يتامى فلسطين.. يحتاجون الحنان قبل المال!
ميرفت عوف
بسم الله الرحمن الرحيم
زهرات وبراعم في ربيع قاتم لم تتفتح بعد، حاجتهم أكبر من دعم مادي لتوفير لقمة خبز تعينهم على البقاء زمناً أطول على قيد الحياة، في وجوههم ترى معنى الألم وتفاصيل الحزن دموعاً أبدية محفورة بالملامح والقلوب الشجية، وعلى ألسنتهم تتلعثم كلمات الفرح تختلط بمشاعر اليتم وفقد الأهل آباءً، لكن حياتهم غير خالية من أناسٍ يحفونهم برعاية وحب ودفء تماماً كما لو كانوا أبناءً لهم خرجوا من صلبهم.
عبد الله في التاسع من ربيع عمره أضحى يتيم الأب في السادسة من عمره، هو الأخير بين أشقائه السبعة أكبرهم لم يتجاوز السادسة عشر من عمره وظروف أمه الاقتصادية لا تعينها على توفير أساسيات الحياة الكريمة له ولأشقائه، ما دعاها إلى التنقل بين مؤسسات رعاية اليتيم في القطاع تطلب العون ويد المساعدة، وكان المستقر في لجنة زكاة غزة التي تقدم كفالات مادية للأطفال الأيتام، هناك كان الأمر مختلفاً الكفالة لم تأت من رجل ثري في الخارج أو مؤسسة داعمة للطفل اليتيم وحقه في الحياة الكريمة، بل كانت من أمٍ فلسطينية منَّ الله عليها بسعة في مشاعر القلب رغم الشح في الريع الاقتصادي لأسرتها لم تتوان لحظة عن إفراغ مشاعر العطف والإحسان على قلوب الأطفال الأيتام خاصة أولئك المحرومين من قلب أم يحنو عليهم بدفء.
هي " أم أحمد " أم لستة أطفال لا تفرق بين أحدٍ منهم في المشاعر وتجتهد في توجيه مشاعر قلبها لهم بالتساوي، قبل عامين قررت أن تتبني طفل يتيم من غزة ليس ماديا فقط، فكان الابن السابع لها .
تقول:" لا يعني اليتم فقد المعيل المادي فقط بل فقد المعيل المعنوي وهو أخطر وأشد قسوة الأموال ورمق الجوع يمكن أن يحتمله البشر لكن فقد الأب النصوح أو الأم الحنون لا تعوضه أموال الدنيا ولا كفالاتها " وتتابع:
"قبل عامين عمدت إلى كفالة الطفل عبد الله بلجنة زكاة غزة..لا أعني فقط الكفالة المادية بل الرعاية الشاملة معنوياً ونفسياً واجتماعياً "، وعن تفاصيل رعايتها لعبد الله تؤكد أنها تعمد في كل أسبوع إلى زيارته في بيت أهله ووسط أقرانه ليشعر بقربها ودفء مشاعرها نحوه وتعمق ارتباطها الإنساني به وبأسرته وتتابع:" أيضاً أتابعه في دروسه خاصة أوقات الامتحانات أعمد إلى تشجيعه للحصول على الدرجات النهائية ليرسم خطوط مستقبله الآتي بنجاحه وتفوقه أشعره بالمسئولية نحوه فما إن أغدو للمدرسة للسؤال عن أبنائي من صلبي حتى أغدو للسؤال عنه، ولا أتوانى عن الاهتمام به إذا مرض فأعوده وأقدم له الهدايا حتى لو كانت رمزية فمعناها يكون عظيما ومدلوها رائعا في نفسه كما أعمد بين الحين والآخر إلى عقد اجتماع ترفيهي لأسرتي وأسرته فتغمره السعادة وتتسارع نبضات قلبه فرحاً وتعلق هذا إلى جانب الكفالة المادية التي أقدمها له شهرياً ليتمكن من تلبية احتياجاته الضرورية من مأكل وملبس "، وتضيف:" أما في المواسم والأعياد فأعامله أيضاً كأحدٍ من أبنائي بشراء الكسوة سواء كسوة العيدين أو العام الدراسي ما يعمق علاقتنا ببعضنا ويثمر حباً ووداً وترابطاً ".
كفالة محلية متواضعة
رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيش فيها الفلسطينيون إلا أن وجود كفلاء محليين للأيتام كان حاضرا بقوة، بل إنه يسبق أي كفالة خارجية لليتيم، وإذا كان من الطبيعي أن يكفل الأغنياء وميسوري الحال بعض الأيتام فإن الفئات الاقتصادية العادية وحتى الطلبة منها كان له دور هام في كفالة بعض الأيتام، كقيام مجموعات من الطالبات بكفالة أيتام كمجموعات.
فواحدة من تلك الخريجات تدعى نجوى وتعيش في حي الشجاعية في مدينة غزة، حرصت هذه الفتاة رغم عدم توظيفها بشكل دائم على كفالة يتيم فلسطيني، ولم تتوقف عند المبلغ الشهري البسيط الذي اعتادت إيداعه لليتيم بل أيضا شاركت أسرة هذا اليتيم من خلال تواصل اجتماعي ومعنوي هام وتقديم هدايا رمزية تظهر مدي حبها لهذا العمل الخيري.
