قالوا: نبي الإسلام أخطا في تحديد الساعة !
أثاروا شبهةَ حول زمنِ القيامةِ مدعين أن محمدا أخطا في تحديد يوم القيامة فقد قال القيامة بعد مائة سنة ،وقد مرت المائة سنة ،ولم تقم القيامة...مستندين في ذلك إلى حديثٍ جاء في صحيح مسلم برقم4608 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ r مِنْ تَبُوكَ سَأَلُوهُ عَنْ السَّاعَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :"لَا تَأْتِي مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ الْيَوْمَ"
الرد على الشبهة
أولاً: إن من المعلومِ المقطوعِ به أن نبيَّنا محمدًا r لا يعلمُ وقتَ الساعةِ أبداً ؛ فهي من الأمورِ التي حجب I علمها عنه وعن سائرِ خلقه ؛ فلا يعلمها ملكٌ مقربٌ ، ولا نبيٌّ مرسل.....يدلل على ذلك ما يلي:
1- قولهI : ] إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى[( طه 15 ) .
2- قولهI : ]يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [(الأعراف187) .
3- قولهI : ]إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)[(لقمان)
4- قولهI : ]إلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47)[ (فصلت)
5- قولهI : ]وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85)[(الزخرف)
6- صحيح البخاريِّ برقم 48 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ في الحديث الشهير بين النَّبِيِّ r و جبريل... قال جبريلُ : متى الساعة؟ قال:" مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ رَبَّهَا وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الْإِبِلِ الْبُهْمُ فِي الْبُنْيَانِ فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ تَلَا النَّبِيُّ r :{ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ } الْآيَةَ ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ رُدُّوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا فَقَالَ هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ ".
إذاً محمدٌ r يبيّن للناس أنه لا يعلم ميعاد الساعة أبدًا بل هي مما استأثر به اللهُ I في علمِ الغيبِ عنده ، وبيّنr أن اللهَ I قد أطلعه r على بعضِ علاماتِ قُربِها ...
فأخبر r عن بعضِ الأمورِ الغيبيةِ دلّت على أن الحياةَ ستستمرُ قرونًا بعده r،مثل: فتح بلاد الشام و اليمن، و مصر، و القسطنطينية ، و رومية ، و أن الخلافة بعده ثلاثين سنة ثم تصير ملكا عاضاً ثم تصير ملكاً جبرياً ثم تعود دولة الخلافة في أخر الزمان ، و إخباره عن تكالب الأمم على المسلمين و هم يومئذ كثير ، حدوث الفتن ، والتغيرات كتقارب الزمان ، و كثرة الهرج ( القتل) ، و الزلازل ، و انتشار الفساد ، و الظلم ، و نقض عرى الإسلام عروة عروة ، وعودة الدين غريبًا كما بدء، و أخذ الأمة بأخذ القرون قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع..... الأخبارُ كلُها صحيحة السند .
وأخبرr عن علاماتِ الساعةِ الكبرى كما في صحيح مسلم برقم 5162 عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ : اطَّلَعَ النَّبِيّ ُr عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ مَا تَذَاكَرُونَ قَالُوا نَذْكُرُ السَّاعَةَ قَالَ إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ r وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ .
وعليه فلا يقول عاقلٌ قطُ: إن واحدًا من الصحابةِ y اعتقد بحدوثِ هذا كله قبل أن يموتَ الغلام الذي أشار إليه النبيُّ r في الحديث (محل الشبهة).... !
فما فهم هذا الفهم السقيم واحدٌ من أصحابِ النَّبِيِّr ، ولا التابعين ، ولا من تبعهم من أهل العلم بخلاف حال المعترضين.... .
بل أخبر النبيُّ r صراحةً في الحديثِ إن القرونَ ستتوالى على الأمةِ .....تدلل على ذلك أدلة منها:
1- صحيح البخاري برقم 2457 عن عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ r: " خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ". قَالَ عِمْرَانُ : لَا أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ r بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. قَالَ النَّبِيُّ r :"إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ ".
2- صحيح مسلم برقم208 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: َقالَ رَسُولُ اللَّهِ r:" بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ".
3- سنن ابن ماجة برقم 4026 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :"سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ ،وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ" قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ:" الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ ".
تحقيق الألباني : صحيح ، الصحيحة ( 1887 ).
