بسم الله الرحمن الرحيم
هل النبي محمد :salla: صادق في نبوته؟
أسألك –عزيزي القارىء مسيحيا كنت أم مسلما- عن النبي محمد فأقول:
هل نبوة محمد "صادقة" أم لا؟
- لو كنت مسلما لأجبت مباشرة دون تردد : "بالطبع نعم" (وهذا أمر لاشك فيه).
- أما لو سألنا المسيحي فهو يجيب أيضا مباشرة دون تفكير: "لا".
إجابتان مباشرتان متناقضتان دون تفكير من أي طرف !
فلنحقق إذن في الأمر و لنحقق أولا في إجابة المسيحي:
يقول المسيحي بأن محمدا يكذب في ادعائه النبوة:
و لكن !.. عزيزي المسيحي. قبل أن تجيب على سؤالنا، هل حدث أن سألت نفسك يوما:
لماذا يكذب محمد؟
و ما الذي يدعوه إلى الكذب؟
و هل كانت له –يا ترى- سوابق في الكذب (هل كذب من قبل) ؟...
هل حدث أن سألت نفسك هذه الأسئلة؟
لنبدأ بالسؤال الأول: لماذا يكذب محمد ؟
وهذا بالضرورة يقودنا إلى البحث في أسباب و أهداف هذا الإدعاء:
أولا سنفترض –طبعا- أن محمدا غير صادق... (لأننا نبحث في سؤال "لماذا" الذي يعني أننا نؤمن قبلا أنه غير صادق و الآن نبحث في ما يدعوه إلى ذلك...)
إذا كان محمد غير صادق –كما نفترض-... فهذا يعني أن أهدافه دنيوية طبعا أليس كذلك؟ ( إذ أنه يعرف على الأقل أنه بينه و بين نفسه أنه غير صادق فما معنى أن تكون الأهداف غير دنيوية ؟ !!!).
و الآن... فيم يمكن أن تتمثل هذه الأهداف الدنيوية؟... لا يمكنها إلا أن تكون إحدى هذه الأهداف لا غير:
- إما أنه يطلب الملك و الحكم.
- وإما أنه يطلب المال و الثروة.
- و إما أنه يطلب المجد ( و هذا في حد ذاته غير دنيوي إلى حد ما).
- و ربما كل هذه الأهداف !!!.
لنبدأ بالهدف الأول: لنفرض أن محمدا يطلب الملك من خلال ادعائه النبوة:
محمد يدعي النبوة: "كوسيلة" لتحقيق: "غاية" هي الملك !.
أخي القارىء بصفتك عاقلا متفهما متزنا:
لو كنت تريد تحقيق "غاية" مستعملا "وسيلة" ما، ثم تتحقق لك "الغاية"، ماذا ستفعل؟:
- هل تحافظ على "الغاية" و تترك "الوسيلة" ؟
- أم تترك "الغاية" و تحافظ على "الوسيلة" ؟
لديك حالتان فماذا تختار ؟ ... لعله من المستحيل على العاقل المتزن أن يختار الثانية !!!
لنعد الآن و نطبق هذا على نبوة محمد:
هل تحقق له "الملك" ؟ نعم... هل قَبِلَه ؟ لا !!! ..كيف ذلك؟ !!! ... تحقق معي أخي القارىء ماذا جرى:
أتذكر –أخي القارىء- يوم قررت قريش إجراء مفاوضات في عدة اتجاهات مع أبي طالب (عم النبي و سيد بني هاشم).هذه المفاوضات ارتكزت على الإغراءات و المساومات .. ثم عندما انتهت المفاوضات بين قريش و أبي طالب دون نتيجة .. قررت قريش أن تتفاوض مع النبي مباشرة، .. اختار السبعة الكبار من قريش "عتبه بن الربيعة" لإرساله إلى النبي (و هو رجل تجاوز الثمانين من العمر و له مكانته) ، فذهب إلى النبي عند الكعبة في وقت الغروب، و قال له :
""يا ابن أخي إنك منّا حيث علمت، من العشيرة و النسب، و إنك جئت قومك بأمر عظيم، لم يحدث من قبل، و إني عارض عليك أموراً فانظر فيها لعلك تقبل بعضها:
إن كنت تريد بما جئت به مالاً ، جمعنا لك من أموالنا ، حتى تصبح أكثرنا مالاً ، و إن كنت تريد بما جئت به جاهاً , سودناك علينا فلا نقطع أمراً دون أن نستشيرك و إن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا فتصير ملك مكة، و إن كان هذا الذي يحدث لك شيئاً من الجن طلبنا لك الطب و نذرنا فيه أموالنا حتى تشفى وإن كنت تريد أن تتزوج امرأة جميلة زوّجناك أجمل فتيات قريش.""
و بعد أن انتهى من كلامه قال له النبي : ""أفرغت يا أبا الوليد؟"" قال: ""نعم"" ... قال: ""فهل تسمع مني؟"" قال: ""نعم"" .. فقرأ عليه النبي جزءا من سورة (فصلت)...فقفز الوليد و خاف و ناشد النبي ألا يزيد ثم عاد إلى قريش، و حين رآه أبو سفيان عن بعد.. قال : "لقد جاءكم بغير الوجه الذي ذهب به" . و سألته قريش : "ما وراءك يا وليد؟" قال : ""ورائي ؟ .. ورائي إني سمعت كلاماً لم أسمع مثله قط، و الله ما هو الشعر و لا السحر، و الله إن له لحلاوة و إن عليه لطلاوة و إن أعلاه لمثمر و إنه ليعلو و لا يعلى عليه يا معشر قريش أطيعوني اليوم ثم اعصوني بعد ذلك، خلوا بين الرجل و بين ما يريد .. فوالله إن له لأمر عظيم.""
و جميعنا يتذكر ذلك القول الشهير للنبي عندما أتاه عمه أبو طالب و قال له """ يا ابن أخي ابق على نفسك و علي و لا تحملني من الأمر ما لا أطيق""". فرد النبي : """ والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يُظهره الله أو أموت في سبيله""".
وإذن !!!... هذا بالضرورة يجعلنا نستنتج أن فرضية طلب محمد للملك –من خلال ادعائه النبوة- خاطئة تماما.
ومع ذلك فبعض المعارضين العنيدين يقولون أن محمدا لم يكن إذن يطمح في ملك مكة فحسب .. بل كان ينشد السلطان الكامل !
ولكن !!! .. قبل أن نقول إن محمدا طلب الملك و السلطان بادعاء النبوة .. يجدر بنا أن نتعرف على الملك و السلطان و مظاهره أولا:
ما هي مظاهر الملك و السلطان التي اشترك فيها ملوك و سلاطين التاريخ كله:
- القصر بما فيه من خدم و حشم وحراس وحجبة، و ما فيه من أفرشة وثيرة و رياش، و ما فيه من بهاء و تميز و عظمة و فخامة و تعالي على منازل كل الرعية أغنياؤهم و فقراءهم.
- الألبسة الفاخرة المرصعة بالجواهر الخاصة بـ "جلالة" الملك و حاشيته الأقربين.
- الأطعمة الفاخرة التي لا ينالها كل الناس.
- المَلِك -وحتى حاشيته- يسهل التعرف عليهم بين الناس أثناء نزولهم إلى الشوارع (لمن لا يعرفهم مسبقا) و ذلك بـ: جيادهم المطهمة، وكثرة حراسهم، و عرباتهم الفاخرة، و هتاف الجمهور لهم.