وهنا يؤكد لنا هشام الشريف مدير جمعية لجنة زكاة غزة الإسلامية إحدى أهم المؤسسات الخيرية الفلسطينية التي تعنى بشئون اليتيم خاصة والأسرة الفلسطينية التي تعاني الفاقة والفقر، أن جمعيته عملت على منذ نشأتها في عام 1991 على إنشاء مشروع كفالة اليتيم في مدينة غزة، وأضاف أن الرعاية المعنوية والنفسية والصحية لليتيم تشكل أيضا منطلق هام جدا، وهذا ما دفع العديد من الجمعيات الفلسطينية على متابعة أمور الطفل اليتيم خارج النطاق المادي ليتم تقويمه وتوجيهه بالشكل الصحيح ويشب رجلاً يافعاً قادراً على خدمة نفسه ومجتمعه من خلال متابعته في الدراسة والتعليم فإن كان تحصيله الدراسي ضعيفاً يتم دمجه في مؤسسات تعليمية من شأنها معالجة القصور الذي يعاني منه وكذلك من الناحية الصحية نقوم بتقديم الرعاية الصحية اللازمة له بالإضافة إلى الدعم النفسي والمعنوي ليشعر بالثقة والأمان وأنه تماماً أي طفل يحف بالرعاية والاهتمام والحب والعطف والحنان.
رعاية شاملة لليتيم
لا يحتاج اليتيم فقط للرعاية المادية فحاجته إلى الرعاية المعنوية والنفسية أكبر وأشمل وأعظم ليشب رجلاً صالحاً قادراً على التعامل مع معضلات الحياة وأزماتها إذا ما اعترضت طريقه.
جمعية الصلاح الخيرية دأبت على تقديم الرعاية الشاملة لليتيم الفلسطيني إيماناً منها بإنسانيته وحقه في العيش كما الآخرين من أقرانه الأطفال في المجتمعات جميعها ليشب رجلاً صالحاً وفتاةً كريمة تخلو نفوسهما من ضعف أو شعور بالأسى والحزن.
فلم يقتصر دورها فقط على تقدم الكفالات المادية للأيتام وأسرهم المدقعة الفقر في ظل أجواء اقتصادية يحفها الحصار ويطبق عليها الخناق من كل اتجاه بل أحاطته برعايتها وشملته بخدماتها على مختلف المناحي اجتماعياً واقتصادياً ونفسياً ومعنوياً في إطار محاولتها الحثيثة لإنقاذهم من المعضلات التي تحيط بهم سعياً وراء التقرب إلى الله بالأجر والثواب وتحقيق مبدأ التكافل والتكاثف الاجتماعي في نفوس فئة حرمت من المعيل مادياً ومعنوياً.
متابعة اليتيم
أسماء الكرد رئيس قسم الأيتام بجمعية الصلاح الإسلامية تؤكد أن اهتمام جمعيتها بالأيتام لا يبرح فقط تقديم المساعدات المادية لهم وإقامة الاحتفالات بيومهم في نيسان بل تتعداه إلى حد الرعاية الشاملة ومتابعة أمور حياته جميعها على مختلف الصعد النفسية والاجتماعية والمادية والتعليمية عبر مزيج من خدماتها تقدمها مؤسساتها المنتشرة في مختلف أرجاء القطاع من رفح جنوباً إلى جباليا شمالاً.
وتتابع:"بعد حالة اليتم والافتقاد التي تبرز تفاصيلها على ملامح الطفل اليتيم يكون الهدف الأول تخفيف الألم وتعويض السند والمعيل وتكون الخطوة الأولى تقديم الكفالة المادية التي تضمن لليتيم أساسيات الحياة الكريمة بعيداً عن شر السؤال وحاجة الغير "، وتضيف:" فيما تهتم الخطوات اللاحقة برعاية الأسرة جميعها بدءً من الأم وليس انتهاء بأطفالها من حيث إرشادهم النفسي والاجتماعي ومحاولة التقرب إليه وإدماجهم في المجتمع عبر المزيد من البرامج التي تحقق لهم ابتسامة تشرق على الثغور موارية دمعات الحزن خلف الجفون ".
وتشير الكرد إلى بعض البرامج منها الدورات الثقافية والندوات المختلفة المواضيع بين دينية تعمق ارتباطهم بالله العزيز الحكيم وتربطهم بسنة الحبيب المصطفي وأخرى اجتماعية وترفيهية تحقق لهم الخروج من دائرة الهم والحزن والألم لمتابعة تفاصيل الحياة بقلب مؤمن ووجه باسم راضٍ بقضاء الله وحكمه ناهيك عن منح أطفالهم الرعاية الأكاديمية ومتابعة تعليمهم في مجموعة مدارس الصلاح الإسلامية المنتشرة في مختلف أقطار القطاع من الجنوب إلى الشمال بحيث تكون الرعاية شاملة في المنزل والمدرسة والمسجد،
وتتابع لا "نتردد في تقديم العون والمشورة والمساعدة لأي أم فيما يعترضها من مشكلات مع أبنائها الأيتام سواء مشكلات تربوية حيث نقوم بإرشادها بالأساليب التربوية التي تتبعها مع أبنائها سواء على الصعيد النفسي أو الاجتماعي أو السلوكي أيضاً، وتضيف:" نقدم لها الحلول السحرية الناجعة التي تساعدها على تخطي المشكلات مع أبنائها في إطار من الحب والتواد والرحمة".
أعانكم الله يا شعبنا العظيم في فلسطين أدعوا الله أن يفك كربكم ويفرج همكمdjhln tgs'dk dpjh[,k hgpkhk rfg hglhg
المفضلات