و بهذا قد نسفنا الشبهةَ من جذورِها نسفًا - بفضل الله I - ...
ثانيًا: إن فهمَ الحديثِ فهما صحيحًا يكون من خلالِ الجمعِ بين الرواياتِ الأخرى، فيصبح المعنى لا يبقى أحدٌ ممن كان موجودًا على ظهر الأرض حين تكلم النبي r في تلك الليلة على رأس المائة سنة، وأما من ولد بعد تلك الليلة التي تحدث فيها النبي فلا يسري عليه هذا الحديث... دليل ذلك الآتي:
1- الحديث نفسه فيه كلمة "اليوم" الحديث يقول: :"لَا تَأْتِي مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ الْيَوْمَ"
إذن من يولد بعد ذلك اليوم فلا ينطبق عليه الأحاديث، فالأجيال تتابع ...
2- النبي r أخبر أن الأمم تتابع قرونًا عدة ،مثل :قوله r: لتفتحن القسطنطينية وفتحت بعد مئات السنيين....
3- كتب الشروح تدعم ما سبق منها:
1- شرح النووي لمسلم : قَوْله r: ( أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتكُمْ هَذِهِ ، فَإِنَّ عَلَى رَأْس مِائَة سَنَة مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْم عَلَى ظَهْر الْأَرْض أَحَد قَالَ اِبْن عُمَر : وَإِنَّمَا قَالَ رَسُول اللَّه r: لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْم عَلَى ظَهْر الْأَرْض أَحَد يُرِيد بِذَلِكَ أَنْ يَنْخَرِم ذَلِكَ الْقَرْن ) وَفِي رِوَايَة جَابِر ( أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيّ rقَبْل وَفَاته بِشَهْرٍ يَقُول : مَا مِنْ نَفْس مَنْفُوسَة الْيَوْم يَأْتِي عَلَيْهَا مِائَة سَنَة وَهِيَ حَيَّة يَوْمئِذٍ ) وَفِي رِوَايَة أَبِي سَعِيد مِثْله ، لَكِنْ قَالَ النَّبِيّ rقَالَ: ذَلِكَ لَمَّا رَجَعَ مِنْ تَبُوك . هَذِهِ الْأَحَادِيث قَدْ فَسَّرَ بَعْضهَا بَعْضًا ، وَفِيهَا عَلَم مِنْ أَعْلَام النُّبُوَّة ، وَالْمُرَاد أَنَّ كُلّ نَفْس مَنْفُوسَة كَانَتْ اللَّيْلَة عَلَى الْأَرْض لَا تَعِيش بَعْدهَا أَكْثَر مِنْ مِائَة سَنَة ، سَوَاء قَلَّ أَمْرهَا قَبْل ذَلِكَ أَمْ لَا ، وَلَيْسَ فِيهِ نَفْي عَيْش أَحَد يُوجَد بَعْد تِلْكَ اللَّيْلَة فَوْق مِائَة سَنَة .
قَوْله : ( فَوَهَلَ النَّاس )
بِفَتْحِ الْهَاء أَيْ غَلِطُوا يُقَال : وَهَلَ بِفَتْحِ الْهَاء يَهِلُ بِكَسْرِهَا وَهْلًا كَضَرِبَ يَضْرِب ضَرْبًا أَيْ غَلِطَ ، وَذَهَبَ وَهْمه إِلَى خِلَاف الصَّوَاب . وَأَمَّا ( وَهِلْت ) بِكَسْرِهَا أَهَلُ بِفَتْحِهَا وَهَلًا كَحَذَرْت أَحْذَر حَذَرًا فَمَعْنَاهُ فَزِعْت ، وَالْوَهَل بِالْفَتْحِ الْفَزَع .
قَوْله : ( يَنْخَرِم ذَلِكَ الْقَرْن )
أَيْ يَنْقَطِع وَيَنْقَضِي .
وَمَعْنَى ( نَفْس مَنْفُوسَة )
أَيْ مَوْلُودَة ، وَفِيهِ اِحْتِرَاز مِنْ الْمَلَائِكَة .
