عصر الامام مالك
ولد الامام مالك قبل انتهاء القرن الاول الهجري بسنوات تعد على اصابع اليد ،ومات قبل انتهاء القرن الثاني بنحو عشرين عاما ،بعد ان شهد من صفحات هذه الحياة ما يزيد عن خمس وثمانين سنة ،وكان نصف عمره تقريبا في عهد بني أمية ،والنصف الاخر في عهد بني العباس .
ولو نظرنا في العصر الذي شهده الامام لوجدناه يمتاز بكثرة الاتجاهات الدنيوية والدينية ،والحركات الفكرية والسياسية ،ففيه حول الامويون الخلافة الراشدة الى ملك دنيوي ،ومن وراء ذلك حدثت فتن واضطرابات .
ثم جاء العصر العباسي بعد ان قضى اهلوه او معاونوه على العصر الاموي
فاذا الصراع يشتد بين العباسيين والعلويين ،مع انهم ابناء عمومة واذا النحل والمذاهب تتكاثر ،واتسع الاتصال بالفكر الفارسي والفكر الهندي عن طريق الترجمة
واخذت الحياة المادية والاجتماعية تتسع بعد ان فتح الله تعالى على العرب والمسلمين ما فتح من اقطار ،وهيأ لهم ما هيأ من خيرات .
وكانت هناك محاولات للتوفيق بين حياة المجتمع والنصوص الدينية
فكثرت الاقوال في الفقه الاسلامي ،وظهرت الاراء والمذاهب وبرز في الحياة العلمية والدينية مذهبان او منهجان :
المنهج الاول ،منهج النقل ،او مذهب اهل الحديث ،او مذهب اهل الاثر ،وهو المنهج الاتباعي ،او المنهج المتقيد بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ،وكان من الطبيعي ان يوجد لهذا المنهج انصار كثيرون
اذ كان هناك حرص شديد من المسلمين على الاهتداء بنور الكتاب المجيد
وعلى تتبع اقول الرسول صلى الله عليه وسلم وافعاله
والمنهج الثاني هو منهج العقل او مذهب اهل الراي وهو المنهج الذي يصيف الى تقبل النص واحترامه ،اعمالا للفكر واستنباطا للحكم واجتهادا في تفسير النص او تاويله .
وتغلب المنهج العقلي على بيئة العراق ،لانها كانت يومئذ اقوى البيئات العلمية الاسلامية ،وكان لها ماض عريق في هذه الناحية العلمية ،وكان في اهلها استعدادا للبحث والتفكير
وتغلب المنهج النقلي او منهج اهل الحديث والنقل على بيئة الحجاز عامة ،وبيئة المدينة المنورة خاصة لان المدينة ظلت ردحا طويلا من الزمن تمثل صخرة المقاومة امام التيارات الاجتماعية والمادية والوافدة مع توالي الفتوح وتعدد الاجناس ،لسذاجة الحياة فيها بالنسبة الى غيرها ،وتوثيق صلتها بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث هاجر اليها ،واستقر فيها وفيها استقر جسده ومثواه والى جوار قبره أقام الكثيرون من اهل الصدر الاول يتمسكون بالذي هداهم اليه الرسول صلى الله عليه وسلم من سنة وأثر والامام مالك رضي الله تعالى عنه قد قضى حياته في المدينة وتاثر بما فيها ومن فيها
ولقد ولد الامام مالك في عهد الوليد بن عبد الملك الاموي ،وتوفي في عهد هارون الرشيد العباسي ،وشهد ما شهد من دولتي الامويين والعباسيين وما كان بينهما من صراع ونضال ،وما ثار في المجتمع من ثقافات اسلامية وعربية وهندية وفارسية وغيرها .
ومر عليه في حياته الممتدة الكثير فراى الصراع بين العباسيين والعلويين ،وراى حركة الخوارج بما فيها من عنف وشهد الجدال بين الشيعة واهل السنة وبين الخوارج وغيرهم .
ولابد ان يكون لكل هذا اثر في تفكير الامام مالكuwv hgYlhl lhg;
المفضلات