الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد
فهذه بعض الفتاوى للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان , حيث سئل إن كان هناك تعارض بين آيات القرآن بعضها البعض , أو بين آية وحديث , أنقلها للفائدة .
رقم الفتوى
1562
عنوان الفتوى
تفسير قوله تعالى: ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ) [النجم: 39] وقوله : ( وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ) [الطور : 21]
نص السؤال
ما معنى الآيتين الكريمتين في قوله تعالى : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَاسَعَى ) وقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْبِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْمِنْ شَيْءٍ ) وهل بينهما نسخ أو تعارض وماذا نستفيد منهما ؟
نص الإجابة
ليس بين الآيتينإشكال ذلك أن الآية الأولى فيها أن الإنسان لا يملك إلا سعيه ولا يملك سعي غيره ،وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ، فملكيته محصورة في سعيه لا ينفعه إلا سعيه ، بينماالآية الأخرى فيها أن الذرية إذا آمنت فإنها تلحق بآبائها في الجنة وتكون معهم فيدرجتهم وإن لم تكن عملت عملهم ، فالذرية إذن استفادت من عمل غيرها : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَابِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ) [الطور : 22] الآية الكريمة تدل على أن الذرية يلحقون بآبائهم في درجاتهم ويرفعون فيدرجاتهم وإن لم يكن عملهم كعمل آبائهم ، فظاهر الآية أنهم انتفعوا بعمل غيرهموسعي غيرهم بينما الآية الأخرى تفيد أن الإنسان لا ينفعه إلا سعيه وقد أجاب العلماءعن هذا الإشكال بعدة أجوبة: الجواب الأول: أن الآية الأولى ( وَأَنْ لَيْسَلِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ) مطلقة والآية الثانية ( أَلْحَقْنَا بِهِمْذُرِّيَّتَهُمْ ) مقيدة ، والمطلق يحمل على المقيد كما هو مقرر في علم الأصول ،والقول الثاني: أن الآية الأولى تخبر أن الإنسان لا يملك إلا سعيه ولا ينفعه إلاسعيه ، ولكنها لم تنف أن الإنسان ينتفع بعمل غيره من غير تملك له ، فالآية الأولىفي الملكية والآية الثانية في الانتفاع ، إن الإنسان قد ينتفع بعمل غيره وإن لميكن ملكه ولهذا ينفعه إذا تصدق عنه وينفعه إذا استغفر له ودعا له ، فالإنسان يستفيدمن دعاء غيره ، ومن عمل غيره وهو ميت ، والانتفاع غير الملكية ، فالآية الأولى فينوع والآية الثانية في نوع آخر ، ولا تعارض بينهما وهذا الجواب أحسن من الأول ،وهناك جواب ثالث: هو أن الآية الأولى منسوخة؛ لأنها في شرع من قبلنا ؛ لأن اللهتعالى يقول: ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَالَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَلِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ) [النجم : 36-39] فهذه تحكي ما كان في صحفموسى وصحف إبراهيم عليهما السلام ، لكن جاءت شريعتنا بأن الإنسان ينتفع بعمل غيرهفيكون ذلك نسخًا وهذا الجواب ضعيف ، والجواب الذي قبله أرجح في نظري.
