شارك
اضغط للتكبير
لا أستطيع أن أصدق أنني فى بلدي مصر..
لا أستطيع أن أصدق أن هذا الشباب الذي اتهمه الجميع بأنه جيل ضائع يهب ليقدم أكثر من 300 شهيد فى عدة أيام.
لا أستطيع أن أصدق أن هذا الشباب المسالم قضى على واحد من أعتى الأجهزة الأمنية فى العالم وصمد صمودا باهرا أمام جحافل الأمن المركزي التى ظننا أنها لا تقهر.
لا أستطيع أن أصدق أن السيدة التى قضت ليلتها بجوارنا فى ميدان التحرير نائمة فى البرد القارس على الأرض هي أم لأحد شهداء جمعة الغضب وقد جاءت لتكمل مسيرة ابنها الشهيد.
لا أستطيع أن أصدق أن هذا الشاب محمد الذي قابلته فى الميدان هو أخو الشهيد أحمد الذي استشهد يوم جمعة الغضب فقالت له أمه لا تعود للمنزل حتى تأخذ حق دم أخيك.
لا أستطيع أن أصدق نفسي وأنا أرى مئات من الفتيات المصريات الذين لا ينتمون لأي فكر أو حزب أو جماعة يعتصمون أياما كاملة ويبتن فى خيام فى ميدان التحرير وهن فى أمان لا يمسهن أحد ولا يتحرش بهن أحد وتتفهم أسرهن نبل مقصدهن ويتركوهن يكملن الاعتصام.
لا أستطيع أن أصدق نفسي وأنا أرى الشعب المصري الذى اشتهر بخرقه للنظام يقف فى طابور منظم لدخول الحمام فى مسجد عمر مكرم دون ضجر أو محاولة لخرق النظام.
لا أستطيع أن أصدق نفسي وأنا أرى الشباب المسيحي يحمي مداخل الميدان عندما يذهب الشباب المسلم للصلاة ثم يقوم الشباب المسلم ليحل محله بعد الصلاة.. ترى السلفي الملتحي والمسيحي الذي يعلق الصليب يقتسمان الطعام ويتجاذبان أطراف الحديث والمسامرة حول النار فى المساء.
لا أستطيع أن أصدق نفسي وأنا أرى شباب مصر يقتسم الطعام والشراب والسجائر والأغطية لينام الجميع شبعانا فى الميدان رغم أن الميدان يبيت به ما لا يقل عن مائة ألف معتصم تزيد إلى مئات الالاف فى بعض الليال.
ولكني أيضا لا أستطيع أن أصدق نفسي وأنا أسمع مصريين شرفاء يحبون أوطانهم بشدة ولكنهم يفرطون فى دماء هؤلاء الشهداء ويرضون بوعود النظام الفارغة المضمون من أجل لقمة العيش وكأن الحرية ستأتي بالمجان.
لا أستطيع أن أصدق نفسي أن هناك مصريون شرفاء يرضون أن يحكم مصر نظاما قتل مئات من شباب مصر فى أيام معدودة لمجرد أنهم تظاهروا سلميا ورفضوا أن يعيشوا عبيدا فإذا بهذا النظام يرتكب ضدهم جرائم ضد الإنسانية فيقتل شبابهم ويسحلهم فى الشوارع ويطلق عليهم المسجلين خطر وعتاة الإجرام من السجون تحت دعوى الاستقرار.
لا أستطيع أن أصدق نفسي وأنا أسمع مصريين شرفاء يتفلسفون فى كلام سخيف على شاكلة (الفراغ الدستوري) هم يعرفون أنه باطل يدارون به حنقهم على فقدان بعضا من دخلهم بسبب الثورة.
يا شعب مصر الحبيب: الثورات تقوم فى كل دول العالم ونحن لسنا بدعا جديدا.. الثورات تغير الأنظمة ولا ترقعها.. الثورات لا تبدل أشخاصا بأشخاص.. الثورات تحول الدول من دول شمولية إلى دول مدنية ديمقراطية. الثورات تلغى الدساتير القديمة فلا تدخلونا فى دوامة الدستور يقول والدستور ينص.. فليسقط هذا النظام المجرم وليسقط دستوره الأخرق الذي تم تفصيله على مقاس الديكتاتور وابنه.. وليسقط الذين يخذلون شباب مصر وثورة مصر من أجل مرتب شهر.
الثورات قامت فى العالم كله ليتم التحول عن طريق مجلس حكماء على غرار ما اقترحه الدكتور زويل وهيكل من قبله وليخرج كل رموز النظام الذين مصوا دماء شعب مصر لسنين طويلة وليخرج القتلة الذين قتلوا شباب مصر فى الشوارع. وليسقط الإعلام الحكومي اللقيط الذي لم يظهر صورة شهيد شاب واحد من مئات الشهداء الذين سقطوا وكأنهم ليسوا مصريين بينما تفرد المساحات الحوارية للذين ارتبطت مصالحهم بمصالح النظام المجرم يخرجون علينا ليل نهار يحذروننا من كارثة لو استمرت الثورة وكأننا كنا نعيش فى اليابان وليس فى مصر.
الكارثة كانت موجودة واسمها كان النظام وقد قام شباب طاهر لينظف مصر من هذه القاذورات فدعوهم وشأنهم ولا تكونوا عونا للقتلة الذين استباحوا دم شباب مصر.
لا حرية بدون تضحيات.. منا شباب ضحى بحياته وأمهات ضحين بأبنائهن.. منا أصحاب محلات تجارية ضحوا ببعض المكسب.. وكلنا ضحينا ببعض الأمن.. هذه ثورة كل الشعب وعلى كل الشعب أن يضحى كل بما يستطيع.. فلا تخذلوا ثورة مصر من أجل خوفكم من التضحية فهي ضريبة الحرية.
فإما أن ندفع ضريبة الحرية الان من دمائنا وأمننا وأرزاقنا فنعيش أحرارا للأبد (ووجع ساعة ولا كل ساعة) وإما أن نعود عبيدا مرة أخرى نقتل فى الشوارع مثل الحيوانات الضالة وتسرق مقدراتنا وأقوات أولادنا كما عشنا لمدة الـ 30 عاما التى سبقت يوم 25 يناير.
إن النصر مع الصبر وإنما الشجاعة صبر ساعة!gh Hsj'du hk hw]r
المفضلات