- الثروة الطائلة التي يُجمع أغلبها عن طريق فرض الضرائب على الرعية، أو بامتيازات أخرى.
- استحالة غالبيتهم العظمى النزول إلى الشوارع دون حماية ( أو بنفس هيئة ولباس الرعية) سواءا تكبرا أو خوفا من بعض الرعية الحاقدين.
- وراثة المُلْك: و تكون للإبن أو الأخ أو الأقرب فالأقرب.
- وراثة الثروة: مثلها مثل "المُلْك" تماما.
- قطع الأمر في أغلب الأحيان دون الرجوع لاستشارة أحد.
كانت هذه هي مظاهر الملك المشتركة عند كل ملوك العالم، من فجر التاريخ و حتى يومنا و ساعتنا هذه!
فلنبحث عن هذه المظاهر في محمد من يوم نبوته إلى يوم وفاته، هل حققها؟ هل كان قادرا على تحقيقها؟:
منزل بلا أثاث أو رياش!!! نعم ! .. عاش النبي في منزل لا يعرف الأثاث ولا الرياش، فلم يكن فيه بساط قط، ولا كان يستر حيطانه من الطين شيء من الأصباغ بل ولا تسويه بالملاط.القصر بما فيه من خدم و حشم وحراس وحجبة، و ما فيه من أفرشة وثيرة و رياش، و ما فيه من بهاء و تميز و عظمة و فخامة و تعالي على منازل كل الرعية أغنياؤهم و فقراءهم.
ولما دخل على النبي عدي بن حاتم الطائي وهو ملك طيء وسيدهم وحبرهم، وقد علق صليباً من الذهب في صدره، واستضافه النبي إلى منزله لم يجد النبي ما يقدم لضيفه ليجلس عليه إلا وسادة واحدة من ليف وضعها النبي لضيفه ليجلس عليها، وجلس رسول الله على الأرض!!.
منزل بلا مطبخ ولا نار!! .. فَلم يعرف بيت النبي مطبخاً قط، ولا كان فيه فرن قط، وكان يمر شهران كاملان ولا يوقد في بيت الرسول نار قط، وكان يعيشون الشهر والشهرين على الماء والتمر فقط.. قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كنا نتراءى الهلال والهلال والهلال ثلاثة أهلة في شهرين، ولا يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار!! قيل: فما كان طعامكم. قالت: الأسودان: التمر والماء!!!
ولم يكن يجد آل محمد التمر في كل أوقاتهم، بل كان رسول الله يمضي عليه اليوم واليومين وهو لا يجد من الدقل (التمر الرديء) ما يملأ به بطنه.
ولم ير رسـول الله الخبز الأبيض النقي قط، وسأل عروة بن الزبير رضي الله عنه خالته عائشة رضي الله عنها هل أكل رسول الله خبز النقي؟ فقالت: ما دخل بيت رسول الله منخلاً قط، ولا رأى رسول الله منخلاً قط.. قال: فكيف كنتم تأكلون الشعير؟ قالت: كنا نطحنه ثم نذريه (مع الهواء) ثم نثريه ونعجنه!! ومع ذلك فإن رسول الله لم يشبع من خبز الشعير هذا يومين متتالين حتى لقي الله عز وجل!!
قالت أم المؤمنين رضي الله عنها: "ما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتالين حتى مات رسول الله" .. وكانت تمر الأيام على أبيات رسول الله ولا يجدون ما يأكلونه لا تمراً ولا شعيراً إلا الماء .. ومع ذلك فان رسول الله لم يشبع من خبز الشعير هذا يومين متتاليين حتى لقي الله عز وجل...!!!
كان هدي النبي أن يلبس ما تيسَّر من اللباس. ولم يكن يميز نفسَه بلباس خاص عن بقية المسلمين، بل كان مَن لم يره مِن قبل لا يعرفه حتى يُشار إليه، ويُخْبَر أنه النبي ؛ لأنه لم يكن متميزًا مشهورًا بمظهره".. ( "لباس الرجل" 1/ 611 و612 ).الألبسة الفاخرة المرصعة بالجواهر الخاصة بـ "جلالة" الملك و حاشيته الأقربين.
... بل كان مَن لم يره مِن قبل لا يعرفه حتى يُشار إليه، ويُخْبَر أنه النبي ؛ لأنه لم يكن متميزًا مشهورًا بمظهره".( "لباس الرجل" 1/ 611 و 612 ).المَلِك -وحتى حاشيته- يسهل التعرف عليهم بين الناس أثناء نزولهم إلى الشوارع (لمن لا يعرفهم مسبقا) و ذلك بـ: جيادهم المطهمة، وكثرة حراسهم، و عرباتهم الفاخرة، و هتاف الجمهور لهم.
و التاريخ يشهد لرسول الله أنه لم تكن له جياد يتفاخر بها أمام أصحابه و لا حرس و لا عربات و لا هتاف جمهور ... إلى يوم وفاته .
لم يكن يجد آل محمد التمر في كل أوقاتهم، بل كان رسول الله يمضي عليه اليوم واليومين وهو لا يجد من الدقل (التمر الرديء) ما يملأ به بطنه .. ولم ير رسـول الله الخبز الأبيض النقي قط .. وسأل عروة بن الزبير رضي الله عنه خالته عائشة رضي الله عنها هل أكل رسول الله خبز النقي؟ فقالت: ما دخل بيت رسول الله منخلاً قط، ولا رأى رسول الله منخلاً قط .. قال: فكيف كنتم تأكلون الشعير؟ قالت: كنا نطحنه ثم نذريه (مع الهواء) ثم نثريه ونعجنه!! ومع ذلك فإن رسول الله لم يشبع من خبز الشعير هذا يومين متتالين حتى لقي الله عز وجل!!الأطعمة الفاخرة التي لا ينالها كل الناس.
و الحق يقال أن الرسول لم يفرض ضريبة على أحد .. و من يقول "الزكاة" فإنها فرض على الأغنياء يعود للفقراء من المسلمين لا للنبي .الثروة الطائلة التي يُجمع أغلبها عن طريق فرض الضرائب على الرعية، أو بامتيازات أخرى.
فتروي كتب السيرة ان الرسول قبل وفاته بيوم واحد قد تصدق بسبعة دنانير كانت كل ما يملك. و وهب سلاحه للمسلمين وكانت درعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير،وذلك حتى لايرثه احد فمعشرالانبياء لا يورثون.
و لست مضطرا لكي أبين لك -عزيزي القارىء- أن النبي كان ينزل الأسواق مثله مثل الناس يبيع و يشتري و يعمل ليكسب رزقه.عدم قدرة غالبيتهم العظمى النزول إلى الشوارع دون حماية ( أو بنفس هيئة ولباس الرعية) سواءا تكبرا أو خوفا من بعض الرعية الحاقدين.
و من بيعه و شرائه ما ذكره الترمذي عن بيع النبي لقدح و حلس في السوق: ( وَقَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْحِلْسَ وَالْقَدَحَ فَقَالَ رَجُلٌ آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ).
قال الرسول "ما أكل أحدٌ طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده".وسئل رسول الله ( عن أطيب الكسب؟ فقال: "عمل الرجل بيده, وكل بيع مبرور") ...( مسند أحمد 4/173 ) .