رقم الفتوى
1703
عنوان الفتوى
الجمع بين قولهتعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) [النساء : 48] وقوله: (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) [الزمر : 53]
نص السؤال
ما تفسيرهاتين الآيتين وما أوجه الاختلاف والتشابه بينهما ؟ الآية الأولى قال الله تعالى ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَاتَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًاإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) [الزمر : 53] الآية الثانية يقولتعالى ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) [النساء : 48] أفيدوني بارك الله فيكم ؟
نص الإجابة
لا اختلاف بينالآيتين ؛ لأن الآية الأولى فيمن تاب إلى الله عز وجل من الذنوب فإن الله يتوب عليهمهما كانت ذنوبه الكفر والشرك وقتل النفس وسائر الذنوب إذا تاب منها العبد تابالله عليه ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغَفَرْلَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) [الأنفال : 38] و ( فَإِنْ تَابُواوَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ) [التوبة : 5] وفي الآية الأخرى ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُاالزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ) [التوبة : 11] فالتوبة تَجُبُّما قبلها ويُكَفِّرُ الله بها الذنوب مهما بلغت من الكفر والشرك وغير ذلك . هذامدلول قوله تعالى ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىأَنْفُسِهِمْ ) [الزمر : 53] أي بالذنوب والمعاصي مهما بلغت ( لَاتَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) [الزمر : 53] يعني إذا تبتم إليه فإنه يغفر لكم ذنوبكم جميعًا ، ولا يحملكمالقنوط على أن تتركوا التوبة بل توبوا إلى الله مهما كانت ذنوبكم فإن الله جل وعلايغفر لكم كما في قوله تعالى ( أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِوَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [المائدة : 74] أما الآيةالثانية وهي قوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِوَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) [النساء : 48] فالمراد بهذهالآية الذنوب مع عدم التوبة فمع عدم التوبة الشرك لا يغفر أبدًا ، لَمَّا مات عليهولم يتب ويكون خالدًا مخلدًا في النار كما ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْبِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَالِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) [المائدة : 72] وفي هذه الآية ( إِنَّاللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) [النساء : 48] فمن مات على الشركولم يتب منه قبل وفاته فإنه يكون خالدًا مخلدًا في النار ، أما من مات على غيرالشرك من المعاصي الكبائر التي هي دون الشرك كالزنا والسرقة وشرب الخمر إذا لميتب منها ومات على ذلك فهو تحت المشيئة إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه بقدر ذنوبهثم يخرجه من النار بعد ذلك ؛ لأنه لا يخلد في النار من كان في قلبه شيء من الإيمان، ولو قلَّ بأن كان من أهل التوحيد وسلم من الشرك فإنه لا يخلد في النار ، ولو كانعنده شيء من الكبائر فإنه تحت المشيئة إن شاء الله غفرها له وإن شاء عذبه ؛ كما قالتعالى ( وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ ) [النساء : 48] يعني ما دون الشرك( لِمَنْ يَشَاءُ ) [النساء : 48] فالحاصل أن التوبة تمحو جميع الذنوبالشرك وغيره ، أما إذا لم يتب المذنب فإن كان ذنبه شركًا بالله عز وجل فهذا لا يغفرله ولا مطمع له في دخول الجنة ، أما إذا كان ذنبه دون الشرك فهذا قابل للمغفرة إذاشاء الله سبحانه وتعالى ، وهذا مدلول الآية الأخرى ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُأَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) [النساء : 48]
رقم الفتوى
1656
عنوان الفتوى
الجمع بين قولهتعالى: (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) [المائدة : 15] وحديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
نص السؤال
: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) نريد الجمع بين هذه الآية وبين قول الرسول - صلى اللهعليه وسلم - في حديث الأمر بالمعروف: « من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده »[رواه الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه].
نص الإجابة
السائل يطلب الجواب عن الجمع بين الآية والحديث فنقول: ليس بين الآية والحديث تعارض؛ لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نأخذ بأنفسنا إلى طريق الحق وأن نلتزمه وألا ننظر إلى فعلا لآخرين وانحراف الآخرين ولا نكون مع الناس إن أساءوا أسأنا وإن أحسنوا أحسنا بلنلزم طريق الإحسان دائمًا وأبدًا مع أننا نقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكرحسب استطاعتنا كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: « من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان »[رواه الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه] وهذاتشير إليه الآية الكريمة حيث قال: ( لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَااهْتَدَيْتُمْ ) [المائدة : 105] قيد سبحانه انتفاء الضرر بالاهتداء، ومن الاهتداء أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر حسب استطاعتنا بعد إصلاح أنفسنا بأننكون أول من يتمثل الخير ويتجنب الشر، وصدِّيق هذه الأمة وأفضلها بعد نبيها أبوبكر الصديق رضي الله عنه تنبه لهذا وقال يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) [المائدة : 105] وإني سمعت النبي - صلى اللهعليه وسلم - يقول: « لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر » [رواه أبو داودفي "سننه" وهو جزء من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه] فهو يبين بهذا أنه لا تعارض بين الآية والحديث وأن من ظن أن معنى الآية ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد أخطأ في فهمه للآية.
أ. هــ
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين .rghz] hgurdhk lk ;ghl hgado hgt,.hk
المفضلات