2- عون المعبود لشرح سنن أبي داود : وَبَيَّنَ أَنَّ رَسُول اللَّه rأَرَادَ بِذَلِكَ اِنْخِرَام الْقَرْن عِنْد اِنْقِضَاء مِائَة سَنَة ، مِنْ مَقَالَته تِلْكَ وَهُوَ الْقَرْن الَّذِي كَانَ هُوَ فِيهِ بِأَنْ تَنْقَضِيَ أَهَالِيه وَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَد بَعْد مِائَة سَنَة ، وَلَيْسَ مُرَاده أَنْ يَنْقَرِض الْعَالَم بِالْكُلِّيَّةِ ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ بِالِاسْتِقْرَاءِ فَكَانَ آخِر مَنْ ضُبِطَ عُمْره مِمَّنْ كَانَ مَوْجُودًا حِينَئِذٍ أَبُو الطُّفَيْل عَامِر بْن وَاثِلَة وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْل الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ كَانَ آخِر الصَّحَابَة مَوْتًا ، وَغَايَة مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ بَقِيَ إِلَى سَنَة عَشْر وَمِائَة ، وَهِيَ رَأْس مِائَة سَنَة مِنْ مَقَالَة النَّبِيّ r، وَهَذَا إِعْلَام مِنْ رَسُول اللَّه rبِأَنَّ أَعْمَار أُمَّته لَيْسَتْ تَطُول كَأَعْمَارِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأُمَم السَّالِفَة لِيَجْتَهِدُوا فِي الْعَمَل اِنْتَهَى
( يُرِيد )
: أَيْ رَسُول اللَّه rبِقَوْلِهِ مِائَة سَنَة
( أَنْ يَنْخَرِم )
: أَيْ: يَنْقَطِع
( ذَلِكَ الْقَرْن )
: الَّذِي هُوَ فِيهِ فَلَا يَبْقَى أَحَد مِمَّنْ كَانَ مَوْجُودًا حَال تِلْكَ الْمَقَالَة .
قَالَ فِي النِّهَايَة : الْقَرْن أَهْل زَمَن ، وَانْخِرَامه ذَهَابه وَانْقِضَاؤُهُ اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْعَلَّامَة الْعَيْنِيّ : وَالْقَرْن بِفَتْحِ الْقَاف كُلّ طَبَقَة مُقْتَرِنِينَ فِي وَقْت وَمِنْهُ قِيلَ لِأَهْلِ كُلّ مُدَّة أَوْ طَبَقَة بُعِثَ فِيهَا نَبِيّ قَرْن .
قَلَّتْ السُّنُونَ أَوْ كَثُرَتْ اِنْتَهَى .
وَأَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث جَابِر قَالَ : سَمِعْت النَّبِيّ r يَقُول قَبْل أَنْ يَمُوت بِشَهْرٍ : " تَسْأَلُونَ عَنْ السَّاعَة ، وَإِنَّمَا عِلْمهَا عِنْد اللَّه وَأُقْسِم بِاَللَّهِ مَا عَلَى الْأَرْض مِنْ نَفْس مَنْفُوسَة تَأْتِي عَلَيْهَا مِائَة سَنَة " هَذِهِ رِوَايَة أَبِي الزُّبَيْر عَنْهُ . وَفِي رِوَايَة أَبِي نَضْرَة عَنْهُ قَالَ ذَلِكَ قَبْل مَوْته بِشَهْرٍ أَوْ نَحْو ذَلِكَ " مَا مِنْ نَفْس " وَزَادَ فِي آخِره " وَهِيَ حَيَّة يَوْمئِذٍ " وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي سُفْيَان عَنْ جَابِر نَحْو رِوَايَة أَبِي الزُّبَيْر .
وَأَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ أَبِي سَعِيد عَنْ النَّبِيّ rقَالَ : " لَا تَأْتِي مِائَة سَنَة وَعَلَى الْأَرْض نَفْس مَنْفُوسَة الْيَوْم " .
وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : كَانَ رِجَال مِنْ الْأَعْرَاب يَأْتُونَ النَّبِيّ rفَيَسْأَلُونَهُ عَنْ السَّاعَة فَكَانَ يَنْظُر إِلَى أَصْغَرهمْ فَيَقُول: إِنْ يَعِشْ هَذَا لَا يُدْرِكهُ الْهَرَم حَتَّى تَقُوم عَلَيْكُمْ سَاعَتكُمْ أَيْ قِيَامَتكُمْ وَهِيَ السَّاعَة الصُّغْرَى وَالْمُرَاد مَوْت جَمِيعهمْ .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : أَرَادَ بِالسَّاعَةِ اِنْقِرَاض الْقَرْن الَّذِينَ هُمْ مِنْ عِدَادهمْ ؛ وَلِذَلِكَ أَضَافَ إِلَيْهِمْ .