و كما سيأتي التبيين فيما بعد .. فإن النبي كان يكره أن يكون متميزا بين أصحابه و كان يمشي معهم في السوق و يعمل مثلهم و يلبس مثلهم.
صحيح أن محمدا لم يكن له أولاد عند وفاته ( و تلك حكمة من الله تعالى ) و لكن كان له أقارب كثر من عائلته و دمه مثل ابن عمه علي بن أبي طالب و اعمامه الآخرين .. و كان قادرا أن يسن -دون اعتراض أحد- "يخترع" ملكا لأهله من بعده.وراثة المُلْك: و تكون للإبن أو الأخ أو الأقرب فالأقرب.
هل فعل؟... لا ... و الواقع خير شاهد:
و لعل خلافة أبي بكر .. أكبر دليل على أن الرسول لم يورث ملكا و لا سلطانا .. و حتى أبوبكر لم يرد الخلافة أصلا .. و عرض على الناس أن يبايعوا عمر أو أبا عبيدة .. إلا أن عمر ألح عليه أمام الناس بالخلافة و أقنعه بذلك.
ويقر التاريخ ان ابا بكر أصلا ما كان يريد الخلافه لغرض دنيوي وانه لما تولاها لم يرى لنفسه في شيء او منزله فوق منزلة الناس بل وضع نصب عينيه انه اصبح خادما للرعيه امينا على مصالح المسلمين .. و لقد كانت اول خطبه خطبها ابو بكر بعد ان تمت له البيعه قال : "ايها الناس اني وليت عليكم ولست بخيركم فان احسنت فاعينوني وان اسات فقوموني الصدق امانه والكذب خيانه والضعيف فيكم قوي عندي حتى ارجع عليه حقه ان شاء الله والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه ان شاء الله لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله الا ضربهم الله بالذل ولا تشيع الفاحشة في قوم الا عمهم الله بالبلاء اطيعوني ما اطعت الله ورسوله فان عصيت الله ورسوله فلا طاعة لى عليكم "
كما أسلفنا الذكر .. قلنا أن كتب السيرة تروي ان الرسول قبل وفاته بيوم واحد قد تصدق بسبعة دنانير كانت كل ما يملك. و وهب سلاحه للمسلمين وكانت درعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير،وذلك حتى لايرثه احد فمعشرالانبياء لا يورثون.وراثة الثروة: مثلها مثل "المُلْك" تماما.
عن أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا نورث , ما تركناه صدقة }. ( مسند أحمد 2/463 ).
وعن عائشة : { أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أردن أن يبعث عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن , فقالت عائشة : أليس قال النبي : لا نورث , ما تركناه صدقة } . (البخاري 6730 ).
و قطعة الأرض التي كان يملكها النبي و لم يورثها لابنته فاطمة من أشهر الأدلة على ذلك.
و لا ينكر أحد أن النبي كان يشاور كل أصحابه في كل صغيرة و كبيرة عن أمورهم العامة .. وحسبي أن أقف عند آفاق وأبعاد مفهوم الشورى كما ورد بشكل مجمل في آيات من القرآن الكريم:قطع الأمر في أغلب الأحيان دون الرجوع لاستشارة أحد
- (فَبِمَـا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) "آل عمران 159".
- (وأمرهم شورى بينهم) "الشورى 38".
و بعد...
لو نسألك -أخي القارىء- عما إذا كان النبي قادرا على تحقيق هذه المظاهر (مظاهر المُلْك) أم لا؟
بالطبع لا يمكنك الانكار أن النبي كان قادرا على تحقيق هذه المظاهر.
فالنبي كان قادرا فعلا على تحقيق كل هذه المظاهر أنى شاء و دون اعتراض أحد ..و الأموال كانت تأتي بجميع أشكالها عن طريق الغزوات و النبي كان قادرا تمام المقدرة على سن آيات قرآنية -دون اعتراض أحد- تبيح له هذه المظاهر -أو بعضا منها- التي يتمناها أي انسان ... فماله لم يفعل ذلك؟ بدءاً من بداية النبوة و حتى يوم وفاته؟؟؟
و الآن...
إذا لم تتوفر هذه المظاهر، أو على الأقل مظهر منها، فما الهدف من طلب الملك أصلا إذن؟؟؟!!! ... ألا توافقني الرأي أن المُلْك الذي ليست فيه هذه المظاهر، لا يستحق ادعاء النبوة كذبا للحصول عليه ؟؟؟ ...بل أكثر من ذلك ... المظاهر التي وجدناها في النبي -بدل مظاهر الملك المفترض وجودها- ما كانت لتدل إلا على أنه لم يكن في أكثر الأحوال، أكثر من مسؤول على المسلمين يراعي أحوالهم و يصاب بمصائبهم، و يعمل على توجيههم، و هذا في حد ذاته لا يمكن أن يسمى مُلْكاً أبدا، بل الأصح أن يسمى "عبئا" ثقيلا على الكاهل.
فكيف -برأيكم-يمكن أن يدعي النبوة كذبا ليحصل على "عبء" !!!
إن هذا ليجعلنا نستبعد تماما زعم طلب محمد للملك بادعاء النبوة ... بل يجعلنا نخجل من مجرد التفكير في الأمر مجددا !!!.
لنذهب إذن إلى الهدف الثاني و لنفرض أن محمدا :salla: طلب الثروة من خلال ادعائه النبوة:
نلاحظ من نفس الحوادث السابق ذكرها أنه رفض عرض المال و الثروة رفضا قطعيا حتى أنه لم يفكر أصلا في الأمر. وهذا وحده يفند فرضيتنا : طلب المال و الثروة من خلال ادعاء النبوة.
إضافة إلى هذا و من جهة أخرى: لنلق نظرة على حياته كاملة قبل النبوة كيف كانت ؟
كان محمد تاجرا غنيا يجني الأرباح الطائلة من خلال تجارته بمال زوجته خديجة... بل هي طلبته أصلا للزواج إعجابا به لما حققه من أرباح طائلة لم يحققها أي شخص آخر تاجر بمالها من قبل... يعني هو كان ذا ثروة قبل أن يصبح نبيا... فكيف يكون هدفه من ادعاء النبوة هو الثروة التي لم يطلبها قط أثناء نبوته بدليل أملاكه المتواضعة (وجميعنا يعلم أنه لو أراد الثروة و المال لحققها بنبسة بنت شفة !!!).
إذن هذه الفرضية خاطئة تماما.
لنذهب إذن إلى الهدف الثالث: و لنفرض أنه يطلب المجد بادعاء النبوة:
و لنعد بالضرورة إلى حاله قبل النبوة:
هل كان ناقص مجد؟ ألا يكفيه فخرا أنه كان يدعى و ينادى "بمحمد الصادق الأمين" قبل نبوته ؟ ألا يكفيه فخرا أنه كان موضع اجلال وتوقير و احترام و إعجاب قومه بدءا من أدناهم ووصولا حتى أشرافهم؟ ( ومع ذلك... فليس هو من يفتخر).
