انتظر ..لا تعترض
محاضرا كان يتكلم عن فن الحوار .. فعرض شيئا من قصه يوسف عليه السلام..
فلما وصل إلى قوله تعالى "ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمراً
وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه "
ثم جعل يتأمل الحاضرين ثم سألهم :
ودخل معه السجن فتيان ؟! أيهما دخل قبل الآخر ..يوسف أم الفتيان؟
فصاح احدهم : يوووسف
فصاح آخر : لا..لا..الفتيان..
فانطلق ثالث: لا..لا..بل يوسف ..يوسف
فاستذكى رابع وقال: دخلوا مع بعض !!
وتكلم خامس ..وارتفع اللغط..حتى ضاع الموضوع الأساسي .
ويبدو أن المحاضر قصد ذلك..فجعل يتأمل وجوههم ..والوقت يمضي..
ثم ابتسم ابتسامه عريضة ..وأشار لهم بخفض الأصوات وقال :
وما المشكلة!! دخل قبلهم أو دخلوا قبله !! هل تستحق المسألة كل هذا الخلاف؟!
فعلا ..لو تأملت واقعنا لوجدت أننا في أحيان كثيرة نكون ثقلاء على الآخرين
بكثرة اعتراضنا على ما يقولون
فيكون أحدهم متحمسا في قصة يحكيها ..ثم يفاجأ بمن يعترض ويفسد عليه متعة الحديث
بالاعتراض على أشياء لا تؤثر في القصة شيئا ..
نعم..لا تكن ثقيلا تعترض على كل شيء ..
وأحيانا قد تعترض على شيء أنت غير فاهمه أصلا ..لعل له عذرا وأنت تلوم ..
كـان زياد لطيفا حريصا على نصح الناس .. وقف ذات يوم عند إشارة مرور
فإذا به يسمع صوتا عاليا لأغان غربيه ..تحير من أين يأتي هذا الصوت ..
واخذ يتلفت يبحث عن مصدره .فإذا هو من السيارة المجاورة..
وإذا بصاحبها قد زاد صوت المذياع إلى أعلى درجاته .. حتى اسمع البعيد والقريب..
ويبدو أن الرجل لشده انسجامه مع ما يسمع صار لا يدري عما حوله..
حاول زياد أن يتبين وجه السائق الذي أسدل غترته على جانبي وجهه ..
وبعد جهد رآه فإذا لحيته تملأ وجهه!!!!!
ازداد العجب ..شخص بهذه الهيئة بدل أن يستمع إلى القرآن يستمع الأغاني؟؟؟!!
لا وبصوت عالي؟!
أضاءت الإشارة خضراء..ومشى الجميع..
أصر زياد على مناصحة الرجل فجعل يمشي وراءه ..وقف الرجل بدكان فإذا الثوب قصير
واللحية تملأ عارضيه.تسابقت إلى قلبه الوساوس ..
خرج الرجل فإذا بيده مجله إسلاميه؟!
لم يصبر زياد ..واخذ ينادي بلطف..: يا أخي .. لو سمحت ..هيه
لم يرد عليه الرجل ولم يلتفت..
رفع صوته : هيه .. لو سمحت .. يا أخي .. اسمع
نزل زياد وقد غضب واقبل إليه وقال : يا أخي .. الله يهديك .. ما تسمع ؟!
نظر الرجل إليه وابتسم وشغل سيارته.. فاشتغل المذياع مباشره بصوت
مزعج جدااااا
فثار زياد . وقال : يا أخي حرام عليك .. أزعجت الناس ..
فجعل الرجل يزيد ابتسامته ..والأغاني بأعلى صوت .. ثار زياد أكثر وأكثر
فلما رأى الرجل أن الأمر وصل إلى هذا الحد .. جعل يشير بيديه إلى أذنيه ..
ثم اخرج دفترا صغيرا مكتوب على أول ورقه منه :
أنا رجل أصم لا اسمع .. فضلا اكتب ما تريد
من كتاب استمتع بحياتكللدكتـور محمد العريفـي
hkj/v >>gh jujvq
المفضلات