَا يُخَصِّصُهُ, وَلاَ مَا يُخْرِجُهُ إلَى النَّدْبِ إلاَّ خَبَرًا ضَعِيفًا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ, وَبِإِيجَابِ الْوُضُوءِ فِي ذَلِكَ يَقُولُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ, وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ, وَابْنُ سِيرِينَ.
2- الإستحباب وهو قول الجمهور :-
قال ابن عبد البر في الإستذكار :-
" قال أحمد بن حنبل إن توضأ فهو أعجب إلي فإن لم يفعل فأرجو ألا يكون به بأس "
قال النووي في شرحه على مسلم :-
" حاصل الأحاديث كلها أنه يجوز للجنب أن ينام ويأكل ويشرب ويجامع قبل الاغتسال وهذا مجمع عليه وأجمعوا على أن بدن الجنب وغرقه طاهران وفيها أنه يستحب أن يتوضأ ويغسل فرجه لهذه الامور كلها ولا سيما إذا أراد جماع من لم يجامعها فانه يتأكد استحباب غسل ذكره وقد نص أصحابنا أنه يكره النوم والأكل والشرب والجماع قبل الوضوء وهذه الأحاديث تدل عليه ولا خلاف عندنا أن هذا الوضوء ليس بواجب وبهذا قال مالك والجمهور وذهب بن حبيب من أصحاب مالك إلى وجوبه "
الوجه الثاني كان يغسل فرجه :
قال ابن عبد البر في الإستذكار :-
" قال أحمد بن حنبل إن توضأ فهو أعجب إلي فإن لم يفعل فأرجو ألا يكون به بأس ,وكذلك قال إسحاق إلا أنه قال لا بد من غسل الفرج إن أراد أن يعود "
قال السيوطي في حاشيته على سنن النسائي :
" اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَاد بِالْوُضُوءِ هُنَا فَقِيلَ : غَسْل الْفَرْج فَقَطْ مِمَّا بِهِ مِنْ أَذًى قَالَ عِيَاض : [mark=#f7ff00]وَهُوَ قَوْل جَمَاعَة مِنْ الْفُقَهَاء [/mark]"
( كَانَ يَطُوف عَلَى نِسَائِهِ ) أَيْ يَدُور وَهُوَ كِنَايَة عَنْ الْجِمَاع فِي غُسْل وَاحِد وَفِي رِوَايَة بِغُسْلٍ وَاحِد وَالْمَعْنَى وَاحِد أَيْ يُجَامِعهُنَّ مُتَلَبِّسًا وَمَصْحُوبًا [mark=#ffff00]بِنِيَّةِ غُسْل وَاحِد وَتَقْرِيره وَإِلَّا فَالْغُسْل بَعْد الْفَرَاغ مِنْ جِمَاعهنَّ وَهَذَا يَحْتَمِل أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأ عَقِب الْفَرَاغ مِنْ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ[/mark] وَيَحْتَمِل تَرْك الْوُضُوء لِبَيَانِ الْجَوَاز وَمَحْمَله عَلَى عَدَم وُجُوب الْقَسَم عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُرْضِيهِنّ [ 4 ]
لأخذ منحنى الفتاوي لمزيد من التوثيق :-
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :-
184 ) وسُئل ـ رعاه الله ـ : إذا جامع الرجل زوجته وأراد العود مرة ثانية فماذا يلزمه ؟
فأجاب بقوله : هاهنا ثلاث مراتب :
الأولى : أن يغتسل قبل أن يعود، وهذه أكمل المراتب .
الثانية : أن يقتصر على الوضوء فقط قبل أن يعود، وهذه دون الأولى.
الثالثة : أن يعود بدون غسل ولا وضوء ، وهذه أدنى المراتب وهي جائزة.
لكن الأمر الذي ينبغي التفطن له أن لا يناما إلا على أحد الطهارتين إما الوضوء أو الغسل . [ 5 ]
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الاغتسال عندما يقوم الشخص بإنزال المني مرتين متتاليتين في أوقات مختلفة علما أنه لم يغتسل في المرة الأولى هل يقوم بالغسل مرتين أم تكفي مرة واحدة عنها كلها ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أنزل الرجل المني مرتين أو أكثر في أوقات مختلفة ، ثم اغتسل غسلا واحدا كفاه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطوف على نسائه ، ثم يغتسل غسلا واحدا ، كما روى مسلم (309) عَنْ أَنَس رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ .
وقد قرر الفقهاء أنه لو اجتمعت أسباب توجب الغسل كالجماع مرات ، أو التقاء الختانين مع الإنزال ، أو الجنابة مع الحيض ، فإنه يكفيه غسل واحد بالإجماع .
قال النووي رحمه الله : " إذا أحدث أحداثا متفقة أو مختلفة ، كفاه وضوء واحد بالإجماع ، وكذا لو أجنب مرات ، بجماع امرأة واحدة ، أو نسوة ، أو احتلام ، أو بالمجموع ، كفاه غسل بالإجماع . وممن نقل الإجماع فيه أبو محمد بن حزم والله أعلم " انتهى من "المجموع" (1/487) .
والله أعلم . [ 6 ]
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا جامع الرجل زوجته مرتين أو ثلاثاً في وقت واحد. هل يجب عليه الغسل في كل مرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذا الرجل لا يلزمه إلا غسل واحد ، ولكن الأفضل له أن يتوضأ بين كل جماعين استحباباً حتى يكون أنشط له فعَنْ أَنَسٍ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ. رواه مسلم .
والله أعلم . [ 7 ]
إنتهت الشبهة والحمد لله رب العالمين ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ 1 ] فتح الباري لشرح صحيح البخاري - الحج - الجنب يخرج ويمشي .
[ 2 ] صحيح مسلم - الحج - الطيب للمحرم
[ 3 ] شرح سنن النسائي - الغسل والتيمم - الطواف على النساء في الساعة الواحدة
[ 4 ] نفس المرجع - النكاح - ذكر أمر رسول الله في النكاح
[ 5 ] فتاوى بن عثيمين - ج 11 - س 184 - ص 229
[ 6 ] الإسلام سؤال وجواب - ص 308
[ 7 ] فتاوى الشكبة الإسلامية - ج 11 - ص 2068
المفضلات