و بالطبع –أخي القارىء- ستشاركنا الرأي إذا ما رأيت ذلك بنفسك... فقط تحقق –أخي- بعض ما جرى معه في الجاهلية و احكم بنفسك:
لعلك تذكر أيها القارىء الكريم يوم رأت قريش إعادة بناء الكعبة على أساس قواعد إبراهيم عليه السلام. ثُمَّ إنَّ قريشاً قسمت البناء بينها حتى تتمكن من إتمامها، فأخذت كل جماعة منها تتولى بناء الجزء الذي خصص لها، وظل الجميع يعمل في جدٍ ونشاط حتى بلغ البناء موضع الحجر الأسود، وهنا اختلفت العشائر من قريش فيمن يضع الحجر الأسود في موضعه، وأرادت كل قبيلة وضعه لتفوز بهذا الشرف وحدها، وكاد الخلاف أن يؤدى إلى نزاعٍ دموي، وأوشك القتال أن يشب بين العشائر لولا أن اقترح "أبو أمية بن المغيرة" (وكان وقتها أسن رجل في قريش) أن يجعلوا بينهم حكماً أول داخل عليهم. فوافق الجميع على هذا الرأي، وكان النبي أول داخل من باب بني شيبة، فلمَّا رأوه قالوا: "هذا الأمين، رضينا به حكماً". فلمَّا انتهى إليهم أخبروه الخـبر وعرضوا عليه موضوع النزاع، فبسط النبي ثوبه على الأرض، ثُمَّ وضع عليه الحجر الأسود، وطلب أن تأخذ كل عشيرة بناحية من الثوب ثُمَّ يرفعوه جميعاً ففعلوا، ولمَّا بلغوا موضعه تناول النبي الحجر الحجر بيديه ثُمَّ وضعه في مكانه. وبذلك حسـم الخلاف بين قريش وأرضاهم جميعاً.... و أثنى عقلاؤهم عليه.
و قد عُرف النبي في شبابه بين قومه بالصادق الأمين، وأشتهر بينهم بحسن المعاملة ، والوفاء بالوعد ، واستقامه السيرة ، وحسن السمعة ، مما رغب خديجة في أن تعرض عليه الأتجار بمالها في القافلة التي تذهب إلى مدينة بصر كل عام على أن تعطية ضعف ما تعطي رجلاً من قومها ن فلما عاد إلى مكة وأخبرها غلامها ميسرة بما كان من أمانته وإخلاصه، ورأت الربح الكثير في تلك الرحلة ، أضعفت له من الأجر ضعف ما كانت أسمت له ، ثم حملها ذلك على أن ترغب في الزواج منه ، فقيل أن يتزوجها وهو أصغر منها بخمسة عشر عاماً ، وأفضل شهادة له بحسن خلقه قبل النبوة قول خديجة له بعد أن جاءه الوحي في غار حراء وعاد مرتعداً : ""كلا والله لا يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ( الضعيف ) ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق "".
و هذا ما كان من أمره قبل النبوة، تأكدنا الآن من موضعه بين قومه إذن، فلنذهب الآن إلى زمن ما بعد النبوة:
هل أبدى تصرفات وأفعال تبين أنه كان يبحث عن مجد أو جاه؟
إن كونه صاحب المجد بين قومه و من يتبعه من المسلمين يعني أنهم لا يقضون أمرا دون الرجوع إليه و استشارته إن كان يرضى أم لا...
لنبحث في ذلك...
هل ذلك ما وقع فعلا؟... لا !!! … ذلك غير صحيح !!! … لا .. لا .. !!! .. بل الأمر أكثر من ذلك !!! … الأمر معكوس تماما !!! ... كيف ؟ !!!
فنراه لا يقضي أمرا إلا بعد استشارة أصحابه كلهم... و لن يُقضى هذا الأمر إلا بعد موافقتهم و رضاهم عنه !!! هذا إذا كان هذا الأمر نابع منه أصلا !!! إذ أنه في بعض المناسبات نراه و الصحابة مجتمعين على أمر فإذا هم أصحاب الأمر و هم من يوافق عليه و ما على النبي محمد إلا أن يقبل برأي الجماعة !!! أين طلب المجد في هذا –بربكم- ؟
الأحداث التالية مجرد مثال على ما أوردناه الآن:
- تذكر –أخي- عندما أشار سلمان الفارسي بحفر خندق حول المدينة وهو مقترح لم تعهده العرب من قبل في حروبها ، لقد درس سلمان موقع المدينة وألقى من فوق هضبة عالية نظرة فاحصة فألفاها محصنة بالجبال والصخور المحيطة بها ، غير أن هناك فجوة واسعة ممتدة ومهيأة يستطيع جيش الأحزاب أن يقتحم منها ويستولي على المدينة .. أما الخندق فيكون حصنا منيعا للمسلمين لا يستطيع الأحزاب النفاذ منه. لقد كانت الموقعة في السنة الخامسة للهجرة عندما خرج بعض زعماء اليهود قاصدين مكة مؤلبين المشركين ومحزبين الأحزاب متعاهدين على أن يعاونوهم في حرب حاسمة تستأصل دين الاسلام ووضعت خطة الحرب الغادرة التي تقضي بأن يهاجم جيش قريش وغطفان المدينة المنورة من خارجها بينما يهاجم اليهود من الداخل من وراء صفوف المسلمين، وعلم النبي والمسلمون بأمر هذا الجيش الكبيرالذي يقترب من المدينة بأكثر من عشرين ألف مقاتل... وأجمع المسلمون على القتال والدفاع ولكن كيف ؟ وهنا تقدم سلمان الفارسي فأشار بحفر خندق حول المدينة ولقي هذا الاقتراح الغريب كل الترحيب من طرف الصحابة و رحب به النبي أيضا وبدأ الجميع في العمل يتقدمهم النبي.
- و تخيل –أخي- أن محمدا الذي يريد المجد بنبوته: يشمر عن ساعده ليحفر الخندق مثله مثل أصحابه... يحفر و يحفر حتى يعرق جبينه و يشتد به التعب و الجوع و لا ينتهي عن العمل حتى يرى التعب قد نال من أصحابه ليستريحوا معا و ليأكلوا معا ...
- و تخيل –أخي- أن محمدا الذي يطلب المجد بنبوته: أنه –في حادثة أخرى- و بينما هو و أصحابه في سفر، إذ جلسوا للإستراحة، فتشاور الأصحاب في إعداد شاة لطعامهم و تقاسموا العمل، و كل واحد منهم يقول. "و أنا علي فعل كذا.." فإذا بالنبي يقول: "وأنا علي جمع الحطب". فيرفض أصحابه ذلك و يدعونه إلى الاستراحة بينما هم يكفونه ذلك العمل... فيرفض ذلك رفضا قطعيا و يصر على العمل و لا يرضى إلا أن يكون مثل أصحابه.
- و تخيل أن محمدا الذي يريد المجد بنبوته: أن –في حادثة أخرى- رجلا جاءه من بعيد يرتعد (يحسب انه سيدخل على ملك من الملوك، فلم يكن يعلم عن سيرته شيئا) فقال له النبي:""هون عليك فاني لست بملك انما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة"" والقديد هو اللحم المجفف اي انها كانت تأكل اللحم الناشف.
- وكان النبي في خدمة اهله يرقع ثوبه ويخصف نعله ويحلب شاته ويخدم نفسه ...
- و مما يقوله الصحابة أن النبي اذا سلم لا ينزع يده حتى ينزعها الذي يسلم عليه واذا سلم سلم بكلّيته ولا يصرف وجهه عنك حتى تصرف انت وجهك وكان يجلس حيث انتهى به المجلس!!!
- و تخيل ... و تخيل ...
و أخيرا نرجع إلى قول محمد نفسه:
"""لا تمجدوني كما مجدت النصارى المسيح"""
أبعد هذا نقول أنه يمكن لمحمد أن يطلب "المجد" بادعائه النبوة؟
عيب .. و الله عيب علينا إذا قلنا ذلك و إنه لمِنَ المخجل حقا أن نبقى بفرضيتنا متمسكين ... و إن هذه الوقائع لا تحملنا إلا على استبعاد هذه الفرضية بشكل مطلق.
و بعد ...
فإذا كانت كل فرضياتنا المحتملة -بشأن أهداف محمد الدنيوية من خلال ادعائه النبوة- خاطئة، فهل يمكنك –عزيزي القارىء- مجرد تصور أن محمدا ليس له أي هدف دنيوي من ادعائه النبوة؟
مستحيل أن يدعي انسان عاقل النبوة دون هدف دنيوي !!
إذن لا يوجد جواب للسؤال: "لماذا يكذب محمد و ما الذي يدعوه إلى الكذب؟" لأنه في الحقيقة ... محمد لا يكذب !! و لكن لا بأس سندع هذا الاستنتاج فيما بعد و لنواصل التحقيق مع الأسئلة الضرورية الأخرى:
السؤال الثاني كان: هل كانت لمحمد "سوابق مع الكذب"؟
إذْ أن محمدا كان معروفا "بالصادق الأمين" فهذا يعني أنه لم يكذب قط خلال أربعين عاما من حياته قبل النبوة و ذلك بشهادة قومه.
و من الصعب جدا أن نتصور انسانا لم يكذب طيلة أربعين سنة -هي كل حياته- يجرؤ على كذبة عظيمة كهذه !!
فأنت –أخي القارىء- مهما كنت صادقا، فإنك حدث و أن كذبت و لو مرة في حياتك، و لن أضطرك إلى الاعتراف لأنك بينك و بين نفسك تعرف أنك فعلت أم لا... و مع ذلك فلا يمكنك أن تجرؤ و تدعي النبوة كذبا حتى و لو كنت تتقن الكذب ! . فحتى "الكذاب المحترف" لا يجرؤ على اطلاق أكذوبة بمثل هذه العظمة .. فما بالك بانسان لم يكذب قط طيلة حياته بشهادة قومه؟؟؟ أتُراه يكون جريئا على هذه الكذبة و قومه ينادونه بالصادق الأمين؟؟؟
ثم كيف يعمد محمد إلى تلطيخ سمعته مع قومه بكذبة لم نر لها هدفا؟؟؟ هل لك الجرأة –أخي القارىء- أن تجعل سمعتك على حافة الهاوية مع زملائك و قومك -الذين يكنون لك كل الاحترام و التقدير- بكذبة لا تعرف عواقبها ؟؟؟
و لا أريد أن أزيدك شرطا آخر: و يحدث أنك أمي لا تعرف القراءة و لا الكتابة و المطلوب منك اختراع دين جديد من وحي خيالك؟ أتُراك تجرؤ؟.. و ما هي احتمالات نجاحك؟.. أليست الاحتمالات معدومة؟ كاحتمال نجاة رجل دون سلاح في غابة مليئة بالوحوش المتربصة به؟
نعم . . نعم أحس أنك تريد الإعتراض قائلا: "وماذا لو أن محمدا استعان بـ"ورقة بن نوفل" أو "بحيرى" في تأليف قرآنه ؟" ... و أقول لك عزيزي المعترض: مع أن الإعتراضين خاليان من الدليل، فإني أضيف لك:
- لو أخذنا بحيرى كفرضية:
- أولا : لسانه أعجمي فمستحيل أن يؤلف كتابا بهذه البلاغة اللفظية ! ...
- ثانيا: النبي تقابل معه -في حادثة يعتبرها العلماء "مختلقة" و ليس لها دليل يدل على صحتها- حينما كان شابا يافعا مسافرا مع عمه للتجارة .. وحتى لو افترضنا صحة الحادثة دون دليل ..فإن الراهب بحيرى لم يتحدث إليه إلا قليلا عندما كان مع عمه .. لقد عرف بحيرى كل هذا ولهذا لما رأى النبي الموعود خاف أن تقتله يهود حقدا وحسدا لأنه ليس من بني إسرائيل ولذلك نصح أبوطالب بالعودة به سريعا..فاستجاب أبو طالب... والراهب بحيرى لم يكن من سكان مكة بل وكان يسكن على مسافة بعيدة عنها فكيف تمكن من تعليم صبي كتاباً ضخماً في زيارة واحدة ؟! ولماذا انتقى بحيرى محمداً بالذات وأعطاه هذا التشريع ، ولم يعطه لابنه أو قريبه أو يدعيه لنفسه ؟؟؟!!!
- و لم يعاصر بحيرى التسلسل الزمني للحوادث الواردة في القرآن الكريم فكيف يكون القرآن الكريم من عنده ؟ و في القرآن الكريم آيات لا توافق عقيدة المسيحية بل تبطل التثليث بشكل واضح فكيف يكتبها بحيرى ؟
- ويقول توماس كارلايل بهذا الشأن: (( لا أعرف ماذا أقول بشأن سيرجيوس [ بحيرى أو بحيرى ، مهما كان اللفظ ،وقد أُطلق عليه أيضاً اسم سرجيوس] ، الراهب النسطوري الذي قيل إنه تحادث مع أبي طالب ، أو كم من الممكن أن يكون أي راهب قد علم صبياً في مثل تلك السن ، لكنني أعرف أن حديث الراهب النسطوري مبالغ فيه بشكل كبير ، فقد كان عمر محمد صلى الله عليه وسلم 14 عاماً [كان عمره إما 9 أو 12 عاماً على أكثر تقدير] ولم يعرف لغةً غير لغته ، وكان معظم ما في الشام غريباً وغير مفهوم بالنسبة له )).
- و لو أخذنا ورقة بن نوفل كفرضية:
أقول لك: ماذا لو أن ورقة بن نوفل توفي في السنة الثالثة للبعثة؟ من أين أتى قرآن عشرين سنة بعد ذلك؟؟؟ هل يعقل أن يموت الأصل و يبقى الفرع على حاله؟!!.- ومما يدحض أيضا فكرة ان "المعلومات" من عند بحيرى أو ورقة و"الصياغة" من عند النبي..أن النبي لم يقل الشعر قط ... والعرب كانوا شعبا يقولون الشعر ويحفظونه وليس غريبا أن يكتب محمد قصيدة .. فلم لم يقل بيتا من الشعر طوال 40 سنه ثم خرج بما أذهل العرب مرة واحدة؟! .. ثم شتان بين أسلوب الحديث النبوي و الأسلوب القرآني، فهما أسلوبان مختلفان تماما.
و كون محمد عاجزا عن القراءة و الكتابة و ليس له أي مصدر علمي يعينه على اختراع دينه الجديد يجعل من المستحيل أن ينجح في نبوته هذه إذا كانت من وحي خياله... كما أن هذا ينفي بشدة و بما لايدع مجالا للشك أنه نقل القرآن من الانجيل كما يدعي بعض أصحابك من كبار المسيحيين.
لخص معي –أخي القارىء- ماوصلنا إليه:
محمد الذي لا يعرف القراءة و لا الكتابة و ليس له من مصدر علمي، يجرؤ و يغامر و يتعمد أن يأتي بدين جديد –من وحي خياله و تأليفه- إلى قومه الذين كانوا يكنون له كل الاحترام و التقدير ! .. كل ذلك دون هدف !!!.
هل تصدق أن احتمالات حدوث هذا الأمر واردة مع انسان عاقل ؟؟؟
إن كنت تصدق : فعلى العقل السلام.
سؤال آخر بالمناسبة:
هل يُعقل أن شخصا يدعي النبوة كذبا، أن يضع مستقبل صدقه أو كذبه على المحك؟
بعبارة أخرى:
ما هي احتمالات أن تبلغ بك الجرأة –وأنت تدعي النبوة كذبا- أن تطلق تنبؤات مستقبلية تضع بها مستقبلك على شفير الهاوية؟؟ خصوصا و أنك غير مضطر و لا أحد طلب منك ذلك؟؟
فلننظر إلى أمر محمد: تابع معي:
- لعلك تذكر-أخي القارىء- يوم قررت قريش مقاطعة المسلمين و نفيهم إلى شعاب (جبال) مكة، و استمرت المقاطعة 3 سنوات امتنعت قريش خلالها عن التعامل مع المسلمين (من شراء و بيع و زواج). و لقد عانى المسلمون لأجل ذلك كثيرا .. و كان المفروض أن تكون مدة المقاطعة غير محدودة ( أو محدودة بتخلي المسلمين عن دينهم و رجوعهم إلى الشرك).. و لكنها انتهت ! .. كيف؟؟ .. كتبت قريش معاهدة المقاطعة على ورقة و علقتها داخل الكعبة و أغلقت عليها الباب بالمفتاح .. و حدث أنه في السنة الثالثة أوحى الله إلى النبي أن الورقة أكلتها الأرضة (حشرة) و لم تبق منها إلا كلمة "باسمك اللهم"، فروى النبي ذلك لأبي طالب .. فعرض عليه أبو طالب أن يبلغ ذلك لقريش فأجاب النبي بالموافقة .. فأبلغ أبو طالب ذلك لقريش التي أخذت منه عهدا بأنه إذا لم يكن الأمر صحيحا فإن أبا طالب سيتخلى عن حمايته للنبي، و في المقابل، إذا كان ما رواه النبي صحيحا، فإن المعاهدة ستلغى و يعود المسلمون إلى ديارهم .. و اعتقدت قريش أن هذه هي نهاية أمر النبوة .. و فتحوا الباب ليجدوا الأمر كما وصف النبي تماما.
- و لعلك تذكر –أخي القارىء- ما وقع في حادثة الاسراء و المعراج عندما طلبت قريش من النبي دليلا على صدقه فأخبرهم كيف أنه مرًّ بقافلة لهم في مكان كذا و كذا، وقد أضلوا جملا لهم ، فوجده فلان ، وإن مسيرهم ينزلون بكذا وكذا . وسيأتون يوم كذا وكذا يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان . . . فلما كان ذلك اليوم ، أشرف الناس ينظرون حتى عندما قرُب نصف النهار أقبلت القافلة ، يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه النبي .. و تأكدوا من صحة كل ما قاله لهم مما حدث للقافلة.
- و لعلك تذكر –أخي القارىء- كيف تنبأت الآية الأولى من سورة الروم "" غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ "" بهزيمة الفرس على يد الروم خلال بضع سنين فقط ( في وقت كادت دولة الفرس أن تزيل الإمبرطورية الرومانية من خارطة الدنيا ... يقول المؤرخ إدوار جِين في كتابه -تاريخ سقوط وانحدار الإمبراطورية الرومانية- : "في ذلك الوقت، حين تنبأ القرآن بهذه النبوءة، لم تكن أية نبوءةٍ أبعدَ منها وقوعاً، لأن السنين العشر الأولى من حكومة هرقل كانت تؤذن بانتهاء الإمبرطورية الرومانية". ... و كان مثل هذا التنبؤ كمَثَلِ التنبؤ اليوم بهزيمة أمريكا على يد لبنان !! فمن منكم يستطيع المجازفة بهذا التنبؤ و الآن ؟) ...
- و طبعا لابد لنا ألا نهمل هنا اعتراضات كبار المسيحيين الذين ما أسرع ما أخافتهم الآية و لم يدخروا جهدا في البحث في هذه الآية عن شبهة.
- و كانت اعتراضات بعضهم على الشكل التالي: "" الآية نزلت غير مشكولة إذن يمكن أن يكون الفعل "سيغلبون": سَيَغْلِبُون أو سَيُغْلَبُون""
- بينما ذهب البعض الآخر أبعد من ذلك فقال: "" يمكن للآية أن تكون قد نزلت بعد المعركة الثانية أو أنها يمكن أن تكون قد أُضيفت للقرآن أثناء جمعه فيما بعد !""
يمكن أن نطمئن أصدقاءنا المسيحيين أن كلا الاعتراضين غير صحيح، و ذلك من عدة أوجه، نكتفي بذكر واحد منها لعدم تفرغ الموضوع إلى ذلك، و هي تلك الحادثة الشهيرة المعروفة التي وقعت مع أبي بكر الذي لم يتردد في الرهان مع المشركين الذين كانوا موالين للفرس لأنهم وثنيون مثلهم... بينما راهن أبو بكر –استنادا الى الآية- على هزيمة الفرس على يد الروم خلال 5 سنوات على الأكثر... و لكنه أخطأ !! إذْ لم تقم المعركة النتظرة بين الروم و الفرس... فنبهه النبي إلى أن كلمة "بضع" تعني مابين الثلاث إلى التسع...فاقترح أبو بكر زيادة مدة الرهان إلى تسع سنوات. فوافق المشركون تبجحا منهم و طمعا في انهاء أمر النبوة !!... فما هي إلا سنتان أخريتان حتى قامت المعركة المنتظرة التي فاز فيها الروم على الفرس و فاز فيها أبو بكر على المشركين في رهانه... و كان ذلك سببا في اسلام الكثيرين... وهذه الحادثة التي عايشها أصحاب النبي و المشركون أنفسهم بقيت محفورة في أذهانهم حتى أنها تواترت عنهم من جيل إلى جيل و ذكرت في كل كتب التاريخ الاسلامي و كسب الحديث و السيرة و اتفق عليها الإمامان مسلم و البخاري. و الحادثة كافية لطمأنة أصدقائنا المسيحيين بعدم صحة كلا الاعتراضين، ومع ذلك، فهناك أيضا أوجه أخرى لتبيين خطأ الإعتراضين سنوردها بالتفصيل –إن شاء الله- في موضوع مستقل كما أشرنا سلفا.- و لعلك تذكر –أخي القارىء- يوم كان النبي على فراش الموت، و جاءت فاطمة بنت النبي، فيقول لها أبوها: ((مرحباً بابنتي)) فهمَسَ في أذنها همسة فحزنت، ثم همس في أذنها همسة أخرى ففرحت. ولما خرجت سألها الصحابة عما أحزنها في الأولى و أفرحها في الثانية .. فقالت: أخبرني أنه سيتوفى من مرضه هذا –فحزنت- ثم أخبرني بأنني أول أهل بيته لحاقا به –ففرحت- ، و فعلا ... فقد توفي النبي الكريم من مرضه ذلك و كانت فاطمة أول أهل بيته لحاقا به بعد 6 أشهر من وفاته.