وَقَالَ بَعْضهمْ أَرَادَ مَوْت كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ .
3- تحفة الاحوذي : قَوْلُهُ : ( مَا عَلَى الْأَرْضِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ )
أَيْ :مَوْلُودَةٌ
( يَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ )
قَالَ النَّوَوِيُّ : الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَعِيشُ بَعْدَهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ سَوَاءٌ قَلَّ عُمْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ لَا ، وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُ عَيْشِ أَحَدٍ يُوجَدُ بَعْدَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَوْقَ مِائَةِ سَنَةٍ ، وَمَعْنَى نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ أَيْ :مَوْلُودَةٍ وَفِيهِ اِحْتِرَازٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ . قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي بَابِ السَّمَرِ فِي الْفِقْهِ وَالْخَيْرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ : قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ : اِحْتَجَّ الْبُخَارِيُّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَوْتِ الْخَضِرِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ ، وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ الْخَضِرَ كَانَ حِينَئِذٍ مِنْ سَاكِنِي الْبَحْرِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْحَدِيثِ . قَالُوا وَمَعْنَى الْحَدِيثِ لَا يَبْقَى مِمَّنْ تَرَوْنَهُ أَوْ تَعْرِفُونَهُ فَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ وَقِيلَ اِحْتَرَزَ بِالْأَرْضِ عَنْ الْمَلَائِكَةِ ...
ثالثًا : أتعجبُ أن يصدر من المعترضين مثل هذا الاعتراضِ الوهمي؛ لأن الأناجيلَ أكدت لنا أن القيامةَ ستكون في القرن الأول ، وأن يسوع سيعود و يحاسب البشرَ في القرنِ الأول قبل انقضاء جيله ، وكان كل تلاميذه ، والمكرزين بالأناجيل يعتقدون بذلك و ينادون به ......جاء ذلك في الآتي:
1-إنجيل متىإصحاح24عدد29«وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 30وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. 31فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوق عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا. 32فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. 33هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. 34اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ !
2-إنجيل متىإصحاح 16 عدد 27فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ. 28اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِهِ !!
وأتساءلهل حدث ما أخبر به يسوعُ ؟ أم أن هذه نبوءة كاذبة بحسب تلك النصوص.. ؟!
رابعًا :إن الأمر المثير للدهشة والعجب هو عنوان الشبهة: ( نبيٌّ اخطأ في علمِ الساعة !) فالعنوان باطل من أساسه كما أسلفت بالأدلة .... ولكن الأعجب من ذلك هو أن المعترضين يعتقدون أن يسوع المسيح إله ،ولكن هذا الإله لا يعلم وقت الساعة ، ولا يعلم موسم التين ..... جاء ذلك في الآتي:
1-يسوعُ المسيح الإله لا يعلم متى الساعة .... جاء ذلك فيما يلي:
أ- إنجيل متى إصحاح 24 عدد36«وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ.
ب- إنجيل مرقس إصحاح 13 عدد«وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ.
2- يسوع دمر شجرة التين تدميرًا .. لأنه لا يعلم موسم التين...جاء ذلك فيما يلي:
أ- إنجيلمرقس إصحاح 11 عدد 11فَدَخَلَ يَسُوعُ أُورُشَلِيمَ وَالْهَيْكَلَ، وَلَمَّا نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ
شَيْءٍ إِذْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ أَمْسَى، خَرَجَ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 12وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا
مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ، 13فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ
إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. 14فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا:«لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ
ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُون.
ب- إنجيل متى إصحاح 21 عدد19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ، وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا
إِلاَّ وَرَقًا فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا:«لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ !!
قلت: إذا كان يسوع المسيح إلهًا ولا يعلم متى الساعة ،ولا موسم التين ....أتساءل:
1- هل يستحق هذا الإله لقب إله ؟!
2- هل هناك إله لا يعلم الغيب....؟!
3- هل يستحق هذا الإله أن يعبد... أم أن يسوع المسيح نبي من عند الله لا يعلم متى الساعة كنبيِّنا r...؟!
كتبه / أكرم حسن مرسي
rhg,h: kfd hgYsghl Ho'h td jp]d] hgs
المفضلات