- و لعلك تذكر –أخي القارىء- يوم قال النبي لزوجاته أيضا: أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا ( أكثركن صدقة) -وكانت زوجة النبي زينب بنت جحش أكثر نساء النبي صدقة- .. و فعلا... كانت أول من توفي من زوجات النبي بعد وفاته .. تماما كما قال النبي .
- و لعلك تذكر -أخي القارىء- يوم روى النبي لأصحابه -عندما سئل عن شروط قيام الساعة- فقال: ""إذا رأيت المرأة تلد ربتها فذاك من أشراطها وإذا رأيت الحفاة العراة ملوك الأرض فذاك من أشراطها. وإذا رأيت رعاء البهم يتطاولون في البنيان فذاك من أشراطها"". و فعلا: نرى اليوم طول البناء يتجاوز السحاب و يتجاوز أفق النظر ... و كيف يتنبأ بهذا رجل قبل 1400 سنة، و هم كانوا يسكنون الخيام و البيوت المتواضعة التي ليس لها حتى الطابق الأول .. فكيف تسقط -أصلا- فكرة التطاول في البنيان على خيال رجل !!!
- ولعلك تذكر -أخي القارىء- يوم تنبأ النبي بعاصفة شديدة وهو منطلق وأصحابُه إلى تبوك -بينما الجو كان صافيا- فقال: ""ستهبُّ عليكم الليلة ريحٌ شديدة، فلا يقُمْ فيها أحدٌ منكم، فمن كان له بعيرٌ فليشُدَّ عِقاله"". قال أبو حميد رضي الله عنه: "فهبَّت ريحٌ شديدة، فقام رجلٌ، فحملته الريح، فألقته بجبلي طيء" ( البخارى ح 1482 ومسلم ح 1392 ) فمن الذي أخبر النبي بهبوب هذه الريح في زمن ما كان الناس يقدرون على التنبؤ بالطقس وحركات الرياح؟؟؟
- و لعلك تذكر -أخي القارىء- خبر كتاب حاطب بن أبي بلتعة الذي أرسله إلى قريش مع امرأة، يخبرهم فيه بعزم النبي على غزو مكة .. فلما كشف الله ذلك لنبيه؛ بعث علياً والزبيرَ والمقدادَ بنَ الأسود، وقال: ""انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة، ومعها كتاب، فخذوه منها""، يقول علي -رضي الله عنه-: "فانطلقنا حتى انتهينا إلى الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: "أخرجي الكتاب" ( البخاري ح 3007 ومسلم ح 2494 ).
- و لعلك تذكر -أخي القارىء- يوم نعى النبي قادة غزوة "مؤتة" الثلاثة - وقد استشهدوا في الشام - وهو في المدينة ، يقول أنس: نعى النبي زيداً وجعفراً وابنَ رواحة للناس قبل أن يأتيَهم خبرُهم ، فقال: ""أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان؛ حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم"".
- و لعلك تذكر -أخي القارىء- خبر "أم حرام بنت ملحان" ، فقد سمعت النبي يقول: ""أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا"". قالت أم حرام: قلتُ: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: ""أنتِ فيهم"". ثم قال النبي: ""أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم"" .. فقلتُ: "أنا فيهم يا رسول الله؟" قال: ""لا"". (البخاري ح 2924 ) ... فمن الذي أعلم النبي بما يكون بعده؟ من الذي أعلمه بأن أمته سوف تغزو البحر من بعده، وأن "أم حرام بنت ملحان" ستعيش حتى تدرك هذا الغزو، فتشارك فيه؟ ثم تموت قبل الغزوة الثانية؟؟
- و لعلك تذكر -أخي القارىء- بينما كان النبي في تبوك، وعندما أنبأ أصحابه بوقوع ستة أحداث مهمة رتب وقوعها، فقال لعوف بن مالك: ""اعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي، ثم فتحُ بيت المقدس، ثم مُوتانٌ يأخذُ فيكم كقُعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يُعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً، ثم فتنةٌ لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدِرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غايةٍ اثنا عشر ألفا"" ( البخاري ح 3176 ) ... و فعلا .. فالأحداث الستة وقعت !! .. بل و كما رتبها النبي !!!، أولها: وفاته ، ثم فتحُ بيت المقدس، وقد كان ذلك في العام الخامس عشرَ من الهجرة، ثم موت عظيم يصيب الصحابة، وتحقق ذلك في طاعون عِمواس في السنة الثامنةِ عشرة للهجرة، ثم استفاضةُ المال حين كثرت الأموال زمن الفتوح في عهد عثمان، ثم الفتنةُ التي تصيب العرب، وقد وقعت زمن فتنة قتل عثمان رضي الله عنه التي كانت بوابة للفتن التي ما تركت بيتاً إلا ودخلته.
- و لعلك تذكر -أخي القارىء- عندما أخبر النبي عن ظهور الدجالين الذين يدَّعون النبوة، فقال محذراً منهم: ""في أمتي كذابون ودجالون، سبعة وعشرون، منهم أربع نسوة، وإني خاتم النبيين، لا نبي بعدي""... و قال "ابن حجر": "وليس المراد بالحديث من ادعى النبوة مطلقاً؛ فإنهم لا يُحصَون كثرة، لكون غالبهم ينشأ لهم ذلك عن جنون .. وإنما المراد من قامت له شوكة، وبدت له شبهة " .. ثم قال (ابن حجر): ""وأول النسوة الأربع اللاتي تنبأن بالكذب سجاحُ التميمية التي ادعت النبوة في وسط الجزيرة العربية"، و قال أيضا: "وقد ظهر مصداق ذلك في آخر زمن النبي، فخرج مسيلمة باليمامة, والأسود العنسي باليمن, ثم خرج في خلافة أبي بكر طليحةُ بن خويلد في بني أسد بن خزيمة, وسجاح التميمية في بني تميم.. ".
- و لعلك تذكر -أخي القارىء- يوم أخبر النبي عن شهادة عمرَ وعثمانَ وعلي وطلحة والزبير، وأن موتهم سيكون شهادة، وأنهم لن يموتوا على فُرُشِهم أو سواه مما يموت به الناس.فقد صعد النبي على حراء، هو وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليُ وطلحةُ والزبيرُ، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ""اهدأ، فما عليك إلا نبيٌ أو صديقٌ أو شهيد"" (مسلم ح 2417 ) فشهد النبي لنفسه بالنبوة، ولأبي بكر بالصديقية، ولعثمانَ وعليَ وطلحةَ و الزبير بالشهادة ... و فعلا كلهم ماتوا شهادة و ليس على فرشهم عن كبر سن أو مرض أو غير ذلك .. فسبحان الله !!!
- ولعلك تذكر -أخي القارىء- يوم مرِض علي -رضي الله عنه- مرضاً شديداً ، فزاره أبو سنان الدؤلي، فقال له: لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه.. فقال له علي: لكني والله ما تخوفتُ على نفسي منه، لأني سمعتُ رسولَ الله الصادقَ المصدوقَ يقول: ""إنك ستُضرب ضربةً ها هنا، وضربةً ها هنا - وأشار إلى صُدغَيه - فيسيل دمها حتى تختضب لحيتُك، ويكونَ صاحبها أشقاها، كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود"". ولأجل هذا الحديث ما كان علي يخاف على نفسه الموت في مرضه !!!
- و لعلك -أخي القارىء- يوم تنبأ النبي بشهادة "أم ورقةَ بنتَ عبد الله بن الحارث" ، فقد كان النبي يزورها كل جمعة، وكان يسميها الشهيدة فيقول: ""انطلقوا نزور الشهيدة"" ... وذلك أنها قالت: "يا نبي الله، أتأذنُ فأخرجُ معك، أمرّضُ مرضاكم، وأداوي جرحاكم، لعل الله يُهدي لي شهادة؟" قال: ""قَرِّي، فإن الله عز وجل يُهدي لك شهادة"".. وقد أدركتها الشهادة فعلا في زمن الخليفة عمر بن الخطاب.
- و لعلك تذكر -أخي القارىء- بينما كان المسلمون يتفقدون من تخلَّف عنهم (في غزوة تبوك)، لاح في الأفق سوادُ رجلٍ يمشي، قالوا: يا رسول الله، هذا رجل يمشي على الطريق، فقال النبي : ""كن أبا ذر""، فلما تأمله الصحابة، قالوا: يا رسول الله، هو واللهِ أبو ذر .. فقال النبي : ""رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده"" ... لقد عرَف النبي شخصَ أبي ذر قبل وصوله إليهم -بما أعلمه الله-، كما تنبأ النبي بأن أبا ذر، كما هو الآن يمشي وحده بعيداً عن أصحابه ، فإنه سيموت وحده بعيداً عنهم، ثم يبعث من ذلك المكان وحده ... وتمضي الأيام لتُحقق نبوءةَ النبي !!!: فتدرك الوفاةُ أبا ذر في "الربذة"، فلما حضره الموت أوصى امرأته وغلامَه: إذا مِت فاغسلاني وكفّناني، ثم احملاني، فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم، فقولوا: هذا أبو ذر .. فلما مات فعلوا به كذلك ، فاطلع ركب من أهل الكوفة، وفيهم ابن مسعود، فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره -أي من إسراعهم إليه- .. فبدأ ابن مسعود يبكي، ويقول: صدق رسول الله :""يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويُبعث وحده"".
- و لعلك تذكر -أخي القارىء- يوم أخبر النبي عن موت "النجاشي" في أرض الحبشة في نفس يوم وفاته، وهذا خبر تحمله الركبان يومذاك في شهر ، يقول أبو هريرة: ( نعى رسول الله النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى، فصف بهم، وكبر أربعاً) ..( البخاري ح 1254 )
- وهناك العديد من النبوءات –لن يسع المجال هنا لذكرها- التي أطلقها النبي الكريم و تحققت فعلا.. و إذا كان يدعي النبوة كذبا فإن احتمال تحقق واحدة منها ضعيف جدا ( بل قل معدوما نظر لطبيعة التنبؤات التي كان يطلقها النبي ) فما بالك باحتمال تحققها جميعا ؟؟؟... و المفروض بمن يدعي النبوة كذبا ألا يجازف أصلا باطلاق و لو تنبؤ واحد حفاظا على نفسه و مستقبله !!.. حتى لو اضطر إلى ذلك اضطرارا لأن في ذلك هلاكه ...فما بالك بالنبي محمد الذي أطلق -غير مضطر- عدة نبوءات ... و كلها تحققت ..
و إذا كنت تعتقد –عزيزي المسيحي- أنه ادعى النبوة كذبا، فهل تجرؤ على مجرد التفكير في أن تفعل ما فعله النبي محمد (التنبؤ) لو كنت مكانه ؟ ... إذا كنت لا تجرؤ فالأَوْلى ألا تستمر في اعتقادك هذا ...
و أخيرا ...
و آخر شيء أتركه بين يديك عزيزي المسيحي هو هذا السؤال لتبحث فيه:
هل يوجد في الدنيا كلها، و في العالم كله، و في التاريخ كله، رجل ادعى النبوة كذبا و تم له من النجاح ما تم لمحمد؟
(لابأس لا يشترط في الرجل المطلوب أن تكون له تنبؤات صحيحة، و لا يشترط فيه أن لا يعرف القراءة و الكتابة و لا يشترط فيه أنه أتى -دون مصدر علمي- بكتاب أعيا الكثيرين ممن حاولوا الاتيان بخطأ واحد منه...)
هه ما رأيك ؟! سنريحك من كل هذه الشروط... هل ستجد الرجل المطلوب ؟ ... نحن نعلم مسبقا أن ذلك يستحيل عليك ... فما بالك لو أضفنا لك هذه الشروط المتوفرة في النبي محمد ؟ ...
لن تقول: "بوذا" أو "كونفوشيوس" اللذان -مع أننا متفقان على عدم صحة عقيدتيهما- و مع أن دينيهما لم يحققا من الانتشار ما حققه دين محمد ، فإنهما كلاهما لم يدعيا النبوة قط ... بل كانا مجرد حكيمين بفلسفة قائمة على القيم الأخلاقية الشخصية و القيم الإنسانية العادلة ... و سمي أتباع هاتين الفلسفتين -اللذين أخذوا في الازدياد تدريجيا- فيما بعد بالبوذيين و الآخرون بالكونفوشيوسيين، و ما لبثت أن تحولت هاتين الفلسفتين فيما بعد الى مذهبين ثم عقيدتين ... فسميتا بالبوذية و الكونفوشيوسية ... و مع ذلك .. لم يحققا من الانتشارما حققه دين محمد .. و لم يدعيا النبوة كما أشرنا .. و لا تتحقق فيهما الشروط التي قررنا اسقاطها عنك أخي القارىء تسهيلا لأمر البحث عليك...
و بعد ...
إذا لم تجد -أخي القارىء- الرجل المطلوب، فهل يعقل أن يكون "محمد" الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي:
ادعى النبوة كذبا .. و أتى بدين جديد من وحي تأليفه و دون أن يعرف حتى القراءة و الكتابة .. و دون أن يكون له أي هدف من هذه المغامرة الخطيرة التي زاد خطرها بإصداره -دون اضطرار- بعض التنبؤات التي يمكن أن تعود عليه:
- بالوبال من قومه اللذين كانوا يكنون له كل الاحترام و التقدير قبل أن يعمد الى ادعائه.
- وبالفضيحة أمام أتباعه اللذين لاقوا ألوان العذاب لأجل الدين الجديد.
و مع ذلك أتى بكتاب خال من الأخطاء؟ و مع ذلك تحققت كل تنبؤاته؟ و مع ذلك حقق دينه انتشارا عالميا خياليا في ظرف عقدين من الزمن؟
طبعا لا ... لا يمكن أن تكون هذه العبارة صحيحة مهما كان هذا الرجل و هذا البشري و لو كان محمدا !!! ... لماذا ؟؟؟
لسبب بسيط : و هو أن:
محمد نبي حقا! .. و لم يدع النبوة كذبا !! نبوة محمد حقيقية و هناك حقا من بعثه بالرسالة !! و من بعثه بالرسالة هو الجبار المهيمن رب العزة القادر على كل شيء .. ملك و خالق السماوات و الأرض و ما فيهما بحق .. بل مالك الملك و ذو الجلال و الإكرام .. فسبحان الباعث .. سبحان الله وحده الذي لا معبود بحق غيره .. هو الله حقا من بعث محمدا إلى العالمين كافة... و لا نملك إلا أن نقول:
نشهد ألا إله إلا الله .. و نشهد أن محمدا رسول اللهhgjprdr hglk'rd hgurgd p,g w]r kf,m lpl] wgn hggi ugdi ,sgl
